بقلم بولا اسطيح – Alkalima Online
مظاهر عديدة واحداث متفرقة سجلت في الاشهر الماضية تجعل من المنطقي طرح السؤال التالي: هل آن اوان ابتلاع دويلة حزب الله لدولة لبنان؟
للاجابة على السؤال التالي ينفع الانطلاق من واقع ان انهيار الدولة على المستويات كافة مع انفجار كل الازمات دفعة واحدة ما فاقم عملية تحلل المؤسسات المهترئة والمتداعية، يشكل عاملا رئيسيا يؤدي لتظهير الدويلة قادرة على منافسة الدولة وصولا للتفوق عليها ببعض المجالات.
اما ابرز الاحداث والمظاهر التي يمكن البناء عليها لمحاولة التوصل لصياغة اجابة واضحة على هذا السؤال الاستراتيجي فهي:
– الانهيار المالي والاقتصادي: فالازمة الكبيرة التي يعاني منها لبنان على هذا الصعيد والتي انفجرت في العام 2019 والتي حمّل حزب الله الجزء الاكبر منها للحصار الاميركي وقال ان الهدف منها اضعافه وتقليب الرأي العام اللبناني عليه، تبين انها لم تطل بيئة الحزب كما طالت باقي البيئات والمجتمعات اللبنانية. فالحزب كان مستعدا لحرب اقتصادية شنتها الولايات المتحدة الاميركية على ايران وسوريا وغيرها من البلدان. هو انشأ نظام دعم متين لبيئته من خلال التخزين المسبق للمواد الاولية والغذائية وللمحروقات من دون ان نغفل ان عناصره الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار زادت قدراتهم الشرائية عشرات المرات مع انعدام القدرة الشرائية ل90% من اللبنانيين الذين ظلوا يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية.
– ملف المحروقات: وقد شكل هذا الملف احد الامثلة الصارخة لتوسع الدويلة وتضخمها. فبعد ان كان الحزب يمسك اقله علنا فقط بقرار الحرب والسلم، وسع نشاطاته اخيرا من خلال اتخاذه قرارا احاديا من دون العودة الى اي مؤسسة او جهة رسمية باستيراد المحروقات من طهران، غير آبه بالتلويح بالعقوبات الاميركية وبمزيد من الانكفاء الخليجي عن دعم لبنان. وقد نجح رهان الحزب على السياسة الاميركية الجديدة في المنطقة والتي بدأت تتضح معالمها في افغانستان، فاذا بواشنطن وبمحاولة لاستيعاب الحركة غير المسبوقة للحزب تسارع لفتح ابواب دمشق امام لبنان بعد ان كانت قد اغلقتها لسنوات، سامحة باستجرار الغاز المصري من الاردن.
– التحقيق بانفجار المرفأ: ففي حال صح ما يتم تداوله عن تهديدات وجهها رئيس وحدة الإرتباط والتنسيق
في الحزب وفيق صفا للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار، فذلك سيشكل تحولا كبيرا في طريقة
تعاطي الحزب مع القضاء ومع القوى والمؤسسات اللبنانية. وحتى ولو افترضنا ان ما تم نقله غير دقيق كفاية،
فان مجرد اعتبار الحزب انه ليس معنيا باصدار نفي او توضيح، فان ذلك بحد ذاته يدل عن فائض قوة وثقة
يتمتع بهما تجعله لا يخشى تداعيات تهديد بحجم تهديد القاضي
الذي يحقق بأكبر جريمة شهدها لبنان منذ الحرب الاهلية.
ويبدو ان الحزب لا يتكىء حصرا في مسار ابتلاع الدولة على فائض القوة الذي يتمتع به انما بشكل اساسي
على التسويات الكبرى الاقليمية والدولية التي تتم صياغتها والتي تطلق يد طهران وترسخ دوره
بعدما باتت معركة واشنطن في مكان آخر وبعدما اعلنتها ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن صراحة
بأن ايران لم تعد الخطر الاكبر الذي يتهددها انما روسيا والصين. فهل يتم قريبا تسليم البلد رسميا للحزب؟
وهل يحصل ذلك باطار تعديلات الدستورية تلحظ المثالثة او عبر تغيير للنظام فتعلن نهاية لبنان الذي كنا نعرفه قبل 2019؟