مرشّحون في “القصر الجمهوريّ”!

بقلم ملاك عقيل – أساس ميديا

يتردّد أكثر من مرشّح للانتخابات النيابية إلى القصر الجمهوري في بعبدا. واقعٌ يعرفه أهل القصر جيّداً.

عادةً ما تحصل لقاءات تعارُف بين الرئيس ميشال عون وبعض المرشّحين أو “مشاريع” مرشّحين، إضافة إلى اجتماعات بين جبران باسيل ورئيس الجمهورية تسبق الإعلان الرسمي لرئيس التيار الوطني الحر في 14 الجاري عن مجموعة المرشّحين الذين سيخوض من خلالهم الانتخابات الأصعب على عون وباسيل منذ العام 2005.

حصل ذلك عشيّة انتخابات 2018 يوم أُجري الاستحقاق في عزّ “طلعة” العهد، ومبرّره أكبر اليوم لأنّ مصير العهد “بالدق” والانتخابات الرئاسية على الأبواب، ولأنّ “مشروع” توفير درع وقاية نيابي لجبران باسيل وانفلاش أكثريّة مؤيّدة لقوى 8 آذار والتيار الوطني الحر فوق كلّ الأولويّات.

هكذا تغوص الرئاسة الأولى في “تفاصيل” تفاصيل التحالفات والترشيحات الانتخابية، وتواكب الألغام التي يُفكّكها باسيل تدريجاً في طريقه إلى حسم ترشيحات التيار الوطني الحر في المناطق.

محور التحالف الكبير بين التيار وحزب الله وحركة أمل والحلفاء بات واضحاً في المناطق، واجتمع “الزيت والماء” على لوائح واحدة أو منفصلة من زاوية التكتيك الانتخابي، ورئيس الجمهورية هو طرف أساسيّ ملحق بهذا التحالف يَخسر أو يربح معه

قبل أيام أعطى حزب الله، وللمرّة الأولى، بُعداً استراتيجيّاً للمعركة النيابية من خلال موقف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد الذي ربط بين الاستحقاقين النيابي والرئاسي قائلاً إنّ “المسألة في الانتخابات النيابية ليست بأن ينقص أو يزيد مقعد، المسألة هي بالأفق السياسي لهذه الانتخابات، هل تأتي برئيس يحقّق سيادتنا الوطنية، أم تأتي برئيس يستسهل التوقيع مع العدوّ على اتفاقيات تفتح باب التطبيع الكامل معه”.

قد يكون هذا الكلام الموقف العلنيّ الأوّل للحزب في شأن “الخيار الرئاسي”، ملمّحاً إلى أنّ الرئيس المقبل هو نتاج الأكثرية التي ستفرزها صناديق الاقتراع في 15 أيار وبمواصفات محدّدة، بعدما سبق لرعد نفسه في تشرين الأول الماضي أن أعطى “تقييماً” مختلفاً لوظيفة الأكثرية بالقول: “من يريد أن يحكُمنا غداً بأكثريّة مُدّعاة، فعليه أن يُدرك بأنّ الأكثرية التي حكمت لم تستطع أن تحكم”

لكن من قلب هذا المحور صدرت إشارة معاكسة عبّر عنها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في اليوم التالي لإعلان حزب الله ترشيحاته في المناطق من خلال الإعلان عن التوجّه لطرح اسم زياد مكاري ليحلّ محلّ الوزير المستقيل جورج قرداحي “لأنّ الحكومة قد تستمرّ في حال عدم إجراء انتخابات رئاسية، وإذا حصلت فلن يكون الرئيس المقبل ضدّ حزب الله”.

وتشكّك فرنجية في حديث ضمن برنامج “صار الوقت” في حصول الانتخابات

“التي قد تطير تحت شعار التفاصيل التقنيّة”. وغمز من قناة باسيل قائلاً:

“إذا كان من سيحصل على أكبر كتلة نيابية سيتبوّأ الرئاسة فلا حاجة إلى انتخابات رئاسية”.

تقول أوساط رئاسة الحكومة لـ”أساس”: “لا شيء رسميّاً بعد في ما يتعلّق

بتعيين بديل عن الوزير قرداحي”. مع العلم أنّ التعيين يصدر بمرسوم عاديّ يوقّعه رئيسا الجمهورية والحكومة ووزير المال.

يُذكر أنّ فرنجية سبق أن أعلن، قبل استقالة قرداحي على خلفيّة موقفه من اليمن،

أنّه في حال استقالة الوزير المحسوب من حصّته داخل الحكومة فلن

يعمد إلى طرح اسم آخر. يبدو أنّ لهذا التعيين دلالاته، وكأنّ حكومة

تصريف الأعمال بعد الانتخابات النيابية “ستُعمّر” طويلاً.

مع ذلك، يبدو الأمر تفصيلاً صغيراً أمام دخول البلد برمّته في مرحلة

بالغة الدقّة والحساسية في ظلّ ثلاثة استحقاقات متزامنة:

– انتخابات بلدية تعاطت معها السلطة منذ البداية وكأنّها مؤجّلة حكماً، وكانت فقط تنتظر الوقت الملائم لإعلان ذلك.

– انتخابات نيابية تتحكّم بها معادلة: “قائمة في موعدها إلا إذا…”،

وهو واقع كرّسه الأمين العامّ لحزب الله السيد حسن نصرالله عبر تأكيد

حصول الانتخابات في 15 أيار إلا في حال “حصول تطوّرات كبيرة” لم يفصح عنها.

– حكومة جديدة يستحيل تشكيلها قبل انتخاب رئيس الجمهورية الجديد.

– انتخابات رئاسية في علم الغيب لا يُعرف حتى الآن إذا كانت ستُبقي ميشال

عون في القصر الجمهوري لتعذّر إجرائها أم تأتي نتيجة قرار الأكثرية في مجلس

النواب العتيد، أي بموجب “دفتر شروط” الضاحية، كما أوحى بذلك حزب الله.

عمليّاً، سبق حزب الله كلّ حلفائه في الإعلان عن خارطة مرشّحيه في المناطق

التي لم يطُلها تغيير باستثناء نائب زحلة أنور جمعة، واستبدال مرشّح جبيل حسين زعيتر برائد برّو.

من جهتها، ستعلن حركة أمل عن مرشّحيها في اليومين المقبلين، بينما فضّل جبران باسيل

اختيار اليوم ما قبل الأخير لإقفال باب الترشيح للإعلان عن الفريق الذي سيخوض من خلاله معركته النيابية.

في أروقة حزب الله لا كلام إلا عن خوض أمّ المعارك لحصد أكثرية المقاعد النيابية

مع شبه تسليم بأنّ انسحاب سعد الحريري أتى لمصلحة هذا المحور. ولذلك

سيكون هناك طفرة في الترشيحات السنّيّة، وستكون العين على صيدا وبيروت والبقاع الشمالي.

أمّا رئاسيّاً فالأبواب لا تزال مغلقة على أيّ سيناريوهات محتملة:

يقول مصدر قريب من حزب الله: “موقف ميشال عون واضح بأنّه لن يبقى

يوماً واحداً في القصر بعد انتهاء ولايته. هو لا يريد ذلك، ونحن معه في هذا الخيار.

وحتى الساعة لا مرشّح لدى حزب الله للانتخابات الرئاسية، لكنّ هناك مواصفات

وبرنامج عمل”، مشيراً إلى أنّ “قيادة الحزب لم تعطِ كلمة لجبران باسيل أو سليمان فرنجية، ولن يكون هناك أيّ موقف قبل الانتخابات النيابية”.

Exit mobile version