بقلم أسامة القادري – نداء الوطن
لم يكن مرور الخبر الذي أطلق عبر مواقع اخبارية عن مشادة كلامية هاتفية بين الرئيس سعد الحريري والوزير السابق جمال الجراح مجرد شائعة كما حاول “الأخير” تكذيب الخبر خلال بيان نفي من مكتبه.
فعلاقة “الرجل” ببيت الوسط قديمة منذ قدم “الوصاية السورية”، وبتوصية خاصة من الحاكم بأمر الأسد يومذاك عبد الحليم خدام، إلا أن هذه العلاقة بدأت بالإهتزاز قبل خمس سنوات، لتتراجع نحو القطيعة كما حصل لدى غالبية “صقور التيار”، أمثال اللواء أشرف ريفي والنائب خالد الضاهر، وعقاب صقر، الذين انتهجوا نهجاً متصلباً ضد تسوية الحريري والرئيس ميشال عون، وضد “حزب الله” المتهم بإرتهانه البلد لعسكريتاريته وللتعطيل.
استمرار الجراح بصقوريته لم يعفِه من انتقاد مناصري وقياديي تيار المستقبل لتجاذباته ولعدم قدرته على العوم في شاطئ المد والجزر، مما جعله يخسر كل ما كان لديه من أوراق النفوذ السياسي في الوسطين الشعبي والحزب الحاكم، ليخرج من المولد السياسي المستقبلي متمولاً كبيراً، “لا حزب ولا قاعدة شعبية”.
أداء الجراح السياسي في محيط بيئته في البقاع الغربي، لم يأت للتيار بـ”المن والسلوى”، ولم يكفه أنه شغل منصب نائب ووزير منذ 2005 حتى 2019، إلا أن ذلك لم يجعل منه “مرجعية” أو زعامة مناطقية، بل أدى اداؤه الى حالة نفور واسعة في الشارع البقاعي، مما استدعى قيادات وفاعليات بقاعية لأن تزور الحريري مراراً وتكراراً قبل استحقاق انتخابات 2018 النيابية وتلح عليه ألّا يرشح الجراح الى النيابة عن أحد المقعدين السنيين، وإلا سيكون سبباً في اعتكاف المئات عن التصويت، فنزل الرئيس الحريري عند رغبة الأهالي وقام بترشيح النائب محمد القرعاوي بدلاً منه، ليخوض الانتخابات الى جانب مرشح التيار الآخر زياد القادري، مما ادى الى فوز خصم التيار النائب عبد الرحيم مراد، وفوز القرعاوي مقابل خسارة القادري.
ثمة من يرى أن “الجراح” فشل في أن يكون حالة جماهيرية فلا هو عرف كيف يستقلّ، ولا أيضاً تقرّب من الناس وقت كان قادراً من موقعه.
فبحسب مصادر مقربة من بيت الوسط أن المشكلة اتخذت شكلاً تصعيدياً بين أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري والجراح، ووجهاً موارباً ومتشنجاً بعد تلاسن وصل الى حدود الشتيمة، في فترة توليه ملف المغتربين، مما تسبب بنقمة واسعة من منسقي الجاليات الاغترابية، وعند استفسار احمد الحريري عن الأمر من الجراح وقع الشجار بينهما وسلك مسلكاً لفظياً نابياً غير مألوف. هذا ما استدعى كف يده عن ملف الاغتراب. والجديد في المشكلة انه على اثر الاقتراب من الاستحقاق الانتخابي يشدد أحمد الحريري على ضرورة ابعاد الجراح عن دائرة القرار والتأثير. لأنه بحسب الحريري الذي يعمل لأن يذهب الى الانتخابات النيابية ضمن تسوية في البيت السني الداخلي، مع جميع الأطياف السنّية في المنطقة ومن ضمنها مراد، وبالتالي تدخل الجراح يؤدي الى تسعير الخلاف بين “المستقبل” و “مراد”.
وأشارت المصادر نفسها الى أن اسم الجراح وضع عند الحراس ليمنع من الدخول الى بيت الوسط الا بموافقة من الرئيس الحريري نفسه، بعد أن كان يعتبر من الدائرة الضيقة المحيطة به وأنه من الذين كانوا يدخلون دون اذن أو موعد لمقابلة الرئيس.
وقالت مصادر مقربة من الجراح أن المشادة حصلت اثر استقبال الجراح وزير الصحة حمد حسن وتكريمه في دارته في المرج، مما اعتبره محازبو التيار “قوطبة على التيار في مرحلة الانتخابات وتسبب بمشادة كلامية”.