بقلم أنطون الفتى – أخبار اليوم
اعتدنا على أن تنقلنا كل أزمة من الأزمات التي بدأنا نعيشها منذ خريف عام 2019، الى مرحلة جديدة، والى وضع جديد أسوأ من ذاك الذي يسبقه.
يبدو أننا اليوم على مشارف أزمة اتّصالات، وإنترنت، تبرد حيناً، وتسخن أحياناً أخرى، مهما كثُرَت التطمينات، واستبعاد الفرضيات السلبية، التي يهرب منها البعض في العادة بإلصاق تهمة “النيّة العاطلة”، أو العَيش بالخيال والأوهام، بحقّ كل الذين يتداولون بها.
لبنان الذي من المُفتَرَض أنه يتحضّر ليقترض، وليحصل على كل أشكال وأنواع الرعاية من الخارج، في ما لو وُجِدَت الخريطة السياسية المُناسِبَة لنجاحه في هذا المسار، يحتاج الى تحريك عجلته الاقتصادية “من غيمة”، والى كلّ ما يحرّك عالم الأعمال، أو ما تبقّى منه، فيه. وهذا بدوره يحتاج الى إنترنت مقبول، والى شبكة مستقرّة من الاتّصالات، ولو في حدّ أدنى، تمكّن من تسيير الوظائف، والمؤسّسات
ورغم ذلك، ننظر من حولنا لنجد أننا قد نصحو صباحاً على “إنترنت مقطوع”، وعلى شبكة اتّصالات أرضيّة مقطوعة، لساعات عدّة تتجاوز الثلاث أو الأربع ساعات، أحياناً كثيرة.
وإذا اتّصلتَ لتستفسر عن السّبب، بعد “انتهاء المشكلة”، قد تُحال الى “هالك”، و”مالك”، و”قبّاض الأرواح”، قبل أن تُنطَق “جوهرة” أن ذلك كان بسبب الشحّ في المازوت، أو إصلاح عطل، أو إجراء صيانة، في هذا “السنترال” أو ذاك.
هذه حالة من “عَدَم يقين”، تنعكس سلبياً على ما تبقّى من إنتاجية إقتصادية في البلد.
فالاقتصادات “الطبيعية” لا تحبّ حالات “عَدَم اليقين”، فكيف إذا كنّا نتحدّث
عن الاقتصاد اللبناني “المُدمَّر” أصلاً، بالسياسة، وبتصفية الحسابات على
ملاعب الأرقام، والجداول، حتى ولو قُضِيَ على كل من وما، في البلد.
أما اختيار الأوقات المُناسِبَة لإجراء الصّيانة، ولإصلاح الأعطال غير المرتبطة بما هو طارىء منها،
فهذه لا تحتاج الى نِسَب ذكاء خارق، ولا الى من يعلّم ضرورة حصولها خلال الساعات المتقدّمة من اللّيل،
ولليالٍ معدودة، وربما لليلة واحدة فقط، أي بسرعة.
كما أن لا حاجة الى التذكير بأن تهاوي قطاع الاتّصالات المُحتَمَل، بأشكاله كافّة،
وبالكامل، لن ينعكس سلبياً إلا على الفئات الأكثر ضُعفاً، أي على تلك التي تستفيد
منه من أجل تسيير أعمالها، وشؤونها اليوميّة، قبل أي شيء آخر.
أما (الفئات) “القويّة”، فهي تلك التي تحضّر وتتحضّر لعَيْش المنافع الكثيرة،
وللتحرُّك “بالطّول والعرض” في السوق السوداء، التي يبقى كلّ شيء متوفّراً فيها، وبـ “الأسْوَد”،
حتى ولو فُقِدَ من مصدره الأصلي.
استبعد مصدر مُطَّلِع أن “تصل أي أزمة حادّة قد يشهدها قطاع الاتّصالات في لبنان،
الى انقطاع البلد عن العالم، خصوصاً أننا اعتدنا على واقع أن الأزمات التي نعيشها منذ عامَيْن، تعذّب الناس، قبل أي شيء آخر”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “التلويح بأزمة في قطاع الاتّصالات والإنترنت،
هو وجه من وجوه الانهيار القائم في البلد أصلاً، والذي سيتواصل، طالما أن فريق الحُكم
لا يأخذ الأولويات الشعبيّة في الاعتبار، ويتراشق التّهم، ويبدّي مصالحه السياسية على حساب كل ما يلبّي مصالح الناس”.
وشدّد المصدر على أنه “طالما أن الحكومة غير قادرة على الاجتماع، بموازاة انعدام
أي عمل على إصلاحات جديّة، وطالما أن الفريق القابض على السلطة غير مؤمن
بالإصلاح أساساً، فإن الانهيار سيتواصل في كل القطاعات الحيوية تباعاً، وذلك بانتظار طريقة جديدة لإدارة البلد، على مختلف المستويات”.
وختم: “قطاع الإتّصالات هو جزء من أزمة مفتوحة، ترتبط بالتدهور المالي،
وذلك على غرار باقي القطاعات في البلد. ولا حلّ لأي مشكلة قبل إصلاح الأوضاع
المالية والاقتصادية، بالسرعة اللازمة، وبالطريقة المطلوبة”.