المستشفيات اللبنانية بخطر: وفيات
غامضة واعتداءات على الأطباء
استنزفت الأزمة الاقتصادية التي يشهدها
لبنان منذ عامين، معظم القطاعات الحيوية.
وها هي تقضي على ما تبقى من القطاع الصحي،
خصوصاً مع هجرة مئات الأطباء والممرضين
والممرضات. وبعد انقطاع الأدوية من السوق،
ثم ارتفاع سعرها، وانتشار كورونا، وقلة الأسرة
الشاغرة في المشافي،
وارتفاع الدولار و”موت” الليرة والمداخيل،
أصبح الدخول إلى المستشفيات هاجساً للمواطن،
خوفاً مما لا يمكن أن يتحمله المريض من تكاليف باهظة.
وأمام هذه الوقائع نشب صراع طويل
منذ بداية الأزمة الاقتصادية وحتى اليوم،
بين المريض وإدارة المشافي. وسجلت وفيات
في أقسام الطوارئ، أفضت إلى اعتداءات
من قبل أهالي المرضى على الجسم الطبي
والتمريضي وحتى أصحاب
المستشفى، وإلى حد تهديد حياتهم.
أثارت حادثة وفاة الطفلة سهام مروان شاهين
(4 أشهر) حفيظة رواد مواقع التواصل الاجتماعي،
الذين أدانوا الواقعة وطالبوا بمحاسبة المشفى.
وفي التفاصيل، وحسب شهادة ذويها، فإن
الطفلة تعرضت لحالة اختناق، وتم نقلها إلى مستشفى
غسان حمود الجامعي في صيدا لتلقي العلاج اللازم.
ولكن الأخيرة رفضت معاينة الطفلة إلا بعد
تأمين مبلغ 10 ملايين ليرة لبنانية. وطلب
والد الطفلة منهم البدء بعلاجها ومساعدتها
ريثما يذهب لإحضار المبلغ المطعلوب،
فهو على حد قوله، خرج مسرعاً من البيت ولم
يكن بحوزته هذا المبلغ. ولكن، الموت كان أسرع،
إذ توقف قلب الطفلة وماتت. فحمّل مروان
شاهين كامل المسؤولية للمستشفى، واتهمها
بأنها رفضت البدء
بالعلاج وإعطاءها أي دواء قبل أن تتقاضى
10 ملايين ليرة. وطالب وزارة الصحة بالتحقيق،
وهدد المشفى بتحطيمها بسبب
رفض مساعدة طفلته، مما أدى إلى موتها.
في المقابل، نفت إدارة المستشفى،
في بيان لها، رواية الأهل، معتبرة الخبر
المتداول عار من الصحة، وينطوي على
تشهير متعمد بسمعة المستشفى، وقال البيان
إنهم استقبلوا المريضة وعاينوها
وأجروا لها كل الفحوص اللازمة، ولكنها
تعرضت لتشنج واضطرابات كهربائية
في الدماغ. كما أنها تعاني من تضخم خلقي في
القلب، ما أدى إلى وفاتها. وأكدت إدارة
مستشفى حمود أن الطفلة سهام خضعت
للفحوص والمعاينة والصور،
وقدمت لها العلاجات وكامل الخدمات الطبية
والاستشفائية من دون أن تتقاضى
المستشفى مالاً، أو تطلب أو تشترط أي
مبالغ مالية، لحظة الدخول خلافاً لما يتم تداوله.
شهادة أخرى قدمها العنصر في فوج
الإطفاء خليل فرشوخ، الذي نشر مشكلته
عبر الإعلام، وهو أب لطفلة مريضة تحتاج
إلى علاج وإهتمام خاص في المستشفى بين فترة
وأخرى. وقد أكد أن كل المشافي اليوم ترفض
إدخال طفلته آية والإعتناء بها، بسبب الفئة
الضامنة التي ينتمي إليها، وهي بلدية بيروت.
إذ أن بلدية بيروت لا تزال تدفع للمستشفيات
على سعر الدولار القديم أي 1500 ليرة، واليوم وبعد
أن ارتفع سعر الدولار وانهارت الليرة، لم تعد المستشفيات
قادرة على تقبل تغطية الفئات الضامنة
وفق الأسعار القديمة. لذا، طلبت منه
، أن يدفع التكاليف المطلوبة على نفقته الخاصة،
وعدم الاعتماد على ضمان
بلدية بيروت. وقد شكا خليل المعاناة
التي تواجه أمثاله في هذا الوضع، طالباً من
الدولة اللبنانية ومن الجهات المعنية
التدخل، مؤكداً أن حياتهم باتت في خطرٍ كبير
من جهة أخرى، تحولت مشاكل المرضى مع
إدارة المشفى والطبيب، إلى مشكلة شخصية
وإلى سياسة جديدة يعتمدها أهالي المريض
في التهجم على المستشفى، عند حدوث
أي خطأ أو مشكلة مع المريض. فقد
عانت مستشفى المقاصد في بيروت من
اعتداءات لفظية وجسدية على الطواقم
الطبية من قبل أهالي إحدى المريضات،
ووصلت إلى محاولة قتل الطبيب بعد موت
إحدى المريضات في العقد الثاني. فقد هاجم أهالي
المريضة قسم الطوارئ
وحاولوا قتل الطبيب. وأمام هذه الاعتداءات
المستمرة في
طوارئ المقاصد واستغاثة الإدارة المتكررة،
لم يكن أمام إدارة المقاصد إلا إصدار قرار
بإقفال قسم الطوارئ إلى حين
تأمين حماية أمنية، وذلك ردعاً للفوضى الحاصلة،
ولتأمين حماية الطواقم الطبية من هذه الاعتداءات.
وفي اتصال “المدن” مع نقيب الأطباء في لبنان،
الدكتور شرف أبو شرف، أكدّ أن لا معطيات
لديه حول قضية موت الطفلة سهام شاهين،
وهو بانتظار تحقيق وزارة الصحة في هذا الموضوع.
معتبراً أن صحة المواطن هي من الأولويات، وأن
كل المشافي عليها استقبال كل الحالات الطارئة
التي تقصدها. وطالب بدعم مادي سريع للقطاع
الاستشفائي قبل انهياره، عن طريق تأمين مبالغ
مادية من منظمات الصحة، البنك الدولي وغيرها..
وإعادة النظر في كل شؤون النظام الصحي
ومعالجته سريعاً
لتحفيزه على البقاء. كما استنكر كل
الاعتداءات التي
تستهدف الطواقم الطبية في
المشافي، واعتبرها
قلة وعي وفلتاناً أمنياً،
ولا تحدث إلا في لبنان. وطالب الدولة بتوقيع
كل القوانين العالقة في هيئة مجلس النواب،
والتي تتعلق بحماية الأطباء. وذلك عن طريق
محاسبة كل من يعتدي
على أي مستشفى عن طريق دفع غرامة
مالية وتجريمه ليكون عبرةً للجميع. فهو
على قناعة أن الأطباء يقومون
بكامل واجباتهم تجاه المرضى، وإن كان لا ينكر أن
الخطأ الطبي وارد ولو بنسبة ضئيلة. كما أن بعض
الحالات تصل إلى المشافي وهي تعاني من مضاعفات ومشاكل،
وتكون بحالة صعبة يستحيل إنقاذها. كل الشكاوى
التي تقدم من أهالي المرضى، يتم التحقق
منها من قبل اختصاصيين،
ويحاسب الطبيب في حال تم التأكد من الاتهامات المقدمة.
كما أنه طالب مرات عديدة القوى العسكرية وقائد
الجيش تأمين حماية للطواقم الطبية تجنباً
للاعتداءات المتكررة، ولكن لا إمكانية للجيش
في حماية كل المستشفيات بشكل دائم.
أما نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون،
أشار إلى أنه حذر سابقاً من الكارثة الصحية الآتية
ولكن لم يسمعه أحد، وها نحن اليوم أمام كارثة
صحية ولا يمكن لأحد أن يلوم المستشفيات على
ما يحصل. فكل الشركات التي نتعامل معها، تبيع
المستلزمات الطبية بالدولار نقداً. وبالتالي، لا يمكن
للمستشفى أن تتحمل أعباء هذا الأمر. ومنذ عام 2021
لم تدفع الدولة اللبنانية أي مستحقات للمستشفيات.
وهو على درايةٍ بأن المواطن يتحمل تكاليف باهظة.
ويقول: “لكن ما العمل؟ نحن على مشارف
إفلاس وإقفال عدد كبير
من المستشفيات، وبالتالي لا يمكن أن ننكر أن
الطبابة ودخول المستشفى سيصبح للميسورين فقط”. أما في
ما خصّ قضية الطفلة سهام شاهين، فعلى حد قوله،
“الخبر عار من الصحة وننتظر تحقيق وزارة الصحة، ومن غير
المسموح رفض أي حالة طارئة. ومن واجب
الطوارئ استقبال حالات المرضى الطارئة، وتقديم
كل الخدمات الطبية
اللازمة لمعالجة الحالة”. وحمّل مسؤولية كل
ما يحصل لحكام البلد والدولة اللبنانية، التي
يجب التحرك وإنقاذ ما تبقى من قطاع
صحي لأننا أمام كارثة كبيرة ستودي بنا إلى الهلاك.
وهو يستنكر ويرفض حالات الاعتداء التي
يتعرض لها الطاقم الطبي،
وحالات رفض المرضى قد تكون لأسباب إدارية لا تتعلق
بالماديات أبداً، كعدم وجود أسرة فارغة أو أسباب أخرى.
وختم قائلاً: انقذوا القطاع الصحي
من الإنهيار.. نحن في خطر كبير!
للمزيد من الاخبار الرجاء الضغط على الرابط التالي:https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/