المصدر: ليبانون فايلز
لا شكّ أن زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى المملكة العربية السعودية،
التي خرجت ببيان سعودي – فرنسي تناول الوضع في لبنان، نجحت في احتواء التوتر مع المملكة وشكّلت فرصة جديدة لرئيس الحكومة
نجيب ميقاتي، وأضفت جديداً على موقف السعودية التي كانت ماضية في
سياسة إهمال الواقع السياسي اللبناني منذ حوالى عامين.
إلّا أن أوساطاً مراقبة شددت على أن هذه الزيارة لن تقدّم ولن تؤخّر في معالجة أي
من سلسلة الأزمات المتشابكة سياسياً واقتصادياً التي تُغرق لبنان، خصوصاً أن
الأزمة مع السعودية لا يمكن اختزالها بالموقف الاخير للوزير المستقيل جورج قرداحي،
فهي أعمق وتتصل بقضايا جوهرية تتعلق أولاً بتدخل حزب الله في اليمن
وبالرغم من أن مبادرة الرئيس الفرنسي تجاه لبنان قدّمت جرعة تفاؤل، إلّا أنها انحصرت بإعادة القديم جديداً،
ورتّبت على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، كما على المسؤولين الآخرين، جملة التزامات منها إجراء الإصلاحات
السياسية والاقتصادية اللازمة لإعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان، وهي بالتالي ليست
مقدمة لتأسيس علاقة جديدة بين البلدين، لذا فإن مفاعيلها لن تتعدى ترميم قنوات
الاتصال مع الدول الخليجية وعودة العلاقات معها الى طبيعتها.
ورأت الأوساط عينها أن الدعم الانساني للبنان الذي تعهّد به الطرفان الفرنسي
والسعودي يخضع لجملة شروط، منها ضمان وصول هذا الدعم مباشرة الى الشعب اللبناني
بعيداً من السلطة الحاكمة وسياسيّيها، ما يعني ان الأمور عادت الى نقطة الصفر أي الى فترة الصمت السعودي، ولن تتخطى عتبة
الازمة القائمة إلّا في حال حصول تغيير جذري داخلي، ربما يبدأ بطاولة
حوار حول الاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله، وهو أمر بعيد المنال في المدى المنظور.
ولأن عودة جلسات الحكومة مرهونة هي الاخرى بالتسويات والتي تتم حكماً
وفق مقايضات سياسية، وإن أخرجها زوّار عين التينة من هذا الباب، يعود الحديث الى زمن المراوحة والمناورات السياسية،
خاصة وان ورقة الضغط الدولي الخارجي على القوى اللبنانية تم استهلاكها.
وفي هذا الإطار، تقول مصادر مطلعة: “المطلوب حالياً هو الإبقاء على لبنان
في مربع الازمة مع الحؤول دون انهياره بشكل كامل، وعليه الانتظار في
محطة القطار الدولي والاقليمي وفق ترتيبات تخص حسابات الآخرين في
الخارج المرتبطين بقوى الداخل، وما على الجمهور اللبناني المتفرج سوى لملمة جراحه
والاستمرار في المكابرة على آلامه، والى حينه لا حلول منتظرة إلا الهجرة باباً للهروب
من الواقع المرير، وما على اللبنانيين سوى حزم أمتعتهم”.