المدن
تنفرد محطات المحروقات وموزعوها عملياً بقرار تسعير طن المازوت للمستهلك، على الرغم من تسعيره رسمياً من قبل وزارة الطاقة والمياه أسبوعياً. فلا يمكن لأي كان شراء طن من مادة الديزل أويل، أي المازوت، حالياً بالسعر الرسمي المحدّد من قبل الوزارة وهو بـ741 دولاراً.
يُسعّر الموزعون والمحطات طن المازوت بما يحفظ لهم أرباحهم، من وجهة نظرهم، فيزيد سعر الطن الواحد عن السعر الرسمي المحدّد من قبل الوزارة بما يتراوح بين 80 و100 دولار، وهي زيادة يتكبّدها المستهلك النهائي فقط، حتى أصحاب مولدات الكهرباء الذين يشكون ارتفاع سعر طن المازوت، فإنهم لا يتحمّلون تكلفته بل يحمّلونه بالنهاية للمشتركين.
حين حدّدت وزارة الطاقة مؤخراً الحد الأعلى لسعر مبيع مادة المازوت لزوم السوق المحلي بـ741 دولاراً، عمد الموزعون ومن بعدهم المحطات إلى بيعه بأسعار تفوق السعر الرسمي بشكل ملحوظ. وتختلف في الوقت عينه بين موزع وآخر وبين محطة وأخرى. حتى أن سعر طن المازوت يصل في بعض المناطق ولدى عدد من الموزعين إلى 820 دولاراً و830 دولاراً وأحياناً 850 دولاراً وربما اكثر، فلا ضابط ولا رادع لزيادة الاسعار.
ولا ينكر الموزعون وأصحاب المحطات زيادتهم لسعر طن المازوت بما يخالف التسعيرة الرسمية لوزارة الطاقة، بل يبرّرونها بتكبّدهم عمولات وتكاليف كثيرة لا تلحظها الوزارة في تسعيرتها. إذاً كيف تحدّد الوزارة تسعيرة المازوت؟ وهل تلحظ تكاليف النقل والعمولات وغيره؟
يوضح مصدر في وزارة الطاقة بأن سعر طن المازوت الصادر عن الوزارة يشمل قطْعاً كافة التكاليف والعمولات التي تزيد عن سعر المازوت، وهو ما تُظهره الجداول المفصّلة الواردة على موقع الوزارة. ويشدّد المصدر في حديث إلى “المدن” على أن السعر الرسمي لطن المازوت يشمل عمولة النقل، ويحدد سعر الطن للموزع وعمولة المحطات. وعليه، حدّدت الوزارة في قرارها الاخير طن المازوت بـ741 دولاراً.
في المقابل يعتبر أصحاب المحطات والموزعون أن السعر الرسمي المحدد
من الوزارة يكبّدهم الخسائر فيما لو التزموا به، فهم يتكبّدون
عمولة بنسبة تتراوح بين 1 و1.5 في المئة لصالح المصارف التي
يودعون فيها الأموال ثمن البضائع، قبل تحويلها إلى الشركات المستوردة للمحروقات.
ويفيد بعض أصحاب المحطات بأنهم يتكبّدون عمولات للموزعين تفوق تلك التي تحدّدها الوزارة في تسعيرتها،
وغير ذلك من التكاليف. كما يشكون شراء طن المازوت من أرض منشآت النفط بالسعر الرسمي،
فيما يتكبّدون إيجار نقله بما لا يقل عن 15 دولاراً للطن الواحد.
بالنتيجة لا يلتزم الموزعون وأصحاب محطات المحروقات بالتسعيرة الرسمية المحدّدة من قبل الوزارة للمازوت،
كما لا تتشدّد الوزارة بمسألة ضبط الأسعار، ولا تعير أهمية للاقتطاعات التي تفرضها المصارف
على محطات المحروقات. كل ذلك يتحمّله في نهاية المطاف المواطن المستهلك للمازوت،
إن للتدفئة أو لاشتراك الكهرباء
من المولدات الخاصة. وعليه، لم يعد بالإمكان مواجهة أي محطة محروقات أو صاحب
مولد كهربائي في مخالفته التسعيرة الرسمية، فالذريعة جاهزة “اشترينا طن المازوت بسعر السوق السوداء”.
أما غياب رقابة الوزارة وملاحقتها للمخالفين، فلا يُفهم إلا تواطؤاً أو تغاضياً عن
ممارسات تجار المحروقات وسماسرتها.
وإذ يؤكد عضو أصحاب محطات المحروقات، جورج البراكس، أن سعر طن المازوت آخذ
بالارتفاع في الأيام المقبلة، بسبب ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً في المرحلة الاخيرة،
يطمئن إلى أن مخزون المازوت في السوق بات كافياً ولم يعد هناك من شح بالمادة.
وتعود أزمة شح المازوت التي اشتدت نسبياً في الأسبوعين الفائتين إلى عدة عوامل،
منها توقف منشآت النفط عن توزيع المازوت، بسبب تأخر مصرف لبنان بتأمين الدولارات لها،
قبل أن تعود المنشآت وتستأنف عملية الضخ في الأسواق المحلية. علماً أن المنشآت تؤمن نحو 30 في المئة من حاجة السوق فقط.
عامل آخر خفض منسوب المازوت في البلد هو تعرّض الباخرة التركية التي تحمل 42 ألف طن
من المازوت لحادثة في عمشيت، قبل أن تتم معالجة الأمر وسحبها إلى الدورة، حيث بدأت
بإفراغ حمولتها يوم أمس الأحد.
تلك العراقيل تزامنت أيضاً مع توقف توزيع المازوت الإيراني. ونظراً لارتفاع الطلب
على المازوت في المرحلة الراهنة، في ظل غايب التيار الكهربائي بشكل شبه تام،
وتزايد الحاجة إلى التدفئة بسبب العواصف الثلجية وتدني درجات الحرارة، واجهت
السوق أزمة شح بالمادة قبل انفراجها مؤخراً.