ليبانون ديبايت
اعتبر المُحلل السياسي قاسم قصير أنّ “قرار الرئيس سعد الحريري تعليق مشاركته بالعمل السياسي في لبنان قرار كبير جدًا، وليس له بُعد محلّي فقط إنما له بُعد خارجي أيضاً”.
ورأى قصير أن “هذا القرار لا يمكن أن يأخذه الحريري فقط لأسبابٍ ذاتيّة أو لأسباب الداخلية، ولكن هناك قرار كبير بدأ منذ فترة عندما لم تتعاون المملكة العربية السعودية معه عند تشكيل حكومة وعندما رفضت استقباله. كان أحد الشروط تخلّيه عن الحياة السياسية في ظل التحالف القائم، لذلك هذا القرار كبير جداً وسيكون له تداعيات سواء على مستوى لبنان أو المنطقة”.
ولفت قصير إلى أنّ “هذا القرار تزامن مع الشروط التي نقلها وزير الخارجية الكويتي إلى لبنان، والتي تضمّنت إعادة تشكيل الخريطة السياسية في لبنان على المستوى الداخلي، ودور “حزب الله” وعلى مستوى علاقات لبنان بالخارج، لذا قد يكون من الصعب الآن الحديث عن تداعيات هذا القرار على الساحة السنيّة ومن هم الأفرقاء الذين سيملؤون الفراغ؟، وأيضاً على صعيد الوضع السياسي اللبناني هل هذا القرار منعزل أو سيكون هناك قرارات أخرى من أفرقاء آخرين وقد بدأنا نقرأ أن هناك أطرافاً أو نواباً قد لا يترشّحون”؟
أضاف: “وبالنسبة للجانب الخارجي ماذا بعد المبادرة الكويتية؟. هل سيكون هناك إجراءات؟ فأظن أن ما طرحه الوزير الكويتي من الصعب أن يتجاوب لبنان معه، خصوصاً فيما يتعلّق بحزب الله ودوره وسلاحه. لا يستطيع أحد أن يأخذ الآن قراراً بشأن سلاح الحزب، ولا يستطيع أحد أن يمنع اللبنانيين الذين لديهم وجهة نظر أخرى أن يُعبّروا عن رأيهم”.
وتابع قصير: “لذلك علينا أن ننتظر موقف الدول العربية، هل نحن أمام تصعيد إذا لم يتم التوصّل الى تسوية ما؟.. فهناك شروط قدّمتها المبادرة الكويتية ونحن غير قادرين على تنفيذها فماذا ستفعلون بعد ذلك”؟.
ومضى قصير قائلًا: “هناك نقطة أخرى أيضاً من يملأ فراغ تيار المستقبل سواء أخطأ أو أصاب؟..
سواء الرئيس سعد الحريري لديه ظروفه الخاصة أو الخارجية، لكنّه كان يملأ جزءاً كبيراً
من الساحة السياسية اللبنانية، وخصوصا السنيّة،
بالتالي نحن اليوم أمام فراغ ما. إما سيُملأ من التيارات الإسلامية وبعض هذه التيارات له علاقة بتركيا،
أو ستعود سوريا الى لبنان مجدداً بدعم عربي لملء الفراغ الحاصل كما ملأته في فترات معيّنة أو أن “حزب الله”
وإيران سيملآن الفراغ كما تحدث رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي”
وليد جنبلاط إذا كان لديهم مشروع يستوعب الساحة الإسلامية أيضاً،
أو بهاء الحريري شقيق الرئيس سعد الحريري سيبدأ العمل السياسي المباشر
من خلال ما بدأه من خلال حركة “سوا”، أو أخيرا الاتجاهات والتيارات المتطرّفة تعود مجدداً الى الساحة اللبنانية”.
وأردف: “ما يعني أن هناك خمسة إتجاهات قد تملأ هذا الفراغ، لكن سنفتقد بغض النظر
عن الجهة، القوّة المركزية القادرة على ضبط الساحة. طبعا هناك قيادات سنيّة
موجودة والساحة السنيّة لا تفتقد إلى القيادات، لكن لا توجد قيادة مركزية
يمكنها ملئ فراغ الحريري وتستطيع ضبط الوضع، مما سيعني أننا أمام مرحلة رمادية أو
غير واضحة وكل الاحتمالات واردة. إذ من الممكن حصول توتّرات أمنية أو سياسية”.
ورأى أنه “في حال زاد الضغط الخارجي سنكون حينها أمام تصعيد، لذلك تقديري
أن ما جرى اليوم تطوّر خطير سيكون له تداعيات علينا تقييمه، والأهم العمل لمنع أن يؤدّي ذلك الى مزيدٍ
من التوتّرات بل السعي لمعالجته من خلال خطاب داخلي هادئ تحديدا من قبل “حزب الله”،
والسعي لتشكيل جبهات تستطيع أن تنجح بملء بعض الفراغات، خصوصا على الساحة السنية،
ومعالجة علاقات لبنان العربية بأكبر قدر ممكن من المرونة دون الخضوع لكي نتجنّب التصعيد في المرحلة المقبلة”.