“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
لم تؤدِّ اللقاءات والنقاشات التي تُعقد بانتظام بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي من جهة، وبين “حزب الله” من جهة أخرى، إلى حلحلة النقاط العالقة بينهما، خصوصاً تلك المتعلقة في كيفية إدارة الشأن السياسي العام في لبنان، العالقة بدورها بين فريقٍ يسعى إلى استعادة لبنان مكانته الطبيعية بين الدول العربية وعودة الروح إلى اللبنانيين في الداخل والخارج، خصوصاً عقب الأزمة التي فجّرتها تصريحات وزير “الممانعة”، وبين فريقٍ يُصرّ على تثبيت البلد كمُلحقٍ لمشروع إقليمي يبدأ بمواجهة إسرائيل وينتهي بإستعداء العرب.
في السياق، تكشف مصادر سياسية أن العلاقة بين بعبدا وحارة حريك، تراجعت كثيراً خلال الفترة الأخيرة لا سيّما بعد العقوبات الأميركية التي فرضتها الخزانة الأميركية على النائب جبران باسيل، والتهديدات التي أطلقتها لاحقاً باستهداف المقرّبين من رئيس الجمهورية، في حال اللحاق بركب الحزب أو حتّى غضّ الطرف عن مشروع السيطرة الذي يسعى إليه في لبنان.
لعل أبرز عناوين هذا التراجع بين حليفي “مار مخايل”، وصول التيّار البرتقالي، إ
لى قناعة شبه تامّة ولو متأخّراً، بأن علاقته مع الحزب الأصفر، قد أضرّت به على الصعيدين الداخلي والخارجي وخصوصاً وأن كلّ هذه “التضحيات” التي قدمها البرتقالي، سواء في ممارساته السياسية وبما يتعلق بتراجع قاعدته الشعبية المسيحية وزيادة النقمة الخارجية ضده، لم تؤد إلى انتزاع كلمة أو وعد من “حزب الله”، بتسمية باسيل كمرشح لرئاسة الجمهورية خلفاً للرئيس الحالي الذي تنتهي مُدة ولايته بعد أقلّ من عامين.
وتكشف المصادر ذاتها، أن اللقاءات الثنائية بين الأصفر والبرتقالي، أصبحت محصورةً بلجان مُختصّة
بمعالجة الأمور بينهما، ما يعني أن الإستراتيجيات السياسية والمشاريع الثنائية بالإضافة إلى التوجهات
الواحدة والرؤية الموحّدة لمستقبل لبنان وموقعه “المقاوم”، أصبحت مُجرّد “هلوسةٍ” من الماضي
بعدما حلّت مكانها واقعيّةٌ، تقوم على حسابات الربح والخسارة، خصوصاً بما يتعلّق بالإنتخابات
النيابيّة المُقبلة حيث تُشير الوقائع والمعطيات، إلى خسارة “التيّار الوطني الحر” ما لا يقلّ
عن عشرة نواب من مجموع كتلته الحالية، وذلك على عكس “حزب الله” الذي يعرف من أين تؤكل “الكتف” الشيعيّة في مثل هكذا استحقاق.
على ضفّة العلاقة المترنّحة بين “حزب الله” و”التيّار الوطني الحر” ، حيث معروفٌ أن الأول يفصل
في علاقته بين الثاني ورئيس الجمهورية، ترى المصادر أن “باسيل بدأ منذ فترة غير قصيرة،
يلحظ أنه مُجرد تفصيل أمام مشروع حليفه (حزب الله) ولا حتّى هو ضُمن أولوياته الداخلية
ولا يؤخذ حتّى برأيه، لجهة الخيارات الخارجية. وهذا سبب أساسي أدّى إلى تراجع شعبية
باسيل لدى جمهور “البرتقالي” أولاً، وعلى صعيد القاعدة الشعبية المسيحيّة التي كانت
رأت بشعار “استعادة حقوق المسيحيين”، صورة الرئيس الراحل بشير الجميل،
قبل أن يطغى مشهد “الإستزلام” للمشروع الإيراني على هذه الصورة.
وبحسب المصادر نفسها، فإن ترميم العلاقة من الأن وصاعداً بين “حزب الله” و”التيّار الوطني الحر”،
يحتاج أقلّه إلى عامين من العمل والجهد المتواصلين، للوصول الى نُقطة التقاء حول صورة لبنان
وهويّته وعلاقاته الخارجية، وتحديد الأولويات والضرورات التي تُعيده إلى السكّة التي اتُفق
على بنائها خلال اتفاق “مارمخايل”، قبل أن ينقلب الطرفان على وعودهما ونظرتهما لهيكليّة الدولة.
لكن السؤال الأبرز يتعلّق بعامل الوقت، أي العامين حيث أن “الوطني الحر” يُعاني من ضيق الوقت
أنه لم يعد في صالحه، على عكس “الحزب” الذي يُجيّر الوقت لصالحه، وفي خدمة تعبيد الطريق أمام أقامة مشروع “الهلال الخصيب”.