المصدر : ليبانون ديبايت
عندما تشكّلت حكومة الرئيس حسّان دياب،
وبدا أن الجميع يتهيّب اللحظة،
وبعدما ذهبت “سَكرة التأليف” وأتى الجدّ،
سُئِل أحد المراجع عن رأيه بالكتيبة الجديدة،
فأجاب: “انتقلنا من تحت الدَلفة لَتَحت المزراب”.
عملياً، كان يقصد أن “النشّ” السياسي الذي كان مضبوطاً تحت سقف القيادات،
لن يغدو كذلك بعد الآن،
إنما سيتحوّل إلى فيضانات
تبعاً لـ”بورتفوليو” الوزراء الجدد الذين يغلب عليهم الطابع الإستشاري،
أو طابع الموظفين من خارج الإلتزام السياسي والحزبي.
يعني ذلك،
أن فرص “السيطرة” عليهم تكاد تكون منعدمة،
وأنهم في لحظة الضغط سينفضّون عن ا
لحكومة ومن حول رئيسها ويعودون إلى جماعاتهم،
وهذا التوصيف الدقيق هو ما حلّ في الحكومة لاحقاً،
والآن انفضّ جميع الوزراء تقريباً إلى شؤونهم
عدا نَفَر قليل ما زال “يبرغث” بين دارة رئيس ومنزل زعيم!
المشكلة تقنية إذاً، فيزيائية إلى حدٍ ما،
لا علاقة للرئيس حسان دياب بها،
إنما من “زنّره” بتلك الألغام.
مردودة القضية إلى طبيعة تكوين هؤلاء الوزراء،
إلى نمط عيشهم أو أسلوب تفكيرهم،
إلى مدى اطّلاعهم على مسؤولياتهم،
إلى مستوى إلمامهم بملفاتهم،
إلى أسلوب استعراضهم عبر الإعلام ومخاطبتهم العامّة،
من الناس، إلى جهلهم أحياناً في كثير من الأمور الإدارية.
هؤلاء كيف يصبحون وزراءً؟
أساساً،
هؤلاء كيف كانوا مستشارين أصلاً؟
حين نَطق ذات مرّة وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر،
بجملته الشهيرة داعياً الذي لا يستطيع
دفع سعر صفيحة الوقود 200 ألف ليرة،
لأن يتوقّف عن استخدام السيارة وسيستخدم وسيلة أخرى،
أوهمنا أنفسنا أن تلك لم تكن إلاّ مجرّد “سقطة”
لا يقصدها الوزير بقدر
ما لم تسعفه الكلمات في الشرح.
قلنا أنه لم يكن يقصد مثلاً أن يدعو الناس لركوب “الحَمير”،
وغالباً ذهبنا في أماكن أخرى
إلى حدّ القول بأن الرجل “لا يقصدها”،
وأن ثمة “إبليس” وسوسَ في أذنيه فأطربها،
وساقه إلى حدّ القول ما ليس له علمٌ به،
إلى حدّ استغلاله مثلاً أو خداعه إن جاز التعبير.
أحياناً بلغ بنا الإعتقاد بضلوع جهة
ما كانت تبحث عن “خروف عيد”
للتضحية به في مجال تسويق رفع الدعم عن المحروقات،
فعثروا على وزير الطاقة!
كن ما حدث على هامش اجتماع وزراء طاقة لبنان ومصر وسوريا والأردن في عمان قبل يومين قلب توقّعاتنا.
أظهر أننا أمام نسل جديد من الوزراء يحتاجون لإعادة تثقيف. قال وزير الطاقة إن “اللجان ما زالت تجتمع مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية”!
عبثاً قالها،
دون أي مجال للتدقيق بوضعية الوفد اللبناني المفاوض الحالية أو مسار المفاوضات ككل. قال غجر “لجان”،
أي في الجمع. ليس لجنة واحدة بل لجاناً، وتجتمع مع إسرائيل،
ليس العدو بل إسرائيل “حاف” هكذا ببساطة،
لترسيم الحدود البحرية! أية حدود؟
النطاق المتنازع عليه في الجنوب،
أي تلك التي ترفض مرجعيته السير في تعديل المرسوم المتعلّق بها ذات الرقم 6433.
تحدّث غجر عن المفاوضات. حسناً،
ربما قصد المفاوضات المتوقفة منذ شهور بناءً على تعليمات أميركية مباشرة للوفد الإسرائيلي بعدم التقدّم ولو خطوة واحدة إلى الأمام.
المفاوضات ذاتها المجمّدة رغبة في “شوي” الوفد اللبناني علّه يُقدّم
على بعض التنازلات! يبدو أن غجر المسؤول عن صياغة استراتيجية لبنان
النفطية وصناعة سياسات الطاقة وأحد المعنيين بملف النفط المسلوب من جانب العدو والمشرف الآن على إستجرار الغاز والطاقة من مصر والأردن،
آخر من يعلم بمسار ملف يفترض أن يكون على طاولة مكتبه يومياً.
هكذا مثله مثل أي شخص من عامة الشعب!
إذاً توجب إحاطته هنا وبصفته وزيراً للطاقة أي معنياً بقضية المفاوضات،
أن تلك “المفاوضات” التي أشار إليها لم تشهد على ضربة “شاكوش”
واحد في الناقورة أقله منذ منتصف شهر أيار الماضي،
أي منذ أن اصر الوفد المفاوض على الخط رقم 29 كسقف لحدود لبنان ولم يتراجع عنه.
يُجيز “تصريف” كلام غجر،
الإعتقاد بأنه يقصد أمراً آخراً.
ربما يقصد ـ طالما أنه ذكر لجاناً –
مفاوضات أخرى ربما تحصل! أين؟
هذا يوجب على غجر الإفصاح عنه! إذاً،
هو كلام خطير إن أخذ به ويدعو إلى التحقّق والتدقيق،
بأهلية الوزير ومدى معرفته وإلمامه بالتفاصيل التقنية والسياسية،
وبمدى درايته بوجود وفد عسكري تقني مكلّف موضوع التفاوض منقطع عن أي جلسة منذ ذاك الحين، ل
يس لأمرٍ لبناني بل لتعنتٍ “إسرائيلي” واضح.