المصدر : محمد الجنون – لبنان 24
من يرَى “صورة” السيدة رضا رجب حمية، ستحضرُ إلى ذهنه عباراتٌ لا لُبسَ فيها: “نضالٌ، كفاحٌ، صمود، إصرارٌ وكرَم”.
منذ 27 عاماً، تقفُ “أم كرم” (58 عاماً) وراء فُرنِها في بلدة برجا – إقليم الخروب، تخبُزُ المناقيش للناس وتُعطي من جودِها “أطيب لُقمة”، وفي النهاية يكونُ قولها: “صحتين من القلب، والرزقة دائماً على ربْنا”.
في بلدتها، تُعرف “أمّ كرم” بإنتاجها لـ”منقوشة الزعتر” الرّائعة كما أنها تتميّز بـ”منقوشة جبنة” من الباب الأول، فضلاً عن المنقوشة التي تحملُ الكشك البلدي والذي تصنعه “أمّ كرم” بنفسها في منزلها خلال السنة.
اليوم، ووسطَ الغلاء الفاحش الذي تشهدهُ الأسواق اللبنانية بسبب ارتفاع الدولار في السوق الموازية، ومع الحديثِ عن إمكانية ارتفاع سعر الطحين بسبب الحرب في أوكرانيا، باتَ همّ “أم كرم” كبيراً جداً بشأن إمكانية استمراريتها في عملها الصعب والمُتعب.. فالسيدة التي تعيشُ من فرنها الصغير مع أبناءٍ لها، أضحَت ترى السوداوية في المستقبل القريب، بعدما انعدمت كل مقوّمات العيش وصارت جلُّ الأحوال تعيسة على الجميع من دون استثناء.
أزمة أوكرانيّة.. “نحنا شو خصنا”
من خلف الفرن، تحدّثت “أم كرم” عبر “لبنان24” كسيدة تعمل ضمن قطاعٍ يعتبرُ ناشطاً إلى حدّ ما في لبنان، في حين أنه يعتمد على الكثير من المواد الأوليّة التي باتت أسعارها باهظة جداً. وكما هو معلوم، فإنّ الطحين ارتفع سعره وقد يزدادُ أكثر وسط الأزمة الأوكرانية – الروسية. أما عن سعر المازوت والغاز فحدّث ولا حرج لأن سعرهما ارتفع منذ زمن وسيشهدُ قفزة “جنونية” إضافية بسبب الأزمة الأوكرانية التي “لا علاقة لنا بها” على حدّ قول “أمّ كرم”. ووسط كل ذلك، لا يُمكن نسيانُ ارتفاع أسعار السكر، الخميرة وغيرهما من المواد الأخرى التي تستخدم في صناعة المناقيش وتعتبرُ أساسية في ذلك.
في حديثها، تقول “أم كرم” لـ”لبنان24″: “عندما أجلس في المنزل من دون عمل،
ينتابني المرض، ولكن ماذا عليّ فعله؟ يجب أن أعمل وسط الظروف الصعبة.. اليوم كل شيء بات باهظ الثمن..
قارورة الغاز الواحدة اشتريها بمليون و100 ألف ليرة لبنانية.. في السابق
كنت أشتريها بـ18 ألف ليرة وارتفع سعرها إلى 35 وبعدها إلى 45 ألف ليرة،
ثم قفزت أكثر مع الوقت.. خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 لم نشهد غلاء مثل اليوم”.
وتضيف: “الحرب قائمة بأوكرانيا ويقولون أن ثمن الطحين سيزداد بسبب ذلك”، وتردف:
“نحنا شو خصنا.. شو عم نجيب كل يوم بيومو من أوكرانيا.. من الآخر، عنا تجار حرامية..
اليوم طن الطحين نشتريه بـ800 ألف ليرة، ويقال أن سعره سيقفز كثيراً ولا ندري إلى أي حد سيصل”.
وتابعت “أم كرم”: “مُستحيل كفي.. قارورة الغاز سعرها باهظ.. صفيحة المازوت بـ360 ألف ليرة..
كيس السكر وصل إلى 20 ألف ليرة. قالب الخميرة كنت أشتريه بـ2250 ليرة،
اليوم يباع بـ32 ألف ليرة بعدما وصل إلى 42 ألفاً”.
ماذا عن أسعار المناقيش؟
لا تُخفي “أم كرم” احساسها بوجع الناس وشعورها بمعاناتهم خصوصاً أن هناك
الكثير من الفقراء وذوي الدخل المحدود الذين يرغبون بشراء المناقيش وليس
لديهم القدرة على ذلك اليوم، وتقول: “إنني أبيع منقوشة الزعتر بـ7000 ليرة،
والكوكتيل بـ20 ألفاً. اليوم اشتريت كيلو الجبنة بـ125 ألف ليرة ومضطرة لبيع
المنقوشة بـ25 ألف ليرة.. أما منقوشة الكشك فأبيعها بـ20 ألف ليرة”.
وتابعت: “عندما أريدُ أن احتسب سعر المناقيش التي يشتريها الزبون، أشعر بغصّة.. إنني أعلم بالوضع الصعب.. المشكلة كبيرة والاستمرارية باتت صعبة.. والحالُ على كل الناس”.
وبكلمة واحدة، تختم “أم كرم” حديثها: “بيفرجها الله”.