المصدر: لبنان الكبير
يرغب الكثير من اللبنانيين اليوم بمغادرة هذه البلاد التي تُعاني أزمة اقتصادية هي الأعنف والأقسى في تاريخ لبنان الذي تمكّن سابقًا من تخطّي الكثير من الأزمات المختلفة اقتصاديًا، اجتماعيًا، سياسيًا، وعسكريًا… إلا أنّه عاجز حالياً عن مواجهة هذه المرحلة المفصلية التي أثرت في الشعب اللبناني وفي المقيمين، ليُحاول كلّ مواطن “النفاد بجلده” سريعًا قبل الغوص في المزيد من التداعيات السلبية، ممّا دفعهم إلى التفكير بالخلاص عبر اللجوء إلى “الهجرة” من خلال طرق مختلفة.
قد يكون اللجوء إلى الهجرة غير الشرعية عبر البحار والتعامل مع تجار البشر هو الأخطر على الإطلاق وهو ما لجأ إليه عدد من الطرابلسيين أخيراً هروبًا من هذا الوطن إلى الخارج الذي يرونه أنّه أرحم بهم منه، وهذا ما يراه البعض أنّه خطوة غير قانونية، فيما يراه آخرون أنّه من أخطر الوسائل التي تُعرّض حياة الإنسان إلى الخطر… ولا يُمكن التغافل عن المئات من اللاجئين السوريين الذين غرقوا وعانوا الأمرّين بعد لجوئهم قسرًا إلى هذه الخطوة التي يعمل الكثير من اللبنانيين على الوصول إليها في الآونة الأخيرة هربًا من الفقر والعوز والتصعيد المستمرّ للمشاكل التي تبدأ ولا تنتهي في البلد.
وبالطرق القانونية، يلجأ كثير من المواطنين إلى مكاتب السفر والسياحة سعيًا إلى الخروج من عنق الزجاجة، وبالفعل، ووفق مصدر موثوق به، فإنّ طلبات الهجرة باتت أعدادها مرتفعة خاصّة في طرابلس التي تقضي هذه الأزمات الاقتصادية والمعيشية عليها بشكلٍ لا يُصدّق، “لكن ما لا يُدركه البعض أنّ لا طلبات للهجرة حاليًا، حتّى في البلدان الخليجية يعيش اللبنانيون في أزمة مهما حاولوا إخفاء ذلك، فقد تمكّنت مشاكل بلادنا من التأثير في نظرة الآخرين إلينا وإلى رواتبنا من جهة، كما يخشى الكثير من اللبنانيين في البلاد العربية من احتمال طردهم أو الاستغناء عن خدماتهم من جهة ثانية، (هذا ما ينفيه الكثير من رؤساء العمل الخليجيين الذين يُؤكّدون أنّهم لا يطردون عمومًا إلّا من يُخلّ بالأمن أو النّظام العام بالإثباتات والوثائق)”، بحسب المصدر لـ”لبنان الكبير”.
يبدو أنّ عمليات النصب والاحتيال باتت من أبرز الطرق التي يتعامل بها الناس مع بعضهم البعض ولا سيما في ظلّ غياب التشدّد الأمنيّ، ممّا يدفع كثيرون إلى محاولة استغلال هذا الضعف من جهة، واستغلال عجز الناس وحاجتهم إلى المساعدة والدعم من جهة ثانية.
وشهدت مدينة طرابلس منذ ساعات فوضى كبيرة في مكتب “Educom” للسفريات الذي دخل إليه نحو 40 شابًا وشابة لمراجعة صاحبة المكتب توفيقة قلاوون التي اتهموها بالنصب عليهم وأخذ أموالهم التي قدّرت بنحو 200 ألف دولار أميركيّ، وذلك بعد تقديم أوراقهم وأموالهم سعيًا للسفر إلى كندا وسلطنة عمان للعمل. وبين من كان يُؤكّد أنّه يملك إيصالات بالمبالغ المدفوعة وعدم وجودها مع آخرين، يُمكن القول إنّ العديد من الشبان وقعوا ضحية هذه الأزمة بخاصّة أنّ صاحبة المكتب هدّدت الشبان ولم تُعِد إليهم أيّ إيصال وفق ما يُؤكّدون لـ”لبنان الكبير”.
حالة من الرعب انتابت هؤلاء الشبان الذين يُريدون استعادة أموالهم، وعلى الرّغم من رفضها هذا الأمر إلا أنّه ووفق صاحبة أحد مكاتب السفر فإنّ استعادة الأموال، تبقى “حقًا من حقوقهم”.
