اخبار محلية

الحزب: طهروا الجيش وإلا…

المصدر: ليبانون ديبايت

واضح أن زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إلى بيروت، والتي لمن لا يعرف ويحب أن يفهم، كانت تشغل حتى الأمس القريب منصب مساعدة للسفير دايفيد شينكر، والخبيرة في تفاصيل الملف اللبناني و”بوطة” الطبقة الحاكمة “حِلّة ونَسَب”، لم يأتِ، كما زعم أحد “قُرب” المقاومة “المفخوتة” من “زمّيرة” الممانعة “المزغولة”، خوفاً من كلام السيد هاشم صفي الدين وتهديداته. فلا “دورا” “شمّعت الخيط ومشت” ، قاطعة خلوتها مع نفسها وهاتفها من أحد مقاهي الحمرا، ولا مطار بيروت شهد”عجقة” موظفين هاربين سعياً وراء لجوء في أميركا.

في كل الأحوال، يبدو أن الحزب انتقل إلى اللعب فوق الطاولة وفي العلن، فبعد ضرب إدارات الدولة، ها هي حارة حريك قد “شُبّه لها” أن “رؤوساً أينعت حان قطافها” في القضاء والجيش، بعدما تخطّت لغة الوعيد والتهديد كل الحدود والأصول، دون جدوى، ممّن وجب أن يصمتوا، عند الحديث في ميزان الوطنية والتضحية والشرف والوفاء للوطن، لا لمن هم خلف خلف خلف الحدود “مربوطون”.

فإذا كان لأصحاب القرار حساباتهم التي قد لا نتّفق معها، عندما تصل الأمور إلى المسلّمات، وإذا كانت مسألة المصلحة العليا والوطنية باتت مطّاطة كفاية لتخفي خلفها وتحتها غدراً ومكراً، ففي حسابات اللبنانيين ما طاب ولذّ من مواد تختزنها الذاكرة، عن أولئك الذين بنوا أمجاداً على حساب و”ضهر” المؤسّسة العسكرية. بالتأكيد لسنا في معرض تأليه المؤسّسة ولا قيادتها، أو الدفاع عن “جنرال اليرزة” الذي يملك وسائله لذلك، لكن و”عالعمياني” لا يمكن التغاضي عن “ميليشيا”، تستّرت خلف شعار المقاومة، تماماً كما فعل أسلافها، عن يمينها ويسارها، ممّن امتهنوا التنكيل والقتل والغدر بالعسكريين، وتوزيع شهادات فحص الدم، إيماناً منهم أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ما يجعلهم “دائماً على حق”.

فرسالة مسؤول “حزب الله”، وهو أحد المرشّحين الجدّيين لخلافة الأمين العام الحالي، طرحت الكثير من الأسئلة المتشعّبة في رحلة البحث عن خفاياها ودلالاتها والجهة المقصودة بها، في ظلّ الملفات المفتوحة منذ أيام، من ترسيم الحدود البحرية إلى التطبيع، ومن لقاء “الجنرال” و”الصهر” إلى الأمونيوم، وعمّا إذا كان ما باح به، يشكّل برنامجه، المبني على ما يبدو، إلى معلومات وتقارير مضلّلة من عملاء ومخبرين، معروفين بالأسماء، يقبضون من حزبه كما من غيره، أم خوفاً من قادم أكبر من الحزب وأدواته.

في منطق الحروب المفتوحة والمواجهات، قد يصحّ كلام السيد صفي الدين، علماً أن ما قاله ليس بعيداً عن مناقبيات وسلوك الترغيب والترهيب والوعيد “بالقبع” الذي يتّبعه أمن حزبه ضد الموظفين في الدولة، سواء عند استحقاقات التعيين أو الترقية. لكن ما فات السيّد، أن ما يصحّ على غيره، يصحّ على جماعته المعروفين بالأسماء من أتباع وعملاء ومنتفعين في كل إدارات ومؤسّسات الدولة وعلى كافة المستويات. وبالتالي، إذا كان بنظر حزبه، وجب تطهير الدولة من “عملاء واشنطن”، والذين هم بالتأكيد لبنانيون “للعضم” ، فعليه أن يقبل في المقابل حقّ الطرف الآخر في اجتثاث عملاء حارة حريك وطهران ولفّ لفّهم…وهنا ،”القادر ما يقصّر”، وعندها فليسمحوا لنا، لا لن يُعتبروا كلبنانيين.

ولأن الكلام التخويني، وهدر الدماء وهتك الأعراض، أيّاً كان المقصود منه، سواء كان الجيش أم غيره، رغم يقيننا أن إطلاق النار هذا لا يستهدف قائد الجيش إلاّ إذا… فهو يشكّل دليلاً ساطعاً في وجه أولئك المدافعين عن حزب المقاومة وسياساته، الذين “طبلونا” في التنظير بوطنية الميليشيات وسموّ نشاطاتها، في الدفاع عن لبنان. فأي لبنان وأي سموّ بتخوين أكثر من نصف شعبه؟

وهنا، لا بدّ أن نسأل أصحاب القرار، كم هو عدد المرّات الذي زارتهم فيه السفيرة الأميركية طالبةً

تعيين فلان أو تشكيل فلان؟ كم مرّة تدخلت” دورا” أو غيرها من محورها في فرض إسم موظف؟

وفي المقابل، كم مرّة “حفي” الحاج وفيق صفا، متدخّلاً فارضاً الشروط واضعاً الفيتوات مهدّ،داً متوعداً مرغّباً، لتعيين مُخبر واستبعاد حرّ؟

وبعد كل ذلك يحدثونك عن تدخلات أميركية. إنها الوقاحة بعينها، حيث بات أن تكون لبنانياً حراً،

في قاموسهم مساوياً للعمالة للأميركيين. لكنهم معذورون طالما أن التقييم والتقدير،

يعتمد على مُخبرين وعملاء مزروعين هنا وهناك من المستوى “تريو” وما دون.

بالمناسبة، فأتباعك، وعذراً من أبو مصطفى، يتّهمون رئيس مجلس النواب

ويصنّفونه بأنه عميل أميركا الأول في لبنان، وإنكم ساكتون حفاظاً على وحدة الطائفة ودرءاً للفتنة.

فهل يكون بذلك المقصود إستيذ عين التينة؟ فإن كنت تدري فهي مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أكبر.

بالتأكيد تهديده مفهوم، فجماعة الممانعة والمقاومة صدّقوا كذبتهم وعايشينها،

بأنهم كسروا الحصار الأميركي، و”مَرمَغوا” رأس أميركا في الأرض. وللدلالة على ذلك،

كانت القيادات اللبنانية تصول وتجول على متن “سفينة نوح” الراسية في المرفأ المدمّر،

ليخرج عن متنها تأكيدٌ جديد، عن الدعم المستمرّ للجيش الذي تُرجم فوراً مساعدات لوجستية، ٦ طوافات قتالية حديثة،

ومؤتمر لدعم البحرية اللبنانية الموكل إليها حماية نفطنا وغازنا….

صدق المثل “القافلة تسير والرزق عا الله… مهما علا الصراخ والعويل”.

فمن ظنّ أن جبّة خوري أو عمامة شيخ، مع التقدير المسبق للموقع الديني،

تُعطيه حق الفرض والأمر والنهي في أمور وطنية، فهو مخطئ وغير مدرك للحقيقة والواقع،

فالمسّ بالدولة ومرتكزاتها لم يعد وجهة نظر قابلة للنقاش والجدل، بقدر ما بات خطة ممنهجة مكشوفة،

تهدف إلى تدمير كل ركائز الدولة لصالح الدويلة وأجندتها وعقيدتها.

في الماضي قال السيد المسيح، من ضربك على خدّك الأيمن، دُر له الأيسر، واليوم نقول

مع الشاطر حسن إن المعادلة تغيّرت وستتغيّر أكثر وستكون، الموظف بالموظف،

والضابط بالضابط، والمدير بالمدير والعميل بالعميل… وإلى الحاكمين من قصورهم نسأل: هل يجوز ويصحّ هذا الكلام؟

وتذكّروا، ما طار طير وارتفع ، إلاّ كما طار وقع… و”أيار 22″ لناظره قريب… واللبنانيون لم يكونوا يوماً فيتناميين ولن يكونوا أفغاناً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى