“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر
بين سفينة مازوت طهران المُبحِرة فوق سطح المواجهة البحرية الإسرائيلية – الإيرانية، وخط غاز اقتراح واشنطن المدفون تحت أرض الحرب الروسية في درعا، تتشابك الأزمات وتتراكم الكوارث، ارتباطاً بارتفاع وتيرة تدخلات “المقاومة” والممانعة، التي تزيد الأوضاع تعقيداً، مرخية بكل أثقالها على مفاوضات الحكومة الإنقاذية المتعثّرة أساساً، في الوقت الذي يغرق فيه اللبنانيون يوماً بعد يوم في مستنقع أزمات يكاد لا يظهر قعره، وسط معالجات تخديرية تحرق في طريقها ما تبقّى من مؤسّسات ومقوّمات “سيادية” .
أجرى مدير الإستخبارات الأميركية الخبير في الملف اللبناني ويليام بيرنز، لقاءات سريعة في لبنان “على السكت”، بعدما عرّج على بيروت في طريقه من تل أبيب الى مصر، مختصراً مواعيده لمتابعة مستجدات الوضع الأفغاني.
فما الذي قاد بيرنز إلى بيروت على غفلة؟ وما الذي ناقشه فيها؟ مصادر لبنانية – أميركية، أكدت أن قرار زيارة “المدير” إلى لبنان لم يُتّخذ على عجل من قبل المعنيين كما روّج له البعض، إذ إنه جاء بهدف إحاطة بيرنز بشكل مباشر بالأوضاع وتكوين صورة كافية ووافية، لعرضها خلال اجتماع خاص سيُعقد في واشنطن مطلع الأسبوع المقبل لبحث الملف النووي الإيراني ونفوذ طهران في المنطقة، ومن ضمنه الوضع في لبنان.
وتقول المصادر، إن هدف الزيارة إلى إسرائيل، يأتي في إطار تنسيق جهود البلدين فيما خصّ مواجهة نظام الملالي، مع اقتراب واشنطن من إقرار استراتيجية جديدة للتعامل مع الجمهورية الإسلامية، تقوم على تطويقها عبر إغراقها بسلسلة أزمات في مناطق تعتبرها ذات نفوذ لها، تزامناً مع الإنسحاب الأميركي من أفغانستان.
إشارة إلى أن التقرير الذي أُنجزت مسودّته يتضمن رؤيةً متشائمةً للأوضاع في لبنان، ولمستقبل ما تبقّى من مؤسّسات أمنية، وفي مقدمتها العسكرية والأمنية، حيث تضمّن معلومات مفصّلة ودقيقة عن الأوضاع تمكّن عملاء الوكالة من تجميعها، فضلاً عن مجموعة توصيات واقتراحات عاجلة لمواكبة الأحداث المُرتقبة خلال الأسابيع المقبلة، والتي تسير بثبات نحو انفجار محتّم، حتى في حال النجاح في تشكيل حكومة.
تقريرٌ، سيكون له دور بارز في سلسلة مشاريع القوانين المعدّة للإقرار في الكونغرس حول لبنان، حيث قد تكون ثمة جلسة استماع سرية للجنة الأمن والشؤون الخارجية للكونغرس للإطلاع على تفاصيل الأوضاع، خصوصاً أنه من المعروف أن تقارير وكالة الإستخبارات حول لبنان، تتميّز بنظرتها السلبية لمسار وتطوّر الأوضاع في حال لم تُتّخذ إجراءات معيّنة حول ملفات حساسة، تتعلّق ب”حزب الله”، وانفجار المرفأ، ودور الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وتتابع المصادر، أنه في إطار الإستراتيجية الجديدة، يقع كلّ من لبنان وسوريا في وسطهما،
حيث ناقش الضيف الأميركي في إسرائيل نظرة بلاده لتطوّر الأوضاع في كلّ من لبنان وسوريا،
ونجاح المساعي في تطويق النفوذ الإيراني وتقويضه في كلا البلدين، دون الحاجة إلى القيام بأية أعمال عسكرية،
وإن كانت وتيرة الأحداث تسير ببطء.
