المصدر: لبنان 24
تنشل الماكينة الاقتصادية بالمفهوم التجاري للعرض والطلب على السلع والحاجيات والمبادلات الاقتصادية، أمام السوق الموازية اليوم. هي بورصة واحدة تتحكم باللعبة، على اختلاف ترجمات تبرير ما يحصل من ارتفاع جنوني بالأسعار وتقلبات بسعر الدولار، سواء بالترجمة السياسة او بلغة الشارع او التفسير الاقتصادي للانهيار الذي نمر به. وكل ذلك لا يلغي اننا نعيش جريمة موصوفة ضحيتها المواطن، الذي لم يعد مبالياً سوى للقمة عيشه، وبالكاد يستطيع تأمينها.
ماذا يحصل في السوق الموازية، ومن المسؤول؟، هل هي فعلاً تلك التطبيقات
التي ألمح اليها قبل أيام المصرف المركزي معتبراً أنّها “تطبيقات مشتبه فيها”،
ولا تعبر عن واقع السوق، وهو ما دفع ببعض خبراء الاقتصاد الى الطلب
بوقف خدمة الانترنت عن هذه التطبيقات، أم أنّ كل جهة تلجأ الى التبرير الذي يعفيها من المسؤولية،
دون أن يكون هناك أي تفسير منطقي لما يحصل بقفزة الدولار، وخصوصاً أنّ ذلك يحصل في خلال الليل وخلال عطل نهاية الأسبوع في وقت تكون فيه العجلة الاقتصادية غير ناشطة.
“سحب الدولار”، هكذا يترجم أحد كبار الصرافين في السوق الموازية ما يحصل في حديث لـ”لبنان 24″،
حيث يتم بداية رفع السعر وانقاصه بـ”نقاط” معينة، “50 او 60 نقطة”، بشكل غير ملاحظ،
ويتم هذا من أجل عرض الدولار ومن ثم شراؤه بسعر ارخص، ويقوم بهذه العمليات صغار الصرافين،
وغالباً ما يقوم التجار بشراء السلع والبضائع على سعر منخفض ليصار بعدها على بيعها بسعر اعلى بكثير.
ويتابع الصراف: “لا تتوقف المسألة عند الأرقام الصغيرة التي ترتفع وتنخفض، فعلى
وقع عوامل عدة من بينها الاحداث السياسية في البلد يتم وبشكل مفاجئ رفع سعر الصرف على التطبيقات،
ما يترجم غلاء الأسعار على الرغم من شراء البضائع على السعر الأقل. هنا يتم سحب الدولار من ايدي الناس
انعدام الثقة بالليرة
والجدير ذكره أنّ القانون يعاقب بالجرم على المضاربة بالعملة الوطنية، وذلك بحسب
المرسوم الاشتراعي رقم رقم 340 تاريخ 01/03/1943، بحسب المادة 319 – المُعدّلة بموجب 239 /1993- وتنصّ على ما يلي:
“من اذاع باحدى الوسائل المذكورة في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الـ 209 وقائع
ملفقة او مزاعم كاذبة لاحداث التدني في اوراق النقد الوطنية او لزعزعة الثقة في متانة
نقد الدولة وسنداتها وجميع الاسناد ذات العلاقة بالثقة المالية العامة يعاقب بالحبس
من ستة اشهر الى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسماية الف ليرة الى مليوني ليرة. ويمكن فضلا عن ذلك ان يقضى بنشر الحكم”.
إذا الثقة بالليرة، وهي عبارة لحظها القانون، وتُعتبر اليوم من ابرز العوامل للانهيار المالي، وبحسب الصراف
فإنّ وجود هذه التطبيقات الخاصة بالدولار تدعم انعدام ثقة اللبناني بالليرة، وهو ما يترجم ايضاً حالة
الهبوط والارتفاع في سعر الصرف. يقول: “حركة السوق على الأرض تكشف الكثير، كُثر اليوم يستفيدون
من الوضع السياسي المتردي للعب بالدولار وتحقيق الأرباح، في ظل انعدام الثقة بالليرة،
وتحديداً عندما وصل سعر الصرف الى 14000 ليرة، حينها علمنا تماما في السوق ان المواطن فقد الثقة بالليرة ولم يعد أمامنا أي سقف لارتفاع الدولار”.
بحسب الصراف: “تأتي هذه التطبيقات اليوم ومن يتلاعب بها لتدعم السلبيات السياسية،
لذلك يرتفع الدولار، وتبدأ “جرافة” سحب الدولار من ايدي اللبنانيين وخصوصاً في نهاية الأسبوع،
فلا حركة للتجار في الويك اند، لذلك نرفع السعر لنسحب الدولار، ونعود ونبيعه بسعر اعلى للتجار.
واليوم لا يوجد جهة قادرة على ضبط هذه الحركة”
إيقاف التطبيقات؟
فلماذا لا يتم إيقاف هذه التطبيقات إذا سلمنا جدلاً أنّها من بين الأسباب الرئيسية للتلاعب بسعر الصرف؟،
بحسب خبير في علم هندسة الاتصالات ويرفض الكشف عن اسمه، فإنّه لا يمكن إيقاف هذه التطبيقات بسهولة،
لانّها تعتمد مباشرة على العلاقة بين الهاتف والجهاز او الحاسوب الذي يعطي المعلومات بناءً على بروتوكول يُعتمد عالمياً،
ويقوم على ما يُعرف بالعنوان
الإكتروني او الـ” IP Address” وباب لكل تطبيق. وبحسب الخبير على الرغم من صعوبة ذلك الا انه يمكن
العمل على وقف تلك الأبواب لتعطيل التطبيق من خلال تقنيات معينة. وهنا عودة الى السؤال الأبرز، من يقف خلف هذه التطبيقات؟
في المجمل، يبدو من كل ما سبق ان صعوبة كبيرة تكمن امام لجم سقف ارتفاع سعر الدولار،
ما يجعل المواطن رهينة مستمرة لتلك السوق الموازية التي أظلمت حياة اللبناني اللاهث وراء لقمة عيش أصبحت صعبة المنال.
المصدر: خاص لبنان 24