ليبانون ديبايت” – محمد المدني
مع إقتراب موعد إقفال باب الترشيح إلى الإنتخابات النيابية في 15 الجاري، بدأت تتّضح صورة المشهد الإنتخابي في دائرة بيروت الأولى، من المرشّحين مرورًا بالتحالفات وصولًا إلى الخطط السرّية، التي يتمّ العمل عليها لقلب المعادلة البيروتية رأسًا على عقب، بحيث بات يمكن القول إن 4 لوائح كبرى ستحمل لقب “اللوائح الفائزة” في استحقاق 15 أيار.
لائحة الثنائي الشيعي “حزب الله” وحركة “أمل”، والتي تضمّ كلاّ من النائبين أمين شري ومحمد خواجة عن المقعدين الشيعيين، والنائب إدغار طرابلسي عن المقعد الإنجيلي، وشخصية بيروتية لم تُحسم بعد عن المقعد السنّي، تُظهر أنه هذه المرّة ، سيخوض الثنائي الإنتخابات من دون حليفه “جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية” أي الأحباش. لكن المفارقة أن هذا الانفصال لا يعود إلى الإختلاف السياسي بلّ بغية تحصيل مزيدٍ من الحواصل، حيث أن الثنائي لديه حاصلين بالحدّ الأدنى، لكنه يسعى إلى تعزيز نظرية المقاطعة السنّية للإنتخابات، كي يخفّض نسبة التصويت وبالتالي سينخفض الحاصل الإنتخابي، الأمر الذي يتناسب مع رغبته بالحصول ربما على 3 أو 4 حواصل.
لائحة “الأحباش”، التي تضمّ النائب عدنان طرابلسي وبدر الطبش عن جمعية “المشاريع”، اضافة إلى مرشّح “الحزب الديمقراطي اللبناني” نسيب الجوهري وبعض الشخصيات البيروتية. ومن المعروف أن الاحباش لديهم حاصلاً وجزءاً من الحاصل، لكنهم يسعون إلى الوصول للحاصل الثاني عبر الإستعانة بشخصيات بيروتية، تترشّح على لائحة “المشاريع” بحجّة أن المشاريع فسخت تحالفها مع الثنائي الشيعي بغية دغدغة مشاعر النسبة الكبيرة من البيارتة الذين يرفضون “حزب الله”، لكن هذا الهدف يصعب تحقيقه كون “الأحباش” يشكّلون حالةً مستقلة عن الأطياف البيروتية الأخرى، وفي مقدمها المناصرين لتيّار “المستقبل”.
لائحة رئيس حزب “الحوار الوطني” النائب فؤاد مخزومي، الذي اختار شخصيات صرف مدنية على لائحته، ليبرهن للرأي العام عدم انتمائه إلى فريق السلطة الحاكمة، وقد ينجح في الحصول على الحاصل الإنتخابي، حيث من المتوقع أن يتمكّن من استقطاب ما يقارب 5٪ من أصوات “المستقبليين”، وبهذا يعوّض مخزومي الأصوات الشيعية التي سيخسرها بعدما حصدها عام 2018، وتُقدّر بـ 3 آلاف صوتًا تفضيليًا.
اللائحة الرابعة، هي لائحة رجل الأعمال ورئيس نادي الأنصار نبيل بدر، والتي تضمّ “الجماعة الإسلامية” وشخصيات مدنية تغييرية تمثّل معظم أطياف العاصمة، وتشير المعطيات إلى أن هذه اللائحة، التي يشكّل بدر عصبها الرئيسي، قد تنجح في لملمة الحالة البيروتية كونها الأقرب إلى المزاج البيروتي. ومن المتوقع أن تحصد هذه اللائحة العدد الأكبر من الحواصل (4 إلى 5 حواصل) في حال توحّد الرأي العام البيروتي على ضرورة التصويت لها بكثافة، خصوصًا أن معركة الإنتخابات لا تتعلق فقط بالأمور المالية والمعيشية والإقتصادