هل دخل لبنان مرحلة ما بعد ميشال عون؟!

هل دخل لبنان مرحلة ما بعد ميشال عون؟!

ليس تقييماً للتسوية الرئاسية التي دخل بها

سعد الحريري، والتي توجت بانتخاب ميشال

عون رئيسا للجمهورية، وكانت سببا في تعليق

نشاطه السياسي الى اجل غير مسمى. فقد

أصبحت من التاريخ. وما كان يعتبر نقيصة

لقوى 14 اذار، التي لم تعمل على صيانة

تحالفاتها، وتقوية مناعتها امام تحالف 8 اذار

المتماسك، كان ذلك مفخرة  ل”حزب الله”،

الذي تحسب له قدرته، على فرض ميشال عون

مرشحاً وحيداً له دونأي نقاش، حتى داخل حلفه السياسي.

وقد جاء إصراره على ميشال عون، أولاً ليمنع انتخاب

رئيس للجمهورية لا يرضى عنه هو، فلم يخطر

على باله، ذهاب سعد الحريري الى خيار ميشال

عون، بعد أن صرح بتبني، سليمان فرنجية كأهون

الشرين. احرج وقتها قبول سعد الحريري

بفرنجية “حزب الله” كثيراً مع رئيس التيار حينها.

ففرنجية حليف اصيل للحزب القائد، وليس كما

يقال دخيل على “الخط”  كغيره، ممن ساهم

في صياغة القرار الدولي 1559، الأكثر كراهية

لدى “حزب الله”، باعتباره شبيه باتفاق طائف دولي،

في بعض نصوصه، التي تدعو الى تكريس سلاح

الشرعية، الأوحد على الساحة، في

مقابل تسليم سلاح المليشيات دون تفرقة او تمييز.

كذلك احرجه التوافق على انتخاب ميشال

عون رئيسا للجمهورية، الذي كان يفضل التلويح

به اكثر من انتخابه. “حزب الله” في

هذا الصدد، كان يفضل عدم وصوله لسدة الرئاسة.

فعون في الرابية افضل وافعل من عون في

بعبدا. كون الوظيفة الإقليمية لحزب الله،

ستحرج كثيرا ميشال عون الرئيس وتربك

رئاسته، وهذا ما يحدث راهنا مع المطالب

العربية، التي حملها وزير الخارجية الكويتي، وستلزم  

حليفه في بعض الضوابط. وكما هو معلوم إن

السلطة ومواقع المسؤولية، تقيد وتحكم عمل

صاحب القرار بجملة من المعايير، خصوصا وأن

الوصول الى “الكرسي”، يفقد الحجج قوتها وتأثيرها،

وتبطل معها محاولة الظهور الدائم بمظهر المظلوم، المأكول حقه.

هكذا تبدلت اللغة العونية واقعاً من

استرجاع حقوق المسيحيين الى لغة مستجدة: ما خلونا.

فقد كانت عبارة حقوق الطائفة فعالة،

وتملك القدرة على الحشد والمبادرة، ثم

جاءت لغة التباهي التي تنضح بالقوة

والتعالي: “الرئيس القوي”، “التيار القوي”،

و”التكتل القوي” الخ. كل هذا تمت خسارته فعليا،

ليستقر حال التيار العوني على عبارة جافة

وخشبية، وتكشف هزال وعودهم، الا وهي “ما خلونا”.

وأكثر من لمس خطورة ذلك، هو “حزب الله”

الذي استثمر كثيرا، في تعزيز وتدعيم حضور

الجماعة العونية، وفرضها على الجميع بمن

فيهم حلفائه. وهو الان يبحث عن إعادة هيكلة

لخططه السياسية، مع دخول

ولاية الرئيس عون شهورها الأخيرة، وتعذر

تسويق صهره المرفوض من الجميع. بهذا لم

يبق امامه سوى الانتخابات، اما السعي

لتأجيلها، او السعي لامتلاك اغلبية ولو ب 65 نائبا.

ولسنا بحاجة لكثير عناء، لاكتشاف التمايزات

داخل الخط نفسه، وان استطاع الحزب احتوائها

في ذلك الزمن، بيد أن التعاطي مع جبران

باسيل، يختلف عن التعاطي عن ميشال عون،

الذي كان يمتلك أكثرية وازنة وثابتة، وقدرة

للحلفاء على قبول تفوقه، والركون تحت جناحه،

وهذا ما لا يتأمن لجبران باسيل، الذي اهدر

ارث عمه، فهو لا يملك حيثية، فصناعة الحضور، غير انتقاله توريثا.

كذلك فقد حصلت تبدلات كثيرة منذ 2016

الى يومنا هذا، ليس ثورة 17 تشرين ابرز تجلياتها.  

لا احد في لبنان، ينظر لحقبة ميشال عون كما ينظر “حزب الله”.

فهو الذي استثمر فيها، وبنى لغته

المحلية والإقليمية، من خلال فتح المجال

امام الرئيس والصهر، الذي يشترط

سليمان فرنجية في حال ُطلِب التحالف معه، ان

 يدخل باسيل وحيداً في اللائحة.  تقلق جيدا

الإحصاءات الانتخابية التي يجريها “حزب الله”،

والتي تشير الى تقلص شعبية باسيل لحدود

لافتة، ولا احد غير لغة التيار العوني الطائفية

كراعي للمسيحيين كما يدعي، قد تعطي حزب

الله الحجة في ادعائه، انه حامي الأقليات

وتحديدا المسيحية من “كسروان” الى “معلولا”.

فلا القومي، ولا فرنجية ولا أي حزب اخر  يمكن

أن يسد مسد هذه الحجة التي دفع الحزب ثمنها.

لقد دخل لبنان عمليا، مرحلة ما بعد

ميشال عون، وهي مرحلة سيكتب عنها التاريخ.

 ويُنظر اليها على أنها من اصعب

المراحل، التي مر بها لبنان في تاريخه الحديث.

الجميع ينتظر بفارغ الصبر، اليوم الأخير لهذا العهد،

حتى اغلب خط الممانعة، لا يأسف على ما اصاب

هذه التجربة من ويلات. وحده حزب الله من خلال

وظيفته الإقليمية، يشعر بخطورة الامر، وهو يعمل

بكل قوة لتشكيل رافعة للتيار الباسيلي في

الانتخابات القادمة، والا سقطت منظومة من

الادعاءات والمقولات الكبرى، و”حلف الأقليات” من ضمنها.

للمزيد من الاخبار الرجاء الضغط على الرابط التالي:

https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/

Exit mobile version