المدن
“تحت عنوان “خطة كهرباء ثلاثية: فاتورة المولّدات ستصبح 500 ألف شهرياً”، كتب خضر حسان في موقع المدن:
يدخل لبنان مرحلة جديدة عنوانها الأوضح هو الطاقة. بدءاً من ترسيم الحدود البحرية بما يحمله من تحديد لهوية صاحب الغاز المدفون تحت البحر، وصولاً إلى زيادة ساعات التغذية الكهربائية، التي باتت حلماً أساسياً لدى اللبنانيين، وليس بزيادة حتى 24/24، بل بنحو 12 ساعة يومياً، مع ما تحمله الزيادة من تخفيض لفاتورة المولدات الخاصة. وللحصول على هذه “الجائزة”، ابتدعت وزارة الطاقة “خطة جديدة”، تصل بنهايتها إلى تحقيق مؤسسة كهرباء لبنان وفراً مالياً، وتصبح فاتورة المولدات نحو 500 ألف ليرة بدل نحو 2 مليون ليرة شهرياً.
خطة ثلاثية
تغلّف وزارة الطاقة “كذبة” الكهرباء المستمرة منذ العام 2010، بأغطية برّاقة. وتروّج لها إعلامياً، فيعوم البعض على شبر ماءٍ. المتغيّر الوحيد في خطاب وزراء الطاقة منذ إعلان ورقة سياسة القطاع، حتى الآن، هو التراجع عن وعود الكهرباء 24/24، وبات الطموح هو تأمين بين 8 إلى 12 ساعة يومياً، وهو ما يفترض أن تحقّقه خطة الوزير وليد فياض.
لضمان نجاحها، توجب الخطة رفع التعرفة. ولذلك، فإن الوجهة المالية هي الأساس لنقاش الخطة. وعليه، يضع فياض في عرضه للخطة على شاشة تلفزيون LBC، ثلاث مراحل مقسّمة على 3 سنوات. في الأولى، يتواصل عجز المؤسسة لأنها تُنتج الكهرباء من دون تحقيق إيرادات كافية. وفي هذه المرحلة، تعتمد المؤسسة على الفيول العراقي فقط لتشغيل المعامل والحصول على 3 ساعات تغذية. ومع ذلك، وحتى نهاية العام 2022،
تكون المؤسسة قد أمّنت كلفة التشغيل مع زيادة بنحو 250 مليون دولار، أ
ي نحو ثلث قيمة الفيول العراقي، البالغ 800 مليون دولار، وفق فياض،
الذي أشار إلى امكانية زيادة التغذية إلى 9 ساعات فيما لو تم تأمين 2 مليار دولار.
في السنة التالية، أي في العام 2023، تبدأ المؤسسة، حسب فياض،
بتحقيق الاستدامة المالية والخروج من تحت المياه الغارقة فيها.
لتبدأ مرحلة تحقيق فائض في الإيرادات في العام 2024.
وبذلك، تنخفض كلفة الإنتاج. أما الفائض المالي، فيوظَّف في تسديد
عجز المؤسسة عن سنوات سابقة، أو في تخفيض كلفة الإنتاج، وبالتالي الفاتورة على المواطنين، إلى أن تصبح 15 سنتاً للكيلوواط ساعة.
منطق الابتزاز
الخطة الثلاثية زمنياً لها أيضاً ثلاثة أهداف، هي خفض فاتورة المولّدات الخاصة،
والتأكيد ثانياً على إنشاء معمل سلعاتا والاستعانة بمحطات التغويز. وثالثاً،
تحقيق الاستدامة المالية لمؤسسة كهرباء لبنان. وهذه الأهداف يمكن حملها
بجعبة واحدة، وهي تثبيت خطة باسيل وضمان صلاحيتها لما بعد مرحلة ترسيم الحدود وهدوء الأحوال في لبنان.
ودافَعَ فياض عن خطته ذات الخلفية الباسيلية، بوضع الناس أمام
خيار دفع 2 مليون ليرة للمولدات، أو 500 ألف ليرة بعد نجاح الخطة.
كما دفعهم بشكل غير مباشر إلى تأييد إنشاء معمل سلعاتا الذي لا يحتاجه لبنان، بل باسيل.
أما الاعتراض وعدم الموافقة على تأمين التمويل والالتزام بالخطة، فتعني
استمرار الاعتماد على معامل الزهراني ودير عمار والجية والزوق. وسيؤدي
الوضع الحالي إلى انقطاع الكهرباء وتهديد العمل في مطار بيروت.
ونظراً لحساسية الوضع، رأى فياض بأن توقعاته تقوم على بدء العمل بالخطة
في شهر نيسان المقبل، لكن على أبعد تقدير، يمكن البدء في شهر حزيران،
وتنفيذ الجباية وفق التعرفة الجديدة، بين تموز وآب، بشكل شهري. على أن تجبى الفواتير والمتأخرات السابقة بالتوازي.
تأمين التمويل
التسليم بصوابية الخطة وضرورتها، يستدعي التساؤل حول إمكانية تركيب
العدادات الذكية في كل لبنان، بما فيها المناطق ذات النفوذ الحزبي والعشائري،
وهذه العملية تكلّف نحو 500 مليون دولار،
وهي ضرورية لتحديد حجم الاستهلاك وتنظيم الفواتير وتحديد الإيرادات.
ثانياً، لا يجب تمرير كلفة الـ15 سنتاً بوصفها مبلغاً مثالياً، ويوضع بعدها نقطة على السطر.
إذ يجب لفت النظر إلى عدم مثاليتها مقارنة مع كلفة الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية، وهي طريق إنتاج أسرع وأرخص وأكثر استدامة.
ثالثاً، ما عرضه فياض يستند إلى معطيات نظرية، تفترض موافقة البنك الدولي على
تمويل استجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري لزيادة التغذية. وتالياً، يبقى كل ما ذكره
معلّقاً في الهواء ولا يخدم سوى إشاحة النظر عن إخفاقات السنوات الـ11 الماضية، عبر
تجديد الوعود بكهرباء أفضل مقارنة مع ما نعيشه اليوم من عتمة. وفي الوقت نفسه،
تؤكد الخطة الجديدة القطيعة مع المشاريع السابقة من دون محاسبة وتحديد مسؤوليات،
فيما الحقيقة أن ملف الكهرباء لم يعد إلى نقطة الصفر فقط، بل انحدر إلى ما دون الصفر،
لأن الإمكانيات التي كانت متوفرة منذ 11 عاماً، لم تعد كذلك اليوم.