بقلم سينتيا سركيس – mtv
بقدر ما ينظرُ قسمٌ كبيرٌ من اللبنانيين إلى الانتخابات النيابية على انها أملهم الوحيد للخروج من البؤس الذي وصلوه، والتخلص من كلّ المستبدّين القابضين على مصيرهم، بقدر ما يعتبرها آخرون تفصيلا لا اهمية له، لن يؤدّي إلا إلى إعادة إنتاج الطبقة السياسية نفسها… وما تقدّم، إن دلّ على شيء فعلى يأس، لا بل قرف من الواقع، كما انه قد يكون الورقة التي يعوّل عليها سياسيون كثر.
لا بدّ أن حالة الامتعاض التي برزت منذ 17 تشرين، مرورا بكل المآسي والازمات اللبنانية،
ومن بينها انفجار 4 آب، وما تبعه من “حرتقات” على القضاء، وصولا إلى جهنّم التي رمونا فيها،
جعلت من التغيير أكثرَ من حلمٍ صعب تحقيقه في لبنان، وهو ما يدفع نسبةً كبيرة من اللبنانيين إلى الشك بنزاهة الانتخابات وإمكان أن تحقق المرجوّ منها. التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي خير دليل على هذا اليأس، الآنف ذكره، وأصحابها قد يكونون، ومن حيث لا يدرون، السبب الأساس لانعدام التغيير في لبنان.
فالتنظيرات، والتحليلات، والتكهنات، لم تكن يوما سبيلا في بناء الدول وإرساء الأنظمة…
في انتخابات 2018، بلغت نسبة الاقتراع 49،7 في المئة، ما يعني أن فقط نصف اللبنانيين الواردة أسماؤهم
على لوائح الشطب شاركوا بالانتخابات… والبقية ممن تعذرت مشاركتهم أو امتنعوا عنها اختياريا،
ربما، لا بل بالتأكيد كانوا ليحدثوا فرقا كبيرا، وتغييرا كبيرا في المشهد السياسي اليوم.
لمن لا يعلم، بعض الدول تجبر مواطنيها على الاقتراع، باعتبار أنه واجب قبل ان يكون حقّا،
مثل بلجيكا والارجنتين وسنغافورة والبرازيل ولوكسمبورغ والبيرو وغيرها، ومن يتخلف عن الحضور يوم الاقتراع،
من دون أن يعلل ذلك بدليل مقنع، يتعرّض لعقوبات تأديبية مثل دفع غرامة أو خدمة المجتمع أو حتى
السجن في بعض الأحيان. كما تقدّم هذه الدول تسهيلات تجاه مواطنيها حتى يتمكنوا من المشاركة بالانتخابات،
من خلال البريد أو التصويت المبكر، إضافة إلى مقطورات تصويت متنقلة لزيارة دور العجزة
والمستشفيات ومساعدة من يعجزون على الحركة والراغبين في الوقت نفسه بالتعبير عن آرائهم والتصويت.
نحن بالطبع لن نعوّل على همّة الدولة عندنا، حتى تؤمن ما سبق ذكره لمساعدة أكبر عدد ممكن
من اللبنانيين على الاقتراع، لا بل على الارجح، البعض يسعى منذ الآن، إلى عرقلة الاستحقاق،
بشتى انواع الأساليب، لأن النتيجة لن تكون في صالحه… لذلك، فلنتمسك بحقنا وواجبنا بالاقتراع،
من دون “نقّ وفلسفة”… حتى يكون يوم الانتخاب يوما أسود لجوقة الفساد والاستبداد والظلم هذه، لا تكملة للمسار الأسود الذي رُمينا فيه!