بقلم محمد المدني – Alkalima Online
لم تعد الأجواء الإيجابية المتعلقة بالملف الحكوميّ تكفي لنصدق أن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي قادر على تأليف حكومة إنقاذية، تحمي لبنان من الفوضى الشاملة والإنهيار التام الذي أصبح واقعًا يوميًا لا يرحم أحدًا من اللبنانيين بمختلف إنتماءاتهم الطائفية والحزبية.
تروي أوساط حكومية بارزة ما يتعرض له الرئيس المكلف نجيب ميقاتي خلال الأيام الماضية، فيقول أن ميقاتي يمتلك القدر الكافي من الذكاء لقراءة الأحداث التي تحصل على طول البلاد وعرضها، إن كانت سياسية، أمنية، أو شعبية، ولعل الكارثة التي وقعت في عكار فجر الأحد وما لحقها من إتهامات متبادلة بين فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري، خير دليل أن حكومة ميقاتي في حال أبصرت النور لن تكون سوى حلبة صراع سياسي حاد بين المسيحيين والسنة، بمعنى آخر بين وزراء ميشال عون وجبران باسيل من جهة والوزراء السنة التابعين لنادي رؤساء الحكومة السابقين من جهة أخرى، ومن المؤكد أن هذا الصراع سيحول دون تحقيق أي تقدم جدي على مستوى الإصلاحات الضرورية عبر قرارات مصيرية يجب على الحكومة إتخاذها.
إن الخلاف بين عون والحريري والتصعيد المستمر بينهما، هو بمثابة رسالة إلى ميقاتي، مفادها أن الطرفين غير مستعدان للتواجد تحت سقف وطن واحد، أو حكومة واحدة، وأن الجانبين ليسا بوارد تقديم تنازلات بغية تشكيل الحكومة، لا سيما أن فريق رئيس الجمهورية لا يريد ميقاتي ولا يرتاح في التعاطي معه، لا بل يسعى للتخلص منه، كما أن الحريري لن يكون مسرورًا إذا نجح ميقاتي في تحقيق ما عجز عنه رئيس التيار الأزرق، وبالتالي فإن التصعيد في المواقف لن يتوقف، بل سيزداد مع كل إشراقة شمس، إلى أن تحصل الإنتخابات النيابية العامة وتفرز أحجام سياسية جديدة وتغير في التركيبة الحالية، بحسب الأوساط.
أمر آخر يجب على ميقاتي أخذه بعين الإعتبار، وهو إصرار حزب الله على إستيراد المحروقات من إيران،
وهذا لا يتناسب مع مطالب المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية،
ومن المتوقع أن يقدم الحزب على هذه الخطوة بعد العاشر من محرم أي بعد إنتهاء عاشوراء،
فهل ميقاتي سيتحمل تداعيات هذه الخطوة على الصعيد الدولي؟ وكيف سيُبرر موقفه
أمام داعميه (أميركا وفرنسا وبعض الدول العربية)؟.
إن خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله أمس خلال المجلس العاشورائي،
وما تضمنه من تحذير جدي بضرورة تشكيل حكومة خلال 3 أيام يمكن
وضعه في إطار الضغط على الرئيس المكلف لتذليل العقد مع رئيس الجمهورية،
والحزب يطالب بوزارة الأشغال بدل الطاقة لأنه حتمًا سيأتي بالنفط الإيراني،
لذلك هو لا يريد حقيبة الطاقة كي لا يحرج الحكومة ويعرض رئيسها ووزراءها للعقوبات الأميركية،
لكن بجميع الأحوال أن قام الحزب بإستيراد البنزين والمازوت من إيران في
عهد حكومة ميقاتي، فإن الأخير لن يسلم من العقوبات الأميركية كونه مسؤول عن إدارة الأزمة، وبإمكانه منع الحزب من القيام بهذه المهمة.
إضافة إلى ما ذكر، لا يمكن التغاضي عن التحركات الشعبية التي جرت أمام منزل ميقاتي
يوم أمس والتي ستتواصل في قادم الأيام، وهذه الإحتجاجات قد تكون مقدمة لما سيتعرض له ميقاتي
من تحركات تطالبه بالإعتذار أو بالإستقالة في حال نجح بتأليف الحكومة، وقد نصحه أحد الشخصيات
السنية البارزة بعدم المضي قدمًا بالملف الحكوميّ وتقديم إعتذاره عن التأليف، لأنه لن ينجح
في ترويض باسيل ومنعه من تحقيق رغباته السياسية على ظهر الحكومة.
الجدير ذكره، أن المشكلة الحكومية لم تنتهِ بعد فيما يتعلق بـ الثلث المعطل الذي يريده رئيس الجمهورية،
كما أن مسألة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف لم تُحسم بغالبيتها، والرئيس ميقاتي
غير قادر حتى هذه اللحظة على إرضاء جميع الأطراف، لذلك فإن إحتمال ولادة الحكومة خلال الأسبوع الجاري لا يتخطى الـ 50%، وفق المرجع الحكومي عينه.