لبنان إلى أين؟ … مُحلِّل سياسي يتوقّع “فوضى وإنفجار”!
كثُر التساؤلات عن جدوى الدعوة إلى الحوار في بلد مُنهار يتقاذف فيه المسؤولون التُّهم
وتحميل مسؤولية ما وصلنا إليه كل طرف للآخر، وقد جرّبنا الحوار لأكثر من مرّة ولم نصل إلى نتيجة فما الذي سيتغيّر هذه المرة؟
في هذا السياق، إعتبر المُحلّل السياسي جورج علم أنّ “هناك 3 مسارات أرادها رئس الجمهورية من الحوار:
-المسار الأوّل: فكّ ما يُسمّى بـ”العزلة السياسية” عن القصر الجمهوري نظراً للكيديّات
القائمة بين مختلف المكوّنات وأيضًا بين المعارضة العريضة للعهد وسيّده.
-
المسار الثاني: إعادة تفعيل الحكومة والعودة إلى جلسات مجلس الوزراء.
-والمسار الثالث: بحث ما يُسمّى كيفية الخروج من المأزق المالي.
وقال في حديثٍ لـ “ليبانون ديبايت”: “بإعتقادي أنّ المواضيع التي طرحها رئيس الجمهورية كمادة للحوار
إنطلاقاً من اللامركزية الإدارية والمالية، إلى الإستراتيجية الوطنية الدفاعية، إلى النهوض الإقتصادي والمالي ليس أوانها الآن،
خصوصاً أن المرحلة الراهنة هي مرحلة إستحقاقات دستورية لا أدري إن كانت ستجري
والأمر الأهم أن الذين أوصلوا البلد إلى ما هو عليه اليوم لا يمكن الطلب منهم الإنقاذ وهم المسؤولون عما جرى”.
أضاف: “لذلك ربما كان الغرض الأساس هو فكّ العزلة ما بين المعارضة الواسعة والقصر الجمهوري.
ويبدو أن المحاولة لم تنجح لأن هناك أركان أساسية أو قُطب أساسية في البلد أعلنت صراحة يأنها لن تشارك،
وأصبحت المشاركة مقتصرة على الفريق الضيّق من “8 آذار””.
”جدول الحوار قابل للبحث إذا كانت هناك رغبة بالحوار”، وفق علم.
“بمعنى أن رئيس الجمهورية قابل أن يتفاهم على برنامج للحوار ويطرح المواضيع التي يقترحها البعض ويراها أساسية.
مثلا الرئيس نجيب ميقاتي قال إن الحوار المطلوب هو إعادة نسج العلاقات الجيدة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية.
طبعا بند من هذا النوع كان أيضا ممكن طرحه على جدول الأعمال إذا كان هناك من حوار”.
ولفت إلى أننّا “نتحدّث عن المبدأ أي فكرة الحوار بحد ذاتها كانت مرفوضة، من قائد القوات اللبنانية سمير جعجع يرفض الحوار،
وأيضاً من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الذي له أكبر تمثيل سنّي في مجلس النواب،
من سليمان فرنجية المحسوب أساساً على “8 آذار” ومن جهات أخرى عبّرت عن رفضها التام للفكرة”.
أما عن احتمال إجراء الانتخابات، رأى علم أنّ “ليس هناك من معالجات فإذا كان الحوار غير ممكن،
بالتالي علينا أن نسأل هل هناك من قدرة على إعادة جمع مجلس الوزراء، وأن تستأنف الحكومة جلساتها؟
حتى الآن لا يزال ”الفيتو” المطروح على أعمال الحكومة قائماً
إذ يجب أولا “قبع” القاضي طارق بيطار أولاً لكي يعاد النظر باستئناف الجلسات،
وهذا الأمر لا يمكن أن تقدِم عليه الحكومة لاعتبارَيْن:
-أولا الإعتبار الوظيفي إذ لا شأن للسلطة التنفيذية على السلطة القضائية هناك إستقلالية بين السلطتين.
