“ليبانون ديبايت”
لفت المُحلّل السياسي جورج علم إلى أنّ “عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت كانت مُنتظرة كونه رئيس ثاني أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب، وبالتالي دستورياً بدأت العملية الانتخابية وبدأ الكلّ يستعدّ للمعركة، إلاّ إذا حصلت تطورات أمنية أو حدث معيّن يحول دون إجراء الانتخابات”.
وقال علم في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”: “عمليًّا العملية الإنتخابية انطلقت وبدأت التحالفات، وبالنسبة للرئيس سعد الحريري في الحقيقة لا يمكننا التكهّن فالكلمة الأخيرة له. إما يُشارك أو لا يُشارك ولم ترشَح معلومات محدّدة من خلال الجولة التي قام بها عند وصوله، ومن المفترض أن تتوضّح الصورة خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة. علماً أن هناك من يراهن على أنه سيكون له في خطاب في 14 شباط المقبل يقول فيها كلمة الفصل”.
أضاف: “المهم في الموضوع أنه عاد ولا بد من أن تظهر كلمة السرّ، بعد أن يعقد إجتماعات مع كتلته النيابية والفاعليات، ولربما يتسرّب شيئ ما لاحقاً”.
وتابع علم: “أنا لا زلت أعتقد أنه إذا جرت الانتخابات نكون نطبّق جزء من الدستور، لكن إذا كان المطلوب من الانتخابات التغيير فباعتقادي أن التغيير لن يحصل لأن المعادلة القائمة في البلد لم تتغيّر حتى الآن”، مُشيرًا إلى “وجود عدم توازن قوى واضح جداً، فاليوم “الثنائي الشيعي” و”حزب الله” تحديداً يُمثّل جزء من فائض القوّة، وفائض القوة يتنافى مع الديمقراطية”.
وأعطى علم مثالًا “الإنتخابات التي جرت في العراق، وكيف أدّى فائض القوة من الطرف الخاسر وعدم اعترافه بالنتائج الى عدم تسهيل ولادة حكومة”. وتوقّع أن “يتكرّر هذا المشهد في لبنان، أي إذا حاز “حزب الله” ومن معه على الأكثرية لن يكونوا بحاجة الى من يعارض، ولكن إذا حصل العكس فباعتقادي أن المسألة ستتعرقل كثيراً”.
وقال: “العملية الإنتخابية حتى الآن تقليدية، والديمقراطية في لبنان منقوصة، فصحيح أنه لدينا أحزاب وتيارات وما يسمّى تنظيمات المجتمع المدني، لكن لا مشروع سياسياً. واليوم بعد النكبة التي أصيب بها لبنان على كل المستويات لا يزال الاهتمام ينصب على التحالفات وكمّ الأصوات للدخول الى المجلس النيابي”.
ولفت إلى أنّ “الرهان اليوم على وجوه جديدة وإنتفاضة 17 تشرين وتنظيمات المجتمع المدني والتغيير، مع إحترامنا لكل الوجوه الجديدة لكن إذا نجحوا ما هو برنامجهم، وهذا الشعار ”كلن يعني كلن” كيف سيطبّق”؟.
وأكد أن “هناك ثغرة مهمّة في ديمقراطيتنا، لا يوجد ديمقراطية في العالم إسمها ديمقراطية توافقية، بينما نحن قائمون على التسويات والتسوية تأتي دائماً على حساب الدستور والقوانين وكل ما يلزم الحياة العامة، والمشكلة في لبنان هي في الأساس مشكلة نظام، هذا النظام لم يتمكّن من تأسيس دولة إنما مزارع”.
وردًا على سؤال ماذا قد يُغيّر عدم ترشّح الحريري في المشهد اللبناني، وما مدى صحّة
وجود قرار سعودي بإبعاده حاليّا؟ أجاب علم: “لا معطيات لديّ بوجود مثل هذا القرار وأنا لا
أدخل في التحليلات، وقراءتي للأمور أن هناك
مشكلة بينه وبين السعودية منذ العام 2017 عندما إستقال من المملكة. وما أقوله أن
الرئيس الحريري لديه من دون شكّ حيثيّة سنيّة وازنة في الطائفة، وإذا قرّر عدم الترشّح
فهذا أنه يعني سوف يحدث نوع من إنعدام وزن أو أن يُفتح الباب أمام نشوء قيادات حالية
أو قيادات شابّة في الطائفة لخوض المعركة”.
أضاف: “لكن لا يزال الرئيس سعد الحريري حتى الآن الشخصيّة السنيّة الأبرز،
مع احترامي للرئيس نجيب ميقاتي. وفي حال لم يرغب بالمشاركة أو ترك الحرية لنواب
تيّاره فباعتقادي هناك عملية حسابية سياسية على الساحة السنيّة (أوزان وأحجام جديدة)،
عملية خلط أوراق واسعة لدى الطائفة السنيّة في كل المناطق الإنتخابية، إضافة الى تأثيرها
على باقي الطوائف، كما سيؤثر على الوضع السياسي العام في البلد”.
وتابع علم: “فهناك كتل نيابية بارزة تُعوّل ولها مصلحة بأن يكون الحريري هو الأقوى في طائفته
والأقوى ككتلة سنيّة في مجلس النواب، ولا يمكننا إنكار وجود نوع من التحالف أو تمرير الرسائل بينه وبين الرئيس نبيه بري،
وأتصوّر أن الرئيس بري يقوم بالمستحيل ليخوض المعركة الانتخابية ويحافظ على موقعه
الإنتخابي لوجود مصالح مشتركة، أقلّه أن هذا التحالف القائم أدّى – حتى الآن – لعدم حدوث
إحتكاك سنّي شيعي في البلد، وهذا أمر إيجابي لأنه في ظلّ التدهور الحاصل لا يزال السلم الأهلي ممسوكاً”.
ورأى أنّ “هناك عجزاً في البلد نتيجة الفساد وعدم وجود قضاء قادر على أن
يحاكم لأن الطائفية والمذهبية فوق كل المؤسّسات، وهذا الذي جعلنا نلجأ الى الديمقراطية التوافقية”.
أما عن مدى إرتباط وضع لبنان بتطورات المنطقة، فأكّد علم أنّ “لبنان ساحة مباحة لكل الصراعات”،
وإعتبر أنّه “إذا استطعنا تمرير الاستحقاقات المقبلة من دون دم في لبنان وحافظنا على السلم الأهلي،
نبدأ عندها بالتقاط الأنفاس داخلياً لتنقية الأجواء في الداخل، لكن نحن مرتبطون بحلول ومشاريع كبرى في المنطقة”.
ومضى قائلًا: “إذا كان هناك تسليم بدور إيراني أوسع في الشرق الأوسط، في ظلّ مفاوضات فيينا،
فستكون هناك حسابات، وحسابات أيضاً أخرى إذا كان هناك توازن بين القوى المتصارعة على
تسوية معينة، أين يكون لبنان منها؟… هناك علامات إستفهام كبيرة”.
وختم بالقول: “هناك أمر أساسي اليوم، الجميع يتلهّى بالإنتخابات وهناك ثلاث ألغام خطِرة في البلد:
أولاً: الاتحاد الاوروبي (الغيور على لبنان) يطالب بدمج النازحين السوريين في الدول المضيفة،
كيف نمدج مليوني نازح واللبنانيين يفرّون بقوارب الموت بحثاً عن وطن بديل؟.
ثانياً: كيف نحلّ القضيّة الفلسطينية في ظل عدم عودة اللاجئين الفلسطينين والجزء الأكبر
منهم أصبح جزء من المجتمع اللبناني؟.
ثالثاً: النفط وترسيم الحدود، هل هناك قرار لبناني بإمكانه السيطرة على هذا الملف؟
أم أننا بإنتظار الجانب الأميركي ليفصّل لنا الحلّ ونحن نسير به لأننا غير متفاهمين
حول هذا الملف، وما يهمّنا كيف نقسّمه على الطوائف، هذه الملفات مصيرية لا
أحد يُبالي بها ونتكلّم عن أكثرية وأقلية من دون وجود برامج”.