وتقول لـ”لبنان الكبير”: “عمليات النصب هذه كانت تتمّ في السابق أيّ إنّها ليست بجديدة على مجتمعاتنا، لكن وفقًا لمعرفتي بصاحبة المكتب فهي تملك مكتبًا للخدمات لا مكتبًا للسياحة والسفر وفق ما يتمّ تداوله، فمكاتب الخدمات تُؤمّن فيزا للعمل أو للسياحة، لكن مكتب السياحة لا يفعل ذلك”.
وتُضيف: “هذه المرأة لم تكن سمعتها سيئة أبدًا فهي تعمل في هذا المجال منذ أكثر من 35 عامًا ولم نسمع عنها خبرًا سيئًا، بل كانت تنجح في إرسال الناس إلى كندا وأستراليا، لكن لا أعلم ما إذا كانت فعليًا قد تجاوزت حدودها القانونية
أو أنّها ضحية لمؤامرة ما… هناك أمر غير مفهوم حتّى اللحظة، حتّى أنّ إحدى زبائني سألتني عنها منذ يومين تقريبًا وعن الهجرة إلى كندا،
وأكّدت لها ألّا هجرة إلى كندا أو استراليا حاليًا بل يُمكن طلب العلم في كندا مثلًا،
وكانت خائفة للغاية لأنّها دفعت لصاحبة المكتب أموالًا طائلة للسفر، وبعدما سمعت قصّتها شعرت
بالخوف أيضًا لأنّ ثمة ما يُطبخ إذًا في هذا الموضوع”.
بعد انتشار مقاطع مصوّرة تُظهر مراجعة المحامي
نهاد سلمى
مع عدد من الضحايا
لمكتب “Educom” للسفريات، يُؤكّد سلمى أنّ نحو 12 شخصًا رفعوا دعاوى قضائية ضدّ قلاوون
وهم توجهوا إلى مخفر التلّ للإدلاء بشهاداتهم، أمّا قلاوون فقد صدر بحقّها بلاغ بحث وتحرٍّ”.
وعن كيفية معرفتهم بحصول عملية نصب، يقول لـ”لبنان الكبير”: “شعرنا بأمر غريب وغير مفهوم
عندما أراد أخ زوجتي السفر مع عدد من الأشخاص إلى سلطنة عمان،
وكان من المفترض أن يغادروا البلاد منذ أيّام، لكن بعد المراجعات المتكرّرة فوجئنا مع الآخرين
بأنّ المسألة كلّها كانت مجرّد كذبة ولا سفر ولا من يحزنون”.
وإذ يُشدّد سلمى على أنّ مكتبها ليس المكتب الوحيد الذي يُجري هذه العمليات،
إذ “باتت هذه الظاهرة منتشرة في أغلب مكاتب السفر في البلاد”، يُضيف:
“علمت أنّ إحدى الضحايا أرسلت لها صاحبة المكتب تذكرة سفر،
تبيّن في ما بعد أنّها مزوّرة، وبعد مراجعة السفارة تمّ تأكيد وجود تزوير فعليّ،
وهي ليست الضحية الوحيدة، وبالتالي حين قدّمت إيصالات للناس أعطتها لبعضهم من خلال دفتر
لا يتجاوز سعره 2000 ليرة لبنانية وهم يدفعون لها مبالغ طائلة، والبعض الآخر لم يحصل عليها،
أمّا حين دفع أقاربي ثمن التذكرة فرضت على قلاوون وضع ختم للإيصال،
كما كشف الضحايا أيضًا الذين تقدّموا للسفر إلى سلطنة عمان
بغية العمل أنّها أوهمتهم أنّ مطعمًا جديدًا سيفتتحه المسافرون على اختلاف مناصبهم،
وظهر لاحقًا أنّ المطعم المذكور موجود منذ 20 عامًا وفق ما قالوا…”.
ويُتابع: “حين تمّت مواجهتها في مكتبها، قالت إنّها لا تملك هذه الشركة بل استأجرتها،
ليتبيّن أنّ الشركة موجودة أساسًا في بيروت، ويُمكن التأكيد أنّها ليست الوحيدة في هذه العملية بل هناك شكّ في
وجود شبكة تضمّ آخرين كأبو حسن مثلًا الذي ذكرته مرارًا عند التحدّث معها مؤكّدة أنّ اسمه الحقيقي فادي أيوب،
وشخص آخر أرمنيّ… كما يوجد شكّ أيضًا أنّها ترسل الناس إلى دول مختلفة لكن بطريقة غير مفهومة،
أيّ أنّها لا تتواصل مباشرة مع السفارات وهي طريقة مريبة لم نعرف حقيقتها بعد…”.