وحول زيارته إلى لبنان، دعت المصادر إلى مراجعة دقيقة لهوية الشخصيات التي التقاها،
وهي قائد الجيش، مدير عام الأمن العام، مدير عام قوى الأمن الداخلي، في رسالة
واضحة للداخل اللبناني بأن واشنطن تنظر إلى المؤسّسات الأمنية والعسكرية كوحدة متكاملة،
دون مفاضلة لواحدة على حساب أخرى، في ظلّ الحديث عن دعم الإدارة الديمقراطية
لقادة بعض تلك المؤسّسات للعب أدوار سياسية.
وتكشف المصادر، أن بيرنز أعدّ تقريراً مفصّلاً تضمّن رؤيته التشاؤمية للأوضاع في لبنان
ولوضع الأجهزة الأمنية اللبنانية، تتناقض إلى حدّ ما مع ما يرفعه البنتاغون و”المخابرات العسكرية”،
وفي هذا الخصوص، أكدت المعلومات أن الزيارة كانت استطلاعية أكثر منها لإبلاغ الرسائل،
نافيةً علاقته بملف ترسيم الحدود بشقّيه البحري والبري الذي هو من صلاحيات وزارة الخارجية،
مُستدركةً أنه قد يكون ألمح إلى بعض الأمور، من باب الدعوة إلى الحذر وعدم استفزاز تل أبيب،
لما لذلك من تداعيات مدمّرة على لبنان.
وتشير المعلومات، إلى إنه ومن بين من اجتمع بهم، فريق وكالته العامل في بيروت،
وأجرى معهم مراجعةً دقيقةً للتقارير والمعلومات المتوافرة، خصوصاً أن “السي آي إيه”، من الأطراف الأكثر فعالية في الشارع اللبناني،
وتربطها علاقات بأكثر من جهة سياسية، كما أنها تملك قاعدة علاقات تسمح لها بتكوين وجهة نظر دقيقة
فيما خصّ الملف اللبناني وتطوّراته، وهو في هذا الإطار أبلغ نتائج مشاوراته حول لبنان في إسرائيل للسفيرة الأميركية دوروثي شيا،
التي ناقشتها مع من التقتهم،
وبالتحديد موضوع استقدام النفط من إيران وصولاً إلى عزل لبنان في حال كسره للحصار على إيران، متحدّثاً عن تقاطع التقارير الأميركية والإسرائيلية حول لبنان ومآل التطورات والأحداث السلبية فيه خلال القادم من أيام.
في كل الأحوال، إذا كان من الصعب معرفة فحوى المشاورات التي جرت بين القيادات العسكرية والأمنية اللبنانية ومدير
“السي آي إيه”، نظراً لتكتّم الجانب اللبناني وحصر مداولات ما حصل في دوائرهم الضيّقة ومرجعياتهم السياسية
التي تبلّغت تقارير مفصّلة، فليس من الصعب التكهّن أو استنتاج الأجواء التي تجمّعت بعد الزيارة،
سواء عبر استنهاض أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله، في خطاباته العاشورائية،
لتحميل أميركا وعوكر مسؤولية الخناق على اللبنانيين،
وما وصلت إليه الأوضاع، بعدما كان غيّب الولايات المتحدة عن خطاباته،
والثاني في الكلام الواضح الذي أبلغته السفيرة الأميركية لمسؤولين لبنانيين حول خطورة تبعات استيراد النفط من إيران
وما يعنيه من كسر للعقوبات على طهران، ونتائج ذلك،
وهو ما أُبلغ لحارة حريك بعد دقائق، قبل أن يكتمل المشهد بكلام رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، حول “فيلتمان ينادينا ولبيّنا النداء”.
بالمختصر المفيد، “مشي لح يمشي والحق كل الحق عالأميركان” وعلى ” دورا”،
التي دارت فينا وستظل تدور فينا، وفقا لطبّيلة وزمّيرة الممانعة والمقاومة…
أما بالنسبة لنا، نحن المصنّفون بالعمالة نعرف تماماً، ونفضّل “زوان الأميركاني على القمح الإيراني، فالكنيسة القريبة لا ولن تشفينا”…
والسبب كل السبب بسياسة الإكراه والفرض والدعس التي اعتمدها حزب الممانعة،
وانفجرت بوجهه نقمة درزية ـ مسيحية ـ سنّية في شويّا، أقلّه من وجهة نظر الشاطر حسن… فاسمحلنا، لا،
“ما معك حق يا سيد حسن”.