المصدر: النشرة
على خُطى رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، القائل بـ”مأْسسة العلاقات الدّيبلوماسيّة مع المملكة العربيّة السّعوديّة”، وضمنًا دول الخليج العربيّ، ما يُبعد هذا الملفّ الشّديد الخُطورة عن الشّخصانيّة وبالتّالي يضعه في خانة “العلاقات الدّيبلوماسيّة السّليمة والحصينة”… سار النّائب تيمور جنبلاط، الّذي دعا الأَحد الماضي إِلى “فكّ أَسر الحُكومة، وبناء علاقة ثوابت مع الخليج… وبما أَنّ “الابن هو سرّ أَبيه”، وقد أَشار سابقًا رئيس “الحزب التقدّميّ الاشتراكيّ” وليد جُنبلاط إِلى تنظيم العلاقة مع الخليج… فقد باتت هذه المسألة بندًا مُقترَحًا لخريطة طريق تسوية الأَزمة الدّيبلومسيّة الناشئة بَيْن بَيْروت والرّياض… ولكن هل الوقت مناسبٌ للقيام بذلك؟ وتاليًا هل هذا الطّرح، قابلٌ الآن للنّقاش الهادئ والمَرِن؟ وهل صفت النيّات للولوج في مسار طريق الحلّ؟…
ومُنْذ 30 تشرين الأَوّل الماضي، يُبدي الرّئيس عون حرصه على “إِقامة أَفضل علاقاتٍ مُمكنة مع السّعوديّة”، وسط الأَزمة الدّبلوماسية المُتفاقِمة الّتي سبّبتها تصريحات سابقة لوزير الإِعلام جورج قرداحي في شأن اليمن.
وأَمّا في شأن عبارة “علاقة ثوابت” الحديثة على قاموس السّياسة الدّاخليّة اللُبنانيّة، فقالت رجاء بن سلامة في محاضرةٍ أَلقتها في قصر الأُونيسكو في بيروت، في 9 أَيّار 2015، أَي في المكان البيروتيّ حَيث بات اليوم المجلس النّيابيّ يلتئم بعد تفشّي جائحىة كورونا: “… مُنذ عشر سنواتٍ، لاحظْتُ أَنَّ مفهوم (الثّوابِت) مُتداوَل في الخطابات السّياسيّة العربيّة وغير مُتداوَل في الخطابات السّياسيّة الغربيّة، أَو على الأَقلّ في الفرنسيّة، بل إِنَّ مقابله الفرنسيّ لا يُستعمل إِلّا في سياق العلوم الصّحيحة”… وأَمّا عندنا في لُبنان، فالسّياسة والسّياسيّون يحكرون كُلّ شيء وحتّى العلوم!…
وأَضافت بن سلامة: “لاحظْتُ أَنَّ هذا المفهوم في العربيّة يُستعمل في لُغة السّياسة والقانون، وأَنَّه مُشترَكٌ بَيْن كُلِّ التيّارات السّياسيّة آنذاك، ما يعني أَنّه ينتمي إِلى قاعٍ عميقٍ مُشترَكٍ للفكر والخيال السّياسيَّيْن”… ويبدو أَنّ “القاع” الّذي وصلنا إليه في لُبنان، يفرض علينا الاستعانة بـ “القاع العميق” بين الفكر والخيال…
وبالعودة إِلى لُبّ المَوْضوع، ما البَديل عن “علاقة الثّوابت” بَيْن لُبنان والدّول الخليجيّة، وضمنًا المملكة العربيّة السّعوديّة؟…
إِنّ البديل عن “مأْسسة” العلاقة هُو المَزيد مِن التفلُّت الإِعلاميّ من انضباط الخطاب العامّ…
إتّهام مِن هُنا… يُقابله افتراءٌ مِن هُناك… وقد رُصدت خلال السّاعات القليلة الماضية إشارةٌ من “خُصوم” المملكة في لُبنان
إِلى “رصدٍ بالصّوتِ والصُّورةِ لمَن يصبُّ الزّيتَ على نارِ الفتنة، وزير خارجيّةِ السّعوديّة “الّذي” يَعتبرُ
في مُقابلةٍ أَنْ لا مُشكلةَ بَيْنَ بَيْروتَ والرّياض، وأَنَّ الأَزمةَ داخليّةٌ بَيْنَ “حزبِ الله” واللُبنانيّينَ،
مُتدخّلًا في عملِ القضاءِ باتّهامِ “حزبِ الله” انه يعرقلُ التّحقيقاتِ في انفجارِ المرفإِ،
أَفلا يُشكّلُ هذا تدخُّلاً في الشّأنِ الدّاخليّ لدولةٍ شقيقةٍ؟. تخيّلوا مثلاً أَنَّ وزيرَ خارجيّةِ لُبنانَ تفوّهَ
بكلمةٍ في التّحقيقاتِ بجريمةِ نشرِ وتذويبِ الصّحافيّ جمال الخاشقجي؟ لكانَ
طُلِبَ وقتَها مِن الدَّولةِ كلِّها الاستقالةُ بأُمِّها وأَبيها، وليسَ من وزيرٍ واحدٍ فقط”
وفي المُقابل، إصرارٌ سَعوديّ على أَنّ البلد محكومٌ بالكامل مِن الحزب…
مسعًى جديد للحلّ
إلى ذلك ثمّة سعيٌ للخُروج مِن الأَزمة الدّيبلوماسيّة يقوم على إِحياء الـ “س–س”… برعايةٍ
روسيّةٍ وتسويةٍ أَميركيّةٍ–روسيّةٍ-سوريّةٍ–إِيرانيّةٍ، تُنتج الرّئيس اللُبنانيّ الجديد!. كما وثمّة أَملٌ
في أَن تحمل السّاعات الـ72 المُقبلة، بدءًا مِن الاثنَيْن، مفاجآتٍ إِيجابيّةً… فهل نحن في خضمّ أُسبوع “فكفكة العقد” أَو يستمرّ التآكُل والانهيار؟!.
المَوقف السّعوديّ
وفي الجهة المُقابلة، أَعلن وزير الخارجيّة السّعوديّة الأَمير فيصل بن فرحان، أَنّ
“المملكة لا تعتزم التّعامُل مع الحُكومة اللُبنانيّة الآن”… وما أَعلنه فرحان تلميحًا…
كشفه تصريحًا السّفير السّعوديّ الأَسبق في لُبنان علي عواض عسيري، ومفاده أَن “لا علاقات
مع لُبنان في العهد الحاليّ والحُكومة موجودة إِسمًا وليس فعلًا… إِنّها حكومة “حزب الله”.
فهل يدفع الرّئيس عون اليوم، بالتّكافل والتّضامن مع رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ”
النّائب جبران باسيل، فاتورة الضّغط الدّوليّ ذات يومٍ، لإِطلاق سعد الحريري مِن السّجن السّعوديّ؟…