بقلم باسكال أبو نادر – النشرة
أعاد التعميم 161، الذي أصدره مصرف لبنان، “العجقة” والحياة إلى القطاع المصرفي الذي بات يتوافد الزبائن اليه بأعداد كبيرة، بحثاً عن بضعة دولارات يستفيدون منها في السوق السوداء. فاليوم أخرج حاكم المركزي رياض سلامة “دولاراته”، التي لم يُعرف مصدرها، ليُغذّي السوق بها ويسحب منها الكتلة النقدية بالليرة، التي أصبحت عملياً ضخمة، ويُمارس بنفس الوقت هيركات على حسابات التوطين للموظفين والمودعين.
التعميم 161 يُقسَم إلى ثلاثة أجزاء ويرتبط بالعلاقة مع المودعين، مع الموظفين بالقطاعين العام والخاص، وأخيراً العلاقة مع السوق السوداء. في الأولى يجب التفريق في السحب على أساس التعميم 151/601، وما بين السحوبات على أساس التعميم 158. في السحب على أساس 151 سقف السحب 3 آلاف دولار x 8000 ليرة ويقسم على سعر منصة صيرفة، والمبلغ الذي ينتج عن هذه العملية يحصل عليه المودع، أيّ تقريباً 1000 دولار، وبالتالي مورس هيركات على المبلغ بحوالي 2000 دولار، أي حوالي 67% من قيمة المبلغ.
المودع الذي يسحب على أساس التعميم 158 (بالليرة اللبنانية)، يقسم المبلغ بالليرة على سعر صيرفة والمبلغ يحصل عليه بالدولار. وهنا أيضاً هناك هيركات. أما بالنسبة للثاني (أي للموظفين)، وهنا يجب التفريق ما بين أساس الراتب بالليرة، الذي يقسم على سعر منصة صيرفة ويسلم المبلغ للموظف بالدولار، وآخرين أساس راتبهم بالدولار، قيمة الدولار x 8000 ليرة ويقسم على منصة صيرفة.
“هذه العملية كلّها هدفها تمويل المصارف والدولة من مال المودعين”. هذا ما يراه المختصّ في الرقابة على المصارف المحامي الدكتور باسكال ضاهر، لافتاً إلى أن “الاتجاه بالسياسة العامة الماليّة هو تمويل المصارف واقفال العجز من مال المودعين”. ويتطرق الدكتور ضاهر إلى الشقّ الذي يتعلّق بالموظفين، ليشير الى أن “هدفه تحفيز الموظفين على صرف الدولارات في السوق السوداء وتحقيق الأرباح ما بين هامش منصة صيرفة والسوق السوداء”. بدوره يرى الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان أن “الهدف من التعميم 161 سحب الليرة من السوق وتخفيف المضاربة على الدولار”، مضيفاً: “في نفس الوقت المصرف المركزي لا يمدّ السوق بالليرة اللبنانية ولا يقوم بالطباعة، ما يعني أنه لن يكون هناك مضاربة على الدولار”.
ويتساءل أبو سليمان من أين أحضر رياض سلامة الدولار لتمويل التعميم،
“هل ممّا تبقى من أموال المودعين؟ أي من الاحتياطي، أو من السوق السوداء”،
لافتاً إلى أن “الهدف من التعميم ألاّ يرتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء كثيراً،
حيث كان، قبل التعيمم، يرتفع بمعدل ألف ليرة يومياً تقريباً، ولكن في نفس الوقت
هناك تلاعب بالسعر، فبقدوم المغتربين والناس تصرف الدولارات، وبالتعميم 161 هناك عرض على الدولار، فلماذا لما ينخفض سعره”؟.
أما ضاهر فيرى أنه “قد تكون مصادر دولارات هذا التعميم الأموال التي حولت إلى الدولة
من صندوق النقد الدولي، التي أساسها وحدات حقوق السحب الخاصة، وهي مودعة بمصرف لبنان
في حساب الحكومة وبالتالي هي ملك الدولة اللبنانية، أما اذا كانت أموال المودعين فهي حقّ لهم
ويجب أن يحصلوا عليها من دون ممارسة هيركات على الحساب ومن دون قيود”.
كثيرة هي علامات الاستفهام التي توضع على التعميم 161 وعلى دور مصرف لبنان والقطاع المصرفي وعلاقتهم
بالسوق السوداء، فإذا كانت الدولة تُحارب المنصات الغير شرعية لمصلحة السوق السوداء،
من مالك هذه المنصات ولمصلحة من تعمل؟ وعندما يتمّ حجب الدولار عن المودع ليذهب
إلى السوق السوداء الا يشكّل هذا اعترافاً صريحاً بهذه السوق؟.
أكثر من ذلك، إذا كان فعلاً تمويل التعميم 161 من الأموال التي حوّلت إلى الدولة من
صندوق النقد التي أساسها وحدات حقوق السحب الخاصة… فهل هذا يعني أن الدولة
تريد تمويل القطاع المصرفي من هذه الأموال؟. بالمختصر هل التعميم 161 “لعبة” لتمويل القطاع المصرفي من أموال الدولة؟!.