لا إنتخابات ميثاقية في غياب الصوت السنّي الوازن

لا إنتخابات ميثاقية في غياب الصوت السنّي الوازن

ليس تفصيلًا في الحياة السياسية اللبنانية إنسحاب الرئيس سعد الحريري وتياره السياسي من معركة لم تبدأ بعد.  
وليس تفصيلًا على الإطلاق ألاّ يضم المجلس النيابي، الذي سيختار أعضاءه الشعب اللبناني في صندوقة الإقتراع في ١٥ أيار المقبل، أي بعد تسعين يومًا بدءًا من اليوم، أي شخصية من تيار “المستقبل”، الذي كان أكبر كتلة نيابية على مستوى الوطن، قبل أن يتبوأ هذه المرتبة تكتل “لبنان القوي”. 

هل يمكن أن يتخيل المرء أن يكون كل من الرؤساء سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام، وربما نجيب ميقاتي، خارج الندوة البرلمانية، ومعهم وجوه نيابية كان لها حضور فاعل في العمل التشريعي، وفي إعطاء نكهة لهذا العمل، الذي لن يكون بالطبع ميثاقيًا بالمعنى المتعارف عليه، أقله بالنسبة إلى الأوزان والأحجام الوطنية والتوازنات القائم عليها الكيان اللبناني؟ 

الأمانة العامة لتيار “المستقبل” حسمت الجدل ووضعت حدًّا للتكهنات والتفسيرات بالنسبة إلى ترشّح المنتسبين إلى التيار، وطلبت من جميع الذين ينوون الترشّح أن يقدّموا إستقالتهم من عضويته .

وهذا يعني أن “المستقبليين”، الذين يمكن أن يترشّحوا خارج القيد الحزبي،

لن تكون لهم حيثية تمثيلية على صعيد الطائفة السنّية، على غرار تمثيل باقي الطوائف،

وبالأخص بالنسبة إلى التمثيل “المدوزن” لكل من الشيعة والموارنة والدروز،

مع إعتقاد البعض أن زمن الزعامات والأحزاب التقليدية قد ولّى إلى غير رجعة،

ولكن هذا الأمر لا يجوز أن يكون إنتقائيًا وغير معمّم. فإمّا أن يكون التغيّير شاملًا وإمّا لا يكون.

فالإنتقائية في الخيارات  قد تكون على المستوى الوطني كارثية، خصوصًا إذا إنكفأ أهل

السنّة عن المشاركة الكثيفة في العملية الإنتخابية المقبلة بسبب غياب الحوافز التي

كانت الدافع الأساسي في الدوائر التي فيها أغلبية سنّية. فأي إنكفاء سنّي، وبالأخص في العواصم الثلاث، 

بيروت وطرابلس وصيدا، وفي عكار والبقاع الغربي وزحلة، وحيث لهذا الوجود أهمية قصوى

في المعادلات الوطنية، يعني إنكفاءً على المستوى الوطني العام، مع ما له من تبعات سلبية على الحياة السياسية وعلى التوازنات العامة في البلاد. 

وبعيدًا عن الشعارات التي يطلق عليها هذه الأيام تسميات كثيرة، ومن بينها تلك التي

لها طابع تغييري، فأن الواقع المأزوم والناتج عن إختلاط الأوراق المحلية مع الأوراق الخارجية، والتي دفعت الرئيس الحريري

إلى إتخاذ هكذا قرار ستكون له مفاعيل وتأثيرات عابرة للطوائف، ولن تقتصر على الطائفة السنّية فقط،

بل ستطاول مختلف الطوائف، وفي مختلف المناطق، حتى تلك التي تُعتبر حكرًا على طائفة

دون أخرى. 
فإذا كانت نسبة التصويت في المرّة السابقة متدنية فإن ثمة أسبابًا كثيرة

قد تجعل من هذه النسبة أكثر تراجعًا في الإنتخابات المقبلة، ومن بينها إنعدام الحماس لدى فئات كثيرة من الشعب، وبالأخصّ لدى

أهل السنّة بعد القرار الأخير للرئيس الحريري، فضلًا عن الصعوبات اللوجستية التي تحول

دون تمكّن أهالي القرى النائية والبعيدة من الإنتقال من أماكن سكنهم إلى حيث قيودهم الإنتخابية. 

ولكن وعلى رغم كل هذا فإن ما يُعمل عليه اليوم هو إيجاد الحافز الضروري

لدى أهل السنّة لكي يصوتّوا بكثافة لعدد من المرشحين الذين يرون أنهم

قادرون على تمثيلهم خير تمثيل، لأنه في غياب هذا الصوت، الذي يمكنه

أن يحدث الفرق، قد تتقدّم أسماء لا تشبه أهل البيت بشيء، لا بالتطلعات ولا بالتوجهات، ولا يجمعهم بها لا ماضٍ ولا مستقبل.  

للمزيد من الاخبار الرجاء الضغط على الرابط التالي

https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9

Exit mobile version