-الأمر الثاني أن رئيس الحكومة “السني” لن يرضخ إلى المطلب “الشيعي” في فرض أمر معيّن
على الحكومة هذا يكون من خلال الحوار وليس ضمن منطق فوقي،
فإذا لم تكن هناك من معالجة بديهية لكي تستأنف الحكومة أعمالها فمعنى
ذلك أن الفوضى ستكون عارمة من الآن وحتى موعد الانتخابات، وربما أن تؤدي هذه الفوضى بالإنتخابات أيضا”.
وأردف: “علينا أن نذكر اليوم أن الدولار تخطّى الـ32 ألف ليرة، أي أن الضائقة الإجتماعية والمالية ستؤدي حتمًا إلى الإنفجار،
لم يعد هناك شيئ في البلد فما الجدوى من الإنتخابات؟. وإذا حصلت الانتخابت بفعل فاعلٍ فأنا لا أرى تغيير،
قد يكون التغيير ببعض الوجوه ولكن بطبيعة الحال القوى المؤثّرة، وهي قوى طائفية ومذهبية،
سوف تعود وربما بأحجام مختلفة ولكن وجودها مستمر. والمشكلة في لبنان مشكلة نظام”.
وعما إذا كان “حزب الله” يتلطّى خلف المحقق العدلي في قضية المرفأ القاضي طارق البيطار للتعطيل،
أجاب علم: ”حزب الله يُعطّل جلسات مجلس الوزراء ويفرض رأيه على كل شيئ،
وعندما يقول رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد “نحن أسياد البلد”،
هذا كلام كبير ماذا يعني؟ ومن تبقى من اللبنانيين هم عبيد، ما هذا المنطق”؟.
ومضى علم قائلًا: “أنا لا أرى أن “حزب الله” يريد حكومة تتفاوض مع صندوق النقد الدولي،
لأنه خاضع للإدارة الغربية الأميركية.
وعندما قال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله إنه يريد الاتجاه شرقاً يعني إيران وبعدها الصين عبر إيران”.
وأعرب عن خشيته من أن “نكون ضالعين في مخطّط كبير يقوم على تفريغ لبنان
من اللبنانيين لدمج النزوح السوري واللاجئ الفلسطيني، هذا الواقع وهو قرار متّخذ من الولايات المتحدة الأميركية
وحتى من دول الاتحاد الأوروبي الذي نعوّل على مساعداته، هم يقولون صراحة دمج اللاجئين في الدول المضيفة”.
وعن مصلحة “حزب الله” بتسهيل ذلك من خلال التعطيل والعرقلة وصولا إلى انهيار لبنان،
أوضح علم أن “الحزب يساعد لأنه يدخل في ما يسمّى محور الممانعة، والكلمة ليست عنده إنما عند الوليّ الفقيه،
تأتي الأوامر والإرشادات ومن ثمّ يتصرّف “حزب الله”،
لذلك بإعتقادي أنّ قرار الحزب ليس من عنده وهو نابع من قائد “الحرس الثوري”، بالتالي هذا الأمر يخدم مشروع إيران”.
وعن مصير لبنان، قال: “حتى في ظلّ هذا الثقب الأسود القائم أمامنا وغياب الحلول والحوار وعجز الحكومة،
أنا لا أرى أن هناك إنتخابات وإن حصلت ستكون صوريّة”.
وردًّا على سؤال لبنان الى أين؟، الجواب بحسب علم “إمّا أن تأتي دولة وتحكم لبنان
كما فعلت سوريا أي أن يصار إلى اإتداب دولة تدخل بجيشها وتحاول أن تتصرّف كما تصرّف السوري،
أو أن يكون هناك مؤتمر دولي تشارك فيه كل الدول المؤثّرة على الساحة اللبنانية،
بدءاً من إيران الى آخر دولة ليُصار الى تفاهم على صيغة جديدة ونظام جديد”،
مؤكّداً أنه “خارج هذا الإطار اللبنانيون أعجز من أن يتفاهموا على حلول،
وبالتالي حتى ولو كانت طاولة الحوار قائمة في بعبدا حكماً، سيكون عليها “حزب الله” و100 ألف مقاتل هم الذين سيتحكّمون بالقرارات”.
المصدر: ليبانون ديبايت