رغم “عزوف” الحريري..
“مستقبليّون” يستعدّون
للانتخابات بقيادة السنيورة؟
على أهميتها، لم تستطع
الحرب الدائرة في أوكرانيا،
والتي يخشى المجتمع
الدولي تمدّدها وتحوّلها
إلى نزاع عالمي جديد،
رغم فتح كوة في الجدار
من خلال المفاوضات
الثنائية في بيلاروسيا،
أن تحجب الاهتمام الداخلي
عن الانتخابات النيابية، التي
عادت في الساعات الماضية
لتتصدّر الاهتمام، وسط
“تكهّنات” لا تزال كثيرة
حول “مسارها”.
لعلّ ما يدفع إلى “تركيز”
الاهتمام على الاستحقاق،
رغم ما يجري في الإقليم،
يتمثّل في بدء “ضغط المهل”،
ليس لأنّ شهرين ونصف فقط
لا غير يفصلان عن موعد
الانتخابات، ولكن قبل ذلك،
لأنّ نصف شهر فقط يبقى
أمام تقديم الترشيحات رسميًا،
في وقتٍ لا تزال الأعداد حتى
الآن خجولة نسبيًا، وسط “ضبابية” في موقف الكثير من القوى والشخصيات السياسية.
وتجد هذه “الضبابية” في الساحة السنّية “ملاذًا” يفوق غيرها من الساحات، منذ إعلان رئيس تيار “المستقبل” عزوفه عن خوض الشأن العام، ودعوته أعضاء التيّار إلى أن يحذوا حذوه، “مشترطًا” على من يريد “خرق” القرار الاستقالة من الصفوف التنظيميّة للتيّار “الأزرق”، الأمر الذي رسم الكثير من علامات الاستفهام حول “مصير” ترشيحات نواب ووجوه “المستقبل”.
لا للمقاطعة
ليس خافيًا على أحد أنّ أغلب نواب “المستقبل” أو الدائرون في فلكه، لا يزالون يفكّرون جديًا بخوض الانتخابات، رغم “عزوف” الحريري، مع الالتزام بـ”الشروط” التي وضعها الأخير لجهة عدم استخدام شعارات ورموز التيار في حملاتهم الانتخابية، بل إنّ بعض هؤلاء النواب قطعوا شوطًا في التحضيرات اللوجستية، وحسموا “تحالفاتهم” الانتخابية.
لعلّ ذلك ينطبق بشكل خاص على نواب المناطق، الذين بينهم من لا ينتمي “تنظيميًا” إلى تيار “المستقبل”، لكنّهم بمجملهم يعتقدون أنّهم باتوا يمتلكون “حيثيّة” شعبيّة ومناطقيّة لا يمكنهم التنازل عنها، وهم يعتبرون أنّ للحريري ظروفه التي أملت عليه اتخاذ قراره، لكنّها “غير ملزمة” بالنسبة إليهم، ولا سيما أنّهم يعتقدون أنّ “عزوفهم” لن يسهم في فوز القوى “التغييرية” مثلاً، بل سيصبّ في صالح قوى “السلطة”، ولا سيما تلك المحسوبة على “حزب الله”.
من هنا، يقول بعض هؤلاء النواب الراغبين بخوض الاستحقاق الانتخابي، إنّ “المقاطعة” ليست حلاً، وهم يشيرون إلى وجود جو عام رافض لهذه المقاطعة، تجلّى بوضوح في بيان دار الفتوى الأخير، وفي كلام مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي يدعو صراحةً إلى المشاركة في الانتخابات، علمًا أنّ هذه الدعوات تأتي بعدما ساد في الفترة الأخيرة جو “يميل” إلى تكريس فرضية “الانكفاء السنّي” عن الانتخابات.
السنيورة “يقود” المعركة؟
وإذا كانت دائرة بيروت الثانية من أكثر الدوائر جذبًا للأنظار، وهي التي اعتاد الرئيس الحريري أن يكون “رافعتها”، تتّجه الأنظار إلى من يمكن أن “يملأ الفراغ”، في ظلّ تكهّنات تتزايد عن إمكانية أن يلعب رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة هذا الدور، وهذا الذي مهّد لذلك بمؤتمره الصحافي الذي عقده الأسبوع الماضي، ولو لم يبتّ فيه بأمر ترشيحه، مكتفيًا بالتلميح إليه، بوصفه محلّ “بحث جدّي”.
وتشير المعلومات في هذا الصدد إلى أنّ هناك احتمالاً كبيرًا أن يحمل السنيورة “العبء”، أولاً لأنّه غير مقتنع بـ”جدوى” المقاطعة، التي قد تؤدي إلى زيادة “نفوذ” فريق “حزب الله”، بل “خرقه” الساحة السنية من البوابة البيروتية تحديدًا، وثانيًا لأنّ هناك اعتقادًا واسعًا بأنّ الأسماء التي طرحت نفسها كـ”بديلة” عن الحريري، لم تَبدُ “مقنعة” لكثيرين، في حين أنّ للسنيورة خبرته المتراكمة، وعلاقاته السياسية التي قد “تسانده” في هذا الدور.
وإذا كان “الحزب التقدمي الاشتراكي” على سبيل المثال، من المؤيّدين لهذا الخيار، وفق ما يؤكد بعض نوابه، وهم الذين اعتادوا على خوض انتخابات بيروت ضمن لائحة “المستقبل”، فإنّ كلّ الخيارات لا تزال “مفتوحة” وفق ما يقول العارفون، علمًا أنّ بعض النواب المحسوبين على الحريري نفسه يتركون باب “المفاوضات”، ومنهم مثلاً النائبة رولا الطبش التي قالت في حديث تلفزيوني الأسبوع الماضي، إنّها لا تزال “تدرس” خيار الترشح من عدمه.
ثمّة قناعة تتزايد لدى شريحة واسعة من الشارع السنّي خصوصًا، بأنّ “المقاطعة”، ولو كانت خيارًا احتجاجيًا مشروعًا، ليست “الحلّ”، بل قد تفتح الباب أمام “تعقيد” الأزمات أكثر. صحيح أنّ هناك من يريد أن يكون “العزوف” بابًا للتغيير، لكنّ الخوف الذي ينتاب كثيرين أن يكون بابًا لتقديم “هدايا مجانية” للخصوم. وبين هذا وذاك، يبقى الترقب سيد الموقف، بانتظار “حسم” لا ينبغي أن يطول كثيرًا، مع اقتراب المهل من النفاد.
للمزيد من الاخبار الرجاء الضغط على هذا الرابط: