يبدو أن مشهدَ ذلّ اللبنانيين لم تنتهِ فصوله، فبعدَ المحطّات والصيدليات والافران، حان دورُ مراكز المعاينة الميكانيكية التي تحوّلت إلى مرآب كبير للسيارات… “حتى اللي ما تبهدل يتبهدل”.تتكاثرُ الأزمات في لبنان والضحيةُ واحدة، كل مواطن على هذه الأرض…
وهذا هو التوصيف الحقيقي لمشكلة المعاينة في هذه الأيام. فأيامٌ ثلاث فقط تُفتح فيها أبوابُ المعاينة الميكانيكية
من الثلاثاء إلى الخميس، ومن السابعة صباحا حتى الخامسة عصرا، بفعل امتناعِ الموظفين عن المداومة في الأيام الأخرى، نظرا للظروفِ المعيشية في البلاد، وبفعلِ عدمِ رفع رواتبهم.
قد تكونُ مطالبهم محقّة، وحقوقُهم مهدورة بالفعل، لكن ما ذنبُ المواطن حتى تُضافَ “بهدلة” جديدة إلى يومياته ويضطرَّ إلى قضاء يومٍ بكامله من الفجر إلى العصر بانتظارِ أن يأتيَ دوره بمعاينةِ سيارته؟
البعضُ بات يحجزُ له مكانا في الطابور منذ منتصفِ الليل، فينام في سيارته بانتظار أن يحلّ الصباح ويُنجز المهمّة…
مواطنون يأخذون فرصًا من أعمالهم ويقضون نهارهم محتجزين في سياراتهم بانتظارِ الفرج،
أما الأسوأ فهو أن لا تستوفيَ السيارةُ الشروطَ المطلوبة ويضطروا إلى شراء إطارات جديدة أو قطع جديدة والتي تُسعّر بالدولار…
إلا أنه لا بدّ من التنويه إلى قرار إلغاء المعاينة الميكانيكية الذي وقّعه وزير الداخلية بسام المولوي قبل أيام
والذي بموجبه أصبح بإمكان المواطنين الذين خضعت سياراتهم السياحية أو دراجاتهم النارية بنجاح للمعاينة في العام 2020 أو 2021
دفع رسوم الميكانيك عن العام 2022 والسنوات السابقة من دون الحاجة لإجراء المعاينة الميكانيكية عن العام 2022
غير أن المطلوب اليوم هو قرار أبعد من ذلك، فالمواطن في لبنان العالق بين فكّي مختلف الازمات،
والذي اكتوى بكلّ المصائب والمصاريف، باتت المعاينةُ الميكانيكيّة همًّا جديدًا يضافُ إلى همومه، فيما طرقاته غيرُ صالحة، والإنارةُ غائبة.
فلماذا الإصرارُ على موضوعِ المعاينة من أجل 30 ألفا ما عادت تساوي إلا دولارا واحدا؟
ولماذا لا يُصار إلى إلغائها، ونصبحَ على غرار ما هو جارٍ في الكثيرِ من الدول،
من حيث اعتماد “كاراجات” معيّنة من قِبل الدولة يمكنُ فيها للمواطن أن يجريَ معاينةً دوريةً فيها، فنوفّر عليهِ ذلّا وهدرا للوقتِ وللأعصاب.
القصّة تحتاجُ قرارا جريئا، قرارا ينطلقُ فعلا من معاناة هذا المواطن، فنُزيح عن كاهلهِ القليلَ من ذاك الحِملِ الثقيلِ الثقيل… فهل مَن يسمع؟
سينتيا سركيس – mtv