بقلم هيلدا المعدراني – ليبانون فايلز
في وقت تنكبّ الحكومة على مناقشة الموازنة العامة لإقرارها وإحالتها الى مجلس النواب، يعيش اللبنانيون على الضفة الاخرى في حال من الترقب والتوجس مما ستؤول اليه الاوضاع في المرحلة المقبلة، وليس أدلَّ على التخبط الحاصل من الهجمة غير المسبوقة على شراء الدولار على سعر المنصة تحسباً من عودة سعره إلى الارتفاع، وسط غموض يلف مصير الدولار الجمركي وما سيرتبه من تداعيات وصفت بـ “الكارثية”، فهل سيتم تحديد سعر الدولار على 20 ألف ليرة او السير باقتراح الضريبة التصاعدية بين 8 آلاف وعشرين ألفاً؟
الباحث الاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة اشار في اتصال مع “ليبانون فايلز”، الى انه: “من المؤكد انه لم يتخذ القرار بخصوص الدولار الجمركي، ولم يجرِ تحديد سعره، ولم تتضح الصورة بعد، فالموضوع ليس سهلاً وله انعكاسات سلبية وأخرى ايجابية “.
وتابع: “من ايجابيات رفع سعر الدولار الجمركي انه يزيد من ايرادات الدولة، اي انه يسدّ العجز وهذا الامر يطالب به صندوق النقد، ومن جهة أخرى، فإن المواطن يدفع الرسم الجمركي والضريبة وفق سعر صرف السوق السوداء، وعليه لا يجب ان ترتفع الاسعار، ولا يتوجب على المواطن ان يدفع اي فلس اضافي، وما يضمن عدم ارتفاعها هو الرقابة الصارمة، أمّا أخطر السلبيات فهي تتعلق تحديداً بتفلّت التجار، فهم يرفعون الأسعار ويحققون ارباحاً عن حق او غير وجه حق، فما بالك بإعطائهم ذريعة من دون فرض ضوابط ورقابة؟”
وحذّر عجاقة من تداعيات هذا الامر، معتبراً أن “ذلك من شأنه أن يضعف القدرة
الشرائية للمواطن أكثر فأكثر، وبالتالي ستزداد درجات الفقر أكثر”.
وأوضح ان “الكلفة على الشركات المستوردة ستصبح أكبر، وتطبيق رفع سعر الدولار الجمركي
سينعكس عليها سلباً، والمنطق يقول بأن الاسعار لا يجب ان ترتفع والارباح التي كان يجنيها التجار
ستذهب للدولة”.
واعتبر عجاقة أنه “للحدّ من تداعيات رفع الدولار الجمركي يمكن للدولة ان تضع استثناءات،
وهو ما يحتاج الى تمحيص ودراسة، لذلك لا يزال الغموض يلف مصير الدولار الجمركي،
وبغض النظر عن كل ما يجري إلّا أن هذا الامر هو حيوي ومهم بالنسبة لخزينة الدولة،
إذ لا يمكن ان يستمر التجار بتسعير فواتيرهم على سعر صرف السوق السوداء”.
وعن الموازنة، أكد عجاقة ان “إقرارها أمر ضروري جداً، وعلى ما تبيّن ان العجز
والمديونية تراكمتا خلال السنوات التي لم يتم فيها اقرار موازنات”.
من جهة أخرى، لفت عجاقة الى ان “الموازنة لا يمكن لها ان تكون مثالية في
ظل الاوضاع الراهنة، وإقرارها ليس سهلاً لأنها تترجم وتطبق خطة التعافي
الاقتصادي في البلد، كما انه في حال إقرارها بشكلها الحالي، فإنه يتوجب
إعادة تعديلها بعد التوقيع الاتفاقية مع صندوق النقد لأن ذلك سيكون له تداعيات عليها”.
وأضاف: “بغض النظر عن كل ما تقدم، فإن هناك أطراً ومعطيات
سياسية تفرض نفسها في هذا المجال، على سبيل المثال هناك
أكثر من 90 مؤسسة حالياً يفترض اقفالها ولكن هذا ليس بالأمر السهل،
كما ان إقرار موازنة إصلاحية بكل معنى الكلمة لا يمكن في هذه المرحلة،
فهناك قرارات تحتاج الى تصويت النواب ولا يمكن لهؤلاء اتخاذ بعض القرارات لأنها تضرّ بمصالحهم الانتخابية”.