المصدر: ليبانون فايلز
بات واضحاً ان الطلاق بين لبنان ودول الخليج لا يقتصر على توصيف الوزير جورج قرداحي، حين كان إعلامياً، لحرب اليمن بـ “العبثية”، فمن قبله قالها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، والجميع اقتبس هذا التوصيف من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. المسألة بالنسبة لدول الخليج أكثر تعقيداً وتتصل مباشرة بجوهر الصراع في المنطقة وتحديداً مع ايران، حيث يصارع كل طرف لتكسير جناح الآخر في حرب مفتوحة تقودنا الى مفاوضات تقسيم النفوذ على مساحة الدول العربية.
لبنان يعيش أزمة كبيرة اليوم، فهو غير قادر على لجم قوة حزب الله أو تحجيمها باعتراف المسؤولين فيه، كما لا يمكنه الاستمرار منعزلاً عن العالم الخارجي ليلتحق بالقافلة الفنزويلية والسورية وكل ما يدور في الفلك الإيراني، فالأزمة تتلخص اليوم بالبديل عن اللاعب السعودي والخليجي، الذي تُظهر الأرقام تأثيره الكبير على الاقتصاد اللبناني، ومن المتوقع أيضاً أن يشتد الخناق أكثر عبر سلسلة إجراءات تبدأ بقطع العلاقات الدبلوماسية لتصل الى وقف الصادرات القادمة من لبنان الغارق في وحول الشرق الأوسط ومشغول بوضع مساحيق التجميل على وجهه أمام المرآة
يحصل كل ذلك فيما يبحث الطرف المعني بالقضية عن حرب جديدة لقطف ثمارها الإقليمية،
وان جاءت على حساب ما تبقى من لبنانيين صامدين بوجه كل هذه الصعوبات،
وثمة من يقول ان الأيام المقبلة ستكون قاسية وسنشهد تصعيداً في المواقف
لأسباب تتعلق بالمطالب السعودية تجاه الطبقة السياسية في لبنان، والتي تتلخص بالتالي:
أولاً- دعوة رئيس الجمهورية الى الخروج بكلمة تندد بسياسة حزب الله، لا سيما في اليمن،
وتدخله السافر هناك والطلب منه ووفق مهلة زمنية محددة سحب الخبراء التابعين له من هناك،
ومداهمة الجيش والقوى الأمنية لكل معسكرات التدريب التابعة للحزب في البقاع والجنوب والتي تشهد يومياً تدريب مئات اليمنيين
ثانياً- تشديد الإجراءات في المطار والمرفأ منعاً لتصدير شحنات الكبتاغون، التي يسعى الحزب
بشكل دائم لإدخالها الى الأراضي السعودية، والعمل من دون استعراضات على مكافحة التجارة
التي يعتمدها الحزب عبر عناصره المنتشرين في دول عدة تسعى الى توريد هذه المادة الى السعودية وبطرق غير شرعية.
ثالثاً- اتخاذ الدولة اللبنانية خطوات جدية بوجه سياسة حزب الله، لا سيما مع الخليج،
ومنع أي مسؤول في الحزب من مهاجمة المملكة أو التعرض لها، ودعوة حكومة الرئيس
نجيب ميقاتي الى اتخاذ خطوات جدية تتعلق بتضييق الخناق على نفوذ حزب الله،
لا سيما مسألة استيراد النفط وغيرها من الأمور التي تدخل الى لبنان بطرق غير شرعية أو عبر المطار والمرفأ وتعود حصراً لحزب الله.
لائحة الشروط تطول بالنسبة للمسؤولين في السعودية، وتشمل أيضاً موقف الكتل السياسية
من سياسة الحزب في اليمن والاعتداءات المتكررة على أمن المملكة من قبل عناصر حوثية مدربة من قِبَل حزب الله.
وهنا تسأل أوساط قريبة من السعودية عن موقف التيار الوطني الحر الذي لا يزال مبهماً
وأقرب الى جو حزب الله ومقتنع بكل ما يقوله الأمين العام للحزب، وتظهر قواعد التيار الوطني الحر عدائية
كبيرة تجاه المملكة التي تعلم أن الكثير من المحازبين أو المقربين من التيار متواجدون على أراضي المملكة
ويعملون في مؤسساتها وتحتضنهم السعودية من دون أي امتعاض
الأوساط تُحذر من مماطلة الدولة اللبنانية في رأب الصدع والحد من التدهور الحاصل على صعيد العلاقة
مع الخليج العربي، مشيرة الى ان الأمور تتدحرج نحو الأسوأ، فالنقمة تزيد وتنمو معها الكراهية تجاه الشعب اللبناني،
وهذا الأمر قد ينعكس بشكل كبير على لبنان الذي سيجد نفسه وحيداً تتقاذفه مصالح الدول الكبرى ولا يجد منقذاً له من كل ما يجري.
هذا التصعيد في المواقف تقابله مخاوف جدية من انفجار الساحة الموالية للسعودية في لبنان،
لا سيما أن المراجع السنية الكبيرة غائبة عن السمع وتأثيرها تراجع لصالح مجموعات خارج الحدود
تستغل الفراغ لتنفذ اجندتها الداخلية، وهذا ما تخشى منه الأجهزة الأمنية.