المصدر: الانباء
تتكاثر الأزمات على رأس اللبنانيين، وهي أزمات تبدأ ولا تنتهي. سببٌ واحد يقف وراء عذابنا: غياب الدولة والمسؤولين فيها! هذا الغياب كلّفنا حياتنا، ومستقبلنا، وعيشنا الكريم، وكلّفنا مليارات الدولارات أيضاً. هذا الغياب أيضاً دفَعَنا إلى القعر، واليوم يحرمنا الخروج منه.
لهذا القعر أبعادٌ عدّة، وقد يكون أبرزها وأكثرها تعقيداً، البُعد الاقتصادي والمالي. وقد طُرح أخيراً طبع عملات جديدة من فئة الـ500 ألف، أو المليون، ومثلاً مع تحوّل “كدسات” الليرة إلى مجرّد ورق. فهل يعمّق ذلك من أزماتنا؟ وكيف سينعكس على الوضع الاقتصادي، وسعر صرف الدولار؟
تؤكّد المتخصّصة في الاقتصاد النقدي، الدكتور ليال منصور”أنّنا أساساً في انفجار نقدي في البلد. وطبع عملة جديدة مثل الـ500 ألف أو المليون لن يغيّر أي شيء في الاقتصاد، إنّما ذلك سيسهّل فقط التعداد والأرقام”.
في المقابل، يقول مدير أنظمة الدفع سابقاً في مصرف لبنان، رمزي حمادة،
لـ”الأنباء” إنّه “حتى الآن، لا تزال اقتراحات وليست طروحات رسميّة، وسببها فقط الكميات الكبيرة التي يحملها المواطنون بعدما تدهورت قيمة العملة الوطنية”، مؤكّداً أنّ “طبع عملات من فئة أكبر قرار يتّخذه المصرف المركزي بالتوافق مع الدولة”.
هنا، تعتبر منصور أنّه، “حتى لو طُبّقت هذه الطروحات، فهي لا تشكّل حلولاً فهي،
فقط تسهيل للأرقام، إذ هناك صعوبة في استخدام عدد كبير من الأصفار.
وبما أن قيمة العملة تدهورت، فنحن بحاجة إلى طبع عملات أكبر، أو إزالة صفر.
وهذا لا يعني أنّ الاقتصاد تحسّن، فطالما أنّ طبع الأموال لم يتغيّر، والوضع الاقتصادي لم يتغيّر،
والنمو لم يتحسّن، ولم ترتفع الاستثمارات، فذلك يعني أنّ العملة لن تتحسّن”.
بدوره يشدّد حمادة على أنّ، “للأمر بعض الإيجابيات، ولكن يحمل المساوئ أيضاً،
إذ يجب أن يكون العمل عليه مرتبطاً بالتوقيت والوضع المناسبَين. ونحن في لبنان نعاني من وضع أمني متدهور،
وفسادٍ في الإدارات، وأي عملية مثل هذه تكون “دعسة ناقصة”، وتحتاج إلى ضبط”،
شارحاً: “هذه الإجراءات قد تساعد الاقتصاد في حال كان هناك استقرار، والحكومة
تعمل بشكل منتظم، عندها تخفّف العبء على المواطن، ولكنها لا تؤثر اليوم على سعر الصرف، لأنّ لا إصلاحات في البلد”.
هل يعني ذلك أنّ سعر الدولار مرشّح للارتفاع بقفزات أكبر؟
ترى منصور أنّ، “الدولار سيرتفع أكثر ممّا هو عليه اليوم، ولا سقف له،
ومع الوقت ستصبح ارتفاعاته أسرع، لأن لا وضع مستقراً، والحالة الاقتصادية سيّئة،
هذا بالإضافة إلى أن لا تحسينات وإصلاحات تقوم بها الدولة”.
مسار الدولار تصاعدي، وقد يكون ارتفاعه أسرع. هذا ما تؤكّده منصور إذاً،
والحال أنّه لم تبقَ دولة واحدة من بين كلّ دول العالم التي عانت من أزمة اقتصادية
سنتين وهي تحاول التفاوض مع صندوق النقد ولم تنجح. ولكن المؤسف أنّنا في لبنان، وعندنا قد تدوم جهنّم لسنوات…