الدولار الجمركي: أسعار كثيرة لضريبة واحدة

بقلم خالد ابو شقرا – نداء الوطن

الموازنة وما تتضمنه من أرقام “خبط عشواء” في كفة، والدولار الجمركي في كفة أخرى. فالأخير سيكون كـ”منايا” زهير بن أبي سلمى “من تصب” من القطاعات التجارية “تُمِته” و”من تخطئ يعمّر فيهرمِ”. صحيح أن الهمّ الضريبي سيقع على كاهل المكلف النهائي، أي المستهلك، لكن التجار والخزينة من خلفهم سيتحملون بحسب مصدر تجاري خسائر هائلة لثلاثة أسباب رئيسية:

الأول، تراجع الاستهلاك بشكل كبير نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

الثاني، الاستنسابية التي قد تفرض في احتساب الدولار الجمركي بحسب القطاعات المستوردة. حيث تتجه الحكومة إلى ترك حرية تحديد السعر لكل سلعة، أو مجموعة سلع على حدة بيد وزارة المالية. فيعتمد مثلاً دولار 8000 لاستيراد السيارات الجديدة بحجة عدم تلويثها للبيئة ودولار سعر السوق للسيارات القديمة.

الثالث، ارتفاع معدلات التهريب إلى نسب قياسية. ففي ظل حالة الفلتان المقصود للمعابر الشرعية سواء كانت برية أم بحرية أم جوية، ووجود مئات المعابر غير الشرعية، فان السوق سيغرق بالبضائع المهربة التي ستباع بأسعار أقل من البضائع المجمركة. الأمر الذي يفلس الشركات ويحرم الدولة من الضرائب المفروضة.

وبهذه الطريقة قد يقضي الدولار الجمركي على قطاعات بألف حجة وحجة،

ويؤدي إلى ازدهار قطاعات أو تجار أفراد يتمتعون بالإمتيازات. وبطبيعة الحال

فان الضرائب المتوقع تحصيلها من رفع الدولار الجمركي بنحو لا يقل

عن 10 آلاف مليار ليرة لن يتحقق منها الكثير في حال تراجع الاستهلاك

إلى أدنى مستوياته وأقفل المزيد من الشركات والمؤسسات أبوابها لعدم القدرة على المنافسة.

النقطة الثانية التي لا تقل أهمية، أو بالأحرى خطورة، هي إعطاء الحكومة فرصة

لعشرات التجار لإخفاء مخزونهم بانتظار رفع الدولار الجمركي لتحقيق أرباح خيالية.

وبهذه الطريقة لا تساهم هذه الضريبة بتعزيز الفوارق الاجتماعية وسوء توزيع الثروة،

إنما أيضاً بتنشيف السوق من الكثير من المواد الحيوية بانتظار تغيير سعرها.

وقد بدأ المواطنون يلاحظون تعمد العديد من تجار السيارات وغيرهم حجب البضائع عن الانظار.

كل هذه العوامل ستدفع بحسب المصدر إلى جمود غير مسبوق في

السوق وتعميق حالة الانكماش، وهما عنصران لا يفيدان الاقتصاد في

الحالات الطبيعية فكيف الحال مع أزمة غير مسبوقة صنفها البنك الدولي

“الأقسى عالمياً منذ أواسط القرن التاسع عشر”. أما الحل فيتمثل بتوحيد

سعر الصرف على أساس خطة اقتصادية تنال مباركة صندوق النقد الدولي.

Exit mobile version