“ما قبل حادثة شويا ليس كما بعدها”، معتبراً أنها صفعة في لحظة تخلٍ، انطلق “حزب الله” الى مخاطبة ابناء قرى قضاء حاصبيا في الجنوب اللبناني، قائلا ” الأمر لي، وانا من يخاطب السلطة بلسانكم”، ليرسم بوضوح رغماً عن أبناء المنطقة شكل وهيئة التكتل النيابي لمنطقة تعودت أساساً على مصادرة حقها في الاقتراع خارج الإرتهان للصوت الشيعي، وتعودت ان يستقوي نوابها “السني قاسم هاشم، والدرزي أنور الخليل والمسيحي أسعد حردان بفائض الأصوات التي يمنحهم إياها التحالف الثنائي الشيعي”، ما جعل النواب في حالة غربة عن منطقة ليس لها فضل في وصولهم.
وكان لافتاً زيارة وزير الزراعة عباس الحاج حسن اليتيمة الى قرى العرقوب برفقة نواب المنطقة، حيث بدا غياب اي رضا شعبي عن هذه الزيارة التي لم تغن وتسمن الزراعة عن جوعها. حيث علق أحد فعاليات المنطقة “نواب المنطقة جابوا الوزير ليحتموا فيه من نقمة الناس عليهم”.
هذا ما دفع بفاعليات اجتماعية وسياسية لرفع الصوت عالياً بفصل هذه المنطقة انتخابياً عن بنت جبيل والنبطية من أجل أن يصبح التمثيل فيها غير خاضع لأي اكراه أو ابتزاز وأن يكون الحاصل عادلاً اسوة بباقي الدوائر الانتخابية.
ووسط ازدحام مرشحين معارضين يعجزون عن التوحد بوجه سلطة “الثنائي” القائمة على مبدأ شرذمة معارضيه، يصرّ هذا الثنائي بلغة الأمر وبلغة فائض القوة لأن يستورد أسماء ويفرض أخرى رغماً عن اهلها، تحت شعار “التنوع والعيش المشترك” الساقط عند أي استحقاق
فما يحصل حالياً في دائرة الجنوب الثالثة هو نفسه ما حصل في دورة انتخابات 2018وكيف يتحكم بهذه الدائرة الصوت “الشيعي”، ويفرض مرشحين من لونه السياسي مستحكماً بفائض الأصوات وكأنها أمست سكيناً فوق رقاب الناس ومصالحهم وآمالهم، لا سيما أنه يستند الى قانون، يجعل من باقي الاصوات تغرق في “بحر الصوت الشيعي”، حتى أصبح أي مرشح بأي لائحة ممنوع عليه الوصول الا بمنة ورضى “الثنائي”، هذا سبب الحرص لأن يبقى الحاصل الانتخابي، (غير عادل مقارنة بنسبة الحواصل في باقي المناطق والدوائر الانتخابية على امتداد الوطن)، ليصل في دائرة الجنوب الثالثة الى 25 الف صوت.
لا شك أن قضاءي مرجعيون وحاصبيا يقعان في عقدة التمثيل. إن بقانون أكثري او النسبي الحالي، ففي الاكثري وقانون غازي كنعان منذ بداية التسعينات فرض يومذاك السوري توسيع هذه الدائرة استثنائياً لتغرق في بحر الأصوات الشيعية الحاضنة لـ”حزب الله”، مرة على صعيد المحافظة ومرة على صعيد القضاء، وذلك لضمان فوز مرشحي النظام السوري بالصوت الشيعي وليمنعوا تحالف اليسار يومذاك من الوصول الى الندوة البرلمانية.
فكشف هذا القانون مدى الزيف الذي يمثله النائبان البعثي قاسم هاشم والسوري القومي الاجتماعي أسعد حردان وذلك من خلال عدد الأصوات التفضيلية التي نالها كل منهما في دورة 2018مقارنة بأصوات أخصامهم عماد الخطيب (مستقبل) وفادي سلامة (قوات)، حيث خسرا لعدم قدرتهما الوصول الى حاصل انتخابي. هذا ما جعل خطاب الصمود والتصدي يُغرِق المنطقة بالحرمان والظلمة الدامسة والعطش وانعدام الحياة مقابل “مستوطنات العدو أنوارها متلألئة”. غير معنيين بهموم الناس طالما النائب منهم يستعير قوته من التجييش الطائفي للثنائي بدون ادنى مسؤولية عن أي منطقة هو منتدب.
وحالياً يبدو المشهد الانتخابي في قضاءي مرجعيون وحاصبيا مرهوناً لمدى امكانية
القوى الاعتراضية جمع الشمل وعقد تحالفات وفتح كوة في جدار “حزب الله” الرافض لأي تواصل مع أبناء المنطقة، والطامح
لأن يحوّل المقاعد الثلاثة الى جوائز ترضية للنظام السوري، وتقول مصادر سورية رفيعة لـ”نداء الوطن”
أن النظام السوري، عائد الى الحياة السياسية والحضور الاقليمي من خلال كتلة نيابية وازنة،
لذا يجري جولة من المشاورات مع مناصريه في لبنان ودرس كل منطقة وامكانية ترشيح
من يجدهم مناسبين، وقال “في الجنوب حسم أمر تبديل قاسم هاشم، بعدما تحول من بعثي الى حركة أمل، وتابع المصدر:
تم استدعاء هاشم الى دمشق اثناء انعقاد المؤتمر القطري للحزب، وجرى تأنيبه
بشدة والقول أن القيادة لم تكن راضية على ادائه طيلة فترة الحرب السورية،
لتضغط باتجاه استبداله بترشيح سالم زهران. فيما يستغل رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني
طلال ارسلان الضغط السوري لتبديل هاشم، ليضغط هو على “حزب الله” بترشيح وليد
بركات عن المقعد السني مقابل غطائه الدرزي على ترشيح عميد الاذاعة والإعلام
في الحزب القومي فراس الشوفي عن المقعد الدرزي
وتقول مصادر حزبية ان ترشيح الشوفي جاء لحركته وموقفه الذي رافق حادثة شويا،
واوضحت أن الحملة على النائب أنور الخليل ورفض التحالف معه في الانتخابات المقبلة،
وترشيح نجله زياد، لأن الأخير تضامن مع المحقق العدلي طارق البيطار ووضع صورة له على صفحته على الفيسبوك.
مما أثار حفيظة الثنائي فاستدعى من الرئيس نبيه بري التدخل وطلب من الخليل حذفها وابلاغه
أن زياد ارتكب خطيئة بحق مستقبله السياسي”.
أما المقعد الارثوذكسي الذي يشغله النائب القومي أسعد حردان منذ عام 1990يتم الحديث
عن ضرورة ارضاء التيار الوطني الحر فيه بهدف التعويض عليه بمقعد من عدد مقاعد قد
يخسرها في مناطق مختلفة، ويرجح أن يرشح اليه رئيس صندوق المهجرين السابق شادي مسعد
أما “حزب الله” يحاول استقطاب النقمة الشعبية في البيئة الحاضنة له،
من خلال تبديل النائب علي فياض بإسم حزبي قادر على امتصاص النقمة.
فيما حركة أمل تصرّ على ترشيح النائب علي حسن خليل وذلك تحدياً لما يواجهه من اتهامات واستدعاء بخصوص قضية تفجير المرفأ.
وفي المقلب الآخر تتموضع جبهتان مغايرتان واحدة لقوى المعارضة ويساريين لم تتبلور صورتها بعد،
والجبهة الأخرى يعمل على توحيدها، بين المستقبل والقوات والاشتراكي، ومستقلين.
وتشير المعطيات الميدانية أن رجل الأعمال عماد الخطيب بدأ التحضير لوجستياً والتواصل
مع ماكينة تيار المستقبل الانتخابية، كذلك هو الحال عند خالد سويد الناشط اجتماعياً وانسانياً
في قرى العرقوب، يطمح لخوض المعركة متحالفاً مع قوى التغيير. أما الاشتراكي في حال لم
يترشح زياد الخليل نجل النائب انور على لائحة الثنائي الشيعي، فهو في حل من هذا التحالف
مما يعيده الى التموضع مع المستقبل والقوات.
أسامة القادري – نداء الوطن