غرائب وعجائب في مدارس لبنانيّة… ونور ونار!

بقلم سينتيا سركيس – mtv

بالنار نُمتحن… ومنه، إن خرجنا، سنكون بالتأكيد، معجونين غضبا وتعبا والأهم… محصّنين بالصبر. فكلّ ما نعيشه اليوم في لبنان، هو من دون أدنى شك، من أصعب ما قد تعيشه الشعوب على هذه الأرض، لا بل أشدّها ظلما وقهرا. وواحدة من أصعب هذه التجارب، ستكون الحقل التعليمي وكيفية عبوره بأقل الأضرار الممكنة.

شكّل العامان الماضيان كابوسا تعليميا على مختلف الأصعدة، فكورونا أجلست الأساتذة والتلاميذ في بيوتهم من دون سابق إنذار، وجعلتهم يعيشون تجربة غريبة وصعبة، وإذ بالأزمة الاقتصادية تنضمّ إلى قرينتها، لتصعّب الأمور أكثر، وتجعل حتى من الوصول إلى المدرسة مهمة تعجيزية.

بعد الضبابية التي لفّت، لاسابيع خلت، العام الدراسي، ها هي معظم المدارس تفتح أبوابها في لبنان، محاولةً تجاوز الوضع الراهن بأفضل الممكن، وبحلول عملية لتسهيل العودة على الأساتذة والتلاميذ وأهلهم، في آن واحد.

 فالمريول تحوّل في الكثير من المدارس إلى تفصيل اختياري، ولم يعد إلزاميا، في محاولة من المدارس لمراعاة أوضاع الأهل غير القادرين على دفع مبالغ طائلة لشراء الزي المدرسي، خصوصا إذا كان لديهم أكثر من ولد واحد.

كذلك، بات التعليم الحضوري في غالبية المدارس يقتصر على يومين أو ثلاثة في الأسبوع،

تقابله أعمال تطبيقية ليومين أو يوم واحد من المنزل عبر خاصية الفيديو، بحيث يصار لتشغيله عند توفّر الكهرباء،

في التوقيت الذي يناسب كلّ تلميذ. أما الهدف فهو بالطبع توفير البنزين على الأهل والأساتذة معا،

بحيث لا يشكل الذهاب إلى المدرسة عائقا كبيرا أمامهم، مع ارتفاع أسعار المحروقات.

ومن هذا المنطلق أيضا، عمد بعض المدارس إلى تكوين حلقات مناطقية للأهل،

لتعريف سكان المنطقة الواحدة على بعضهم البعض، بحيث يصبح في إمكانهم تشارك

نقل أولادهم إلى المدرسة، فيصار إلى تقاسم أيام الأسبوع بحيث تتحول سيارة كل منهم إلى

“ميني أوتوكار” للتلاميذ الذين في محيطهم، فيتشارك بذلك الأهل مهمة التوصيل من وإلى المدرسة، ويقلّصون بذلك فاتورة البنزين. 

مدارس أخرى، ذهبت أبعد من ذلك، فاعتبرت أنه من الضروري التركيز على الجانب النفسي للتلاميذ في هذه الفترة،

حيث أن الأزمة الاقتصادية والغلاء الفاحش أرغمت كثيرين على التخلي عن أصناف أو سكاكر اعتادوا شراءها

في السابق لأولادهم. فطلبت من الأهل الامتناع عن تزويد أولادهم بالحلويات والبسكويت والعصير،

والاكتفاء بسندويش ونوع من الفاكهة، مراعاة منها لظروف كل أهل، وحتى لا يشعر أي من التلاميذ بأنه أقل شأنا من غيره.

نُمتحن بالنار… ومنه ذهبا بالتأكيد سنخرج، وسيخرج معه جيل بكامله، عاصر أصعب الظروف وأسوأ المسؤولين على الإطلاق..

فالعلم نور، ومهما اشتدت الصعاب، يبقى طريقنا الأول والأخير لتغيير مصيرنا، ومنه سنزرع بذورا في عقول أطفالنا

حتى يكونوا الغد الأفضل الذي نريده، بعيدا من ذهنيات بالية رمتنا في نار جهنّم.

Exit mobile version