المصدر: المدن
“تحت عنوان “موظفو القطاع العام والعسكر: سحب الرواتب بدولار “صيرفة”، كتبت عزة الحاج حسن في “المدن”:
يتناقل العسكريون والمدنيون من موظفي القطاع العام تسجيلات صوتية تبشرهم بإمكان استفادتهم من التعميم 161. يتناقلون التسجيلات ويستفهمون بلهجة لا تخلو من الأمل باستحصالهم على مساعدات مالية أو أي زيادة على الراتب، الذي لم يعد يتجاوز 150 دولاراً بأفضل الاحوال.
التعميم 161 الصادر منذ أيام (في 16 كانون الأول، راجع “المدن”) ينص على سداد المصارف السحوبات المالية المستحقة للعملاء بالدولار النقدي حصراً، وفق سعر الصرف المحدد على منصة صيرفة Sayrafa، على ان يُعمل بالتعميم لغاية نهاية العام الحالي أي على مدى أيام فقط.
التعميم لم يحصر الاستفادة فقط بالمودعين بل شمل كافة العملاء، كما لم يخصّص لأصحاب الحسابات الدولارية، بل توجه إلى أصحاب الحسابات بالعملتين الليرة والدولار على حد سواء، لكن بما يتناسب وسقف السحوبات لدى كل مصرف.
مماطلة المصارف
مرّ على صدور التعميم 161 الصادر عن مصرف لبنان والمحدّد مفعوله حتى نهاية العام الحالي، قرابة الأسبوع ولم يباشر حتى اللحظة أي مصرف بتطبيقه، على ما يؤكد مصدر مصرفي في حديث إلى “المدن”. فالبعض يربط تأخير تطبيقه بالتحضيرات التقنية التي تقوم بها المصارف. أما البعض الآخر فيُماطل بانتظار جلاء الصورة “إذ يشوب التعميم الأخير العديد من العبارات الملتبسة” يقول المصرفي.
وإذ يؤكد المصدر توجه مصرف لبنان إلى تمديد العمل بالتعميم 161 لأسبوعين مع بداية العام 2022، إفساحاً في المجال للموظفين الذين يتقاضون رواتبهم نهاية الشهر أو أولئك الذين لم يتمكنوا من الاستفادة من التعميم، بسبب الضغط المتوقع حصوله في المصارف، يتوقع أن نشهد طوابير على أبواب المصارف في الأيام المقبلة مع بداية تطبيق التعميم.
الرواتب بالدولار
عدم تطبيق التعميم حتى اللحظة من قبل المصارف، وعدم شموله موظفي القطاع العام بشكل صريح، دفع بالقيمين على القطاع العام والأجهزة العسكرية والمتقاعدين إلى إرسال توصيات عبر رسائل صوتية تحذر العاملين من إنفاق كامل رواتبهم بالليرة، أو سحبها عبر الصراف الآلي (ATM) تجنباً لخسارة فرصة الاستفادة من التعميم.
ولأن مصرف لبنان اعتمد كالعادة الصيغة المُبهمة لتعميمه بما يحمل العديد من الثغرات، تولى مسألة توجيه العاملين للاستفادة من التعميم بعض النقابيين في القطاع العام وبعض الضباط في الأجهزة العسكرية، وسط تفاوت بسعر الصرف المُفترض اعتماده في عملية السحوبات. فقد عمم النقابي محمد قاسم على مجموعات معلمي القطاع العام على سبيل المثال تسجيلاً يخبرهم فيه بما تبلغه من حاكم مصرف لبنان وعدد من المصارف (على حد تعبيره)
بضرورة سحب
الرواتب
من داخل البنك وليس عبر ATM، فيتم تحويل الراتب من الليرة اللبنانية إلى الدولار باحتسابه على سعر منصة صيرفة،
أي على أساس سعر الصرف 22500 ليرة، ثم يتم صرفهم بالدولار الأميركي للعملاء الذين يحق لهم التصرف بالدولارات خارج المصارف.
أما على مجموعات الأجهزة العسكرية فجرى تعميم تسجيلات مشابهة،
لكن مع احتساب سعر صرف منصة صيرفة 22000 ليرة للدولار الواحد،
ذلك بناء على برقية رسمية صادرة عن قيادة الجيش اللبناني تُعلم فيها العسكريين (الضباط والرتباء والأفراد)
أن بإمكانهم سحب راتبهم الشهري عن شهر كانون الثاني 2022 من داخل المصرف
وليس عبر الصراف الآلي
ATM على سعر منصة صيرفة بالدولار الفريش قبل 31/12/2021، على أن يتم صرف المبلغ على سعر الصرف
في السوق الموازية، أي في السوق السوداء، وكما قيادة الجيش اللبناني كذلك فعلت
قيادة الأمن العام وغيرها من الأجهزة الأمنية، مع تحذيرها من استعمال البطاقات المصرفية
في أي من السوبر ماركت أو المتاجر قبل سحب الراتب من داخل المصرف بغية الإستفادة من التعميم.
عملية سحب الرواتب
وفي عملية حسابية لكيفية الاستفادة من التعميم 161، يتم سحب راتب بقيمة
مليون و500 ألف ليرة (1500000 ليرة) على سبيل المثال، من داخل المصرف على سعر منصة صيرفة (22000 ليرة للدولار الواحد)
فيساوي الراتب 68 دولاراً يتم صرفها للعميل نقداً، على أن يقوم الأخير بتحويلها
إلى الليرة اللبنانية في السوق السوداء على سعر صرف السوق الموازية 27000 ليرة (معرّض للتغيير يومياً)
فيساوي الراتب 1836000 ليرة، وبذلك يكون قد استفاد الموظف بمبلغ إضافي على الراتب يبلغ 336000 ليرة فقط.
وهو مبلغ لا يغطي شراء أكثر من صفيحة بنزين، في حين أن موظفي القطاع العام بمن
فيهم الأجهزة الأمنية تراجعت قيمة رواتبهم بأكثر من 90 في المئة بعد انهيار الليرة.
بالنتيجة، لن يستفيد الموظفون أو عناصر الأجهزة الأمنية من التعميم 161 بأكثر من 400 ألف ليرة،
باعتبار أن غالبية الرواتبهم لا تتجاوز 2 مليون ليرة.
ولأن حصيلة الراتب بالدولار (68 دولاراً) فيه كسور، فيشدد المعنيون بالقطاع العام على العاملين
بإحضار بعض الدولارات إلى المصرف، لضمان الحصول على الراتب بالدولار
في حال لم يتوفر لدى المصرف الدولارات من فئات صغيرة.
استنزاف الاحتياطات
التعميم 161 الذي يستهدف منه حاكم مصرف لبنان السيطرة على سوق الصرف
في السوق الموازية وإن مرحلياً، عبر سحب الليرات من السوق وضخّ الدولارات بالمقابل
، لا يختلف بمفعوله عن التعاميم السابقة 158 و151 وغيرها من التعاميم التي أحدثت
إرباكاً بين المودعين والعملاء عموماً، ولم تتعد مفاعيلها الأسابيع القليلة،
في حين أنها تلتقي جميعها في المساهمة بتذويب الودائع الدولارية وترسيخ عملية الهيركات الواقعة.
ويستغرب مصدر مطلع في حديث إلى “المدن” اعتماد مصرف لبنان أساليب
ملتبسة في سبيل تهدئة سوق الصرف لشهر فقط بأفضل الأحوال، في حين أنه يُمعن في استنزاف ما تبقى له من احتياطات دولارية.