اقتصاد

‘يا بتدفع يا بتموت’… في مستشفى لبناني: جاءهم المريض بين الحياة والموت، فكان الجواب

“نشر موقع النهار:

القصة لم تعد حالة فردية تحدث هنا وهناك، بل أصبحت قصة كلّ مواطن أثقلته الأزمة الاقتصادية المستفحلة وسلبت منه حقوقه المكتسبة.

وأكثر ما يشغل بال المواطن اليوم، صحته، طبابته، وخوفه من اضطراره دخول ال#مستشفى. فالمبالغ التي باتت تطلبها مكاتب الدخول في مختلف مستشفيات لبنان خيالية، وتفوق تصور أيّ فرد راتبه لم يعد يكفيه لدفع فاتورة اشتراك الكهرباء.

فموظف القطاع العام الذي يتقاضى مليوناً و700 ألف ليرة مثلاً، من أين سيأتي بمبلغ يفوق الـ10 ملايين ليرة لإدخال أحد أفراد عائلته إلى المستشفى؟

حكاية العمّ فريفر، ابن التسعين عاماً، واحدة من آلاف الحكايات التي تحدث يومياً على أبواب المستشفيات. هذا العمّ الذي أرهقه العمر وأتعب صحته، انتكست حالته ليلاً، وتعرّض إلى وعكة أفقدته الوعي وسبّبت له اضطراباً في نبضات القلب، ما استدعى ضرورة نقله إلى المستشفى، لكن المريض لم يتمكّن من دخولها.

السيدة بيارات فريفر، ابنته، روت لـ”النهار”، ما جرى معها ومع والدها لحظة وصولهما إلى المستشفى التي رفضت استقباله بسبب المال وهو يقبع بين الحياة والموت.

تقول بيارات: “بعد تدهور حالة والدي، اتصلنا بالصليب الأحمر الذي حضر إلى

المنزل لكنّه لم يتمكّن من السيطرة على حالته الصحية، ما يستدعي ضرورة نقله إلى المستشفى بأسرع وقت”.

وبعد اتصال مع الطبيب المتابع لحالة العم فريفر، طلب منهم التوجّه إلى أقرب مستشفى.

وصلت فريفر ووالدها وأخوها إلى المستشفى، وكان في استقبالهم الطاقم الطبي

في قسم الطوارئ، والذي باشر إجراء الإسعافات اللازمة. وفي نفس

الوقت توجّه موظف المحاسبة إليهم، بحسب ما روت فريفر، وطلب منهم مبلغ 550 ألف ليرة بدل دخول طوارئ.

هنا، تؤكّد الابنة أنّه “دفعنا المبلغ، وكنا نتابع حالة والدي، لكنّ الموظف

عاد إلينا ليخبرنا بضرورة دفع مبلغ 6 ملايين ليرة، فرق ضمان اجتماعي، وبدل دخول مستشفى، لأنّ والدي يحتاج إلى البقاء فيها”.

وأضافت: “طلبنا منهم مهلة حتى الصباح الباكر لإحضار المبلغ، لأننا لم نكن نحمله

في تلك الساعة المتأخرة من منتصف الليل، وقلنا لهم أننا بحاجة للذهاب إلى المصرف،

فالمبلغ متوفّر. إلّا أنّ الموظف اعتذر منّا وأبلغنا بعدم موافقتهم على إدخال

والدي إلى المستشفى. فإمّا دفع المبلغ على الفور، وإمّا نقله إلى مستشفى آخر”.

وتابعت: “نقلنا الوالد إلى السيارة حيث قدّم له طبيبه الإسعافات في السيارة،

وطلب منّا نقله إلى المنزل ومراقبته، وفي حال لم تستقرّ حالته، سنضطرّ عندها لنقله إلى مسشتفى آخر”.

السيدة فريفر عبّرت عن غضبها وأسفها لما وصلت إليه حال المواطن،

متسائلة عن عدد الأشخاص الذين يموتون على أبواب المستشفيات

من دون أن يعرف بهم أحد، بسبب الوضع المادي وانعدام الإنسانية والرحمة.

أمّا المضحك المبكي، أنّ السيدة فريفر موظفة في وزارة #الصحة،

ولم تتمكّن أمام جشع بعض المستشفيات من مساعدة والدها الذي كان من الممكن أن يفقد حياته في تلك اللحظة.

وفي الإطار، لفتت إلى أنّها أبلغت وزير الصحة #فراس الأبيض بما جرى، وقد كلّف المعنيين بمتابعة الأمر والتحقيق فيه.

حكماً، المستشفيات تعاني أيضاً من تبعات الأزمة وجنون الدولار وتوقفّ المؤسسات

الضامنة عن تغطية المضمون. لكنّ الحقوق الإنسانية تبقى فوق كلّ اعتبار،

وهذا ما يحلف عليه اليمين الوظيفي كلّ الأطباء وكلّ الممرضين.

من غير المقبول، أن يُترك مريض بين الحياة والموت بسبب المال،

فمن يتعرّض لوعكة صحية مفاجئة لن يكون بحالة جهوزية لدفع مبالغ كبيرة

لحظة دخوله إلى المستشفى، على قاعدة “يا بتدفع يا بتموت”. وبالتالي،

على وزارة الصحة أن تكون أكثر صرامة في متابعة هذه الحالات، اتخاذ الإجراءات الجزائية في حقّ تلك المستشفيات مهما عظمت الأزمة.

وللأسف آلاف اللبناينين اليوم، يفضّلون الدعاء بالشفاء والبقاء في المنازل بدل الذهاب

إلى المستشفى لتلقّي العلاج، تجنّباً للإذلال الذي قد يتعرّضون له على أبواب بعض المستشفيات بسبب أوضاعهم المادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى