المصدر: نداء الوطن
كتبت ريتا بولس شهوان في “نداء الوطن”:
يختصر كريستيان سيف (صاحب فرن ومصنع في كسروان) مشكلة قطاع الافران، والذي برأيه ان توحد يولد ثورة “السلام والخبز” تماماً كثورة روسيا عام 1918، مستمرة. فـ”بونات” الطحين المدعوم الذي وضع آليتها نعمة كالشيك بلا رصيد مما “دفشه” شخصياً الى الانتقال الى “السوق السوداء”، لتأمين التزامات عقوده مع مؤسسات ومستشفيات يزودها فيدفع على “الاعلى”، وفق معادلة “كلما ندرت المادة ارتفع سعر المواد الاولية لتشغيل مصنعه وفرنه”.
كابوس السوق السوداء على أنواعه الذي يشغل بال تيريز سمراني (ادارية في فرن شمسين – جبيل) صغّر من التنوع الاقتصادي في الفرن بفعل التقنين والتقشف والمراسيل الى وزارة الاقتصاد، التي تحمل مطالب باضافة كمية الطحين الى الـثلاثين طناً ولا صدى لها. تيريز التي تحولت الى باحثة في وزارة الاقتصاد لتفهم سبب التقشف في الطحين وتخبر عن الألم في تغير ميزان المدفوعات الذي يحرق كل الربح من كل الفروع سلفاً، مما جعل مصير الفرن والمصنع الواحد في المنطقة الواحدة رهينة بيروقراطية الدولة، لتكون بذلك الاستمرارية معلقة بقرارات الوزير الجديد الذي، اما يقتل القطاع او بكلمة منه غير مدروسة النتائج تقفل ابواب الرزق امام الموظفين. تطالب السمراني بتسعير الرغيف على الدولار باعتبار ان كل المواد تشترى بالدولار. هكذا يصرف عصام يمين ( صاحب مصلحة فرن ومصنع في المتن) سبعمئة دولار طازجة كل يومين لافتاً الى ان مازوت الحزب غير رخيص كما يسوق اعلامياً ويتم تقديم الطلب عبر تطبيق دون ان يعرف بعد ان كان سيتم الدفع بالدولار او اللبناني، لكنه قد يلجأ اليه بفعل الحاجة.
تحجيم دوام العمل حل من الحلول الذي اعتمده فرن ومصنع صغير في جبيل، فبدل ان يفتح الفرن ابوابه للساعة التاسعة ليلاً، يقفل الساعة الرابعة بعد الظهر. ومع ذلك تستمر المولدات بالعمل اربع وعشرين ساعة على اربع وعشرين في ظل عدم الانتاج، بسبب انقطاع مادة الطحين، لتعذر تأمينها من المطاحن وتقليل الوزارة من قيمة الـ”بون” كل مدة، مما يكسر ظهر المصانع الصغيرة التي تعمل بكل طاقاتها كالمصانع الكبيرة لكن بربح اقل بسبب كمية الطحين الصغيرة. يفترض صاحب الفرن ان هذا التقليل من مادة الطحين سببه “تنفيع” الافران والمصانع الكبيرة او ان الكميات غير كافية. لا يعود السبب مهماً لأصحاب المصالح الخاصة امام حجم المصيبة خصوصاً عندما يتعلق الامر بمصير القدرة على تأمين “لقمة الخبز”، على حد تعبير طوني ناصيف (صاحب معمل وفرن خبز في جبيل) الذي يتنبأ لفرنه بالاسوأ وهو ضرب تنوع اقتصاده أي عدم القدرة الا على تصنيع الخبز دون الحلويات.
الحلول هي الأفق بالطحين والمازوت على حد تأكيد رئيس نقابة صناعة الخبز طوني سيف أكان مدعوماً او غير مدعوم، اذ ان كل فرن من الافران له مولداته وحاجاته لتشغيل معامل الخبز والافران التي تعتمد على الوقود والطحين النادر في المطاحن الذي لا يلامس القدرة الانتاجية. وعلى الوعد “يا كمّون”، سبب تفاؤل سيف ليس فقط الكلام الحكومي بل ايضاً تعدد مصادر النفط في الاسواق اللبنانية الذي، على حد تعبيره، يمرّ بوزارة الاقتصاد، وعلاقتها بمصرف لبنان، التي ترشدهم الى مآلها أكان عبر منشآت النفط أو “حزب الله” للاكمال في العمل.
أمام هذا الواقع تؤكد مصادر معنية في القطاع لـ”نداء الوطن” أن سعر ربطة الخبز، سيرتفع قرابة الألف ليرة، لكن هذا الارتفاع سيذهب لصالح المطاحن، وليس لتسهيل حال فرن لا يمكنه ان يعوض خسارته بألف ليرة. فأي قرار “إنقاذي” ستأخذ وزارة الاقتصاد لهذا القطاع، ومن حساب من؟ وهل انتهى زمن “أعطِ خبزك للخبّاز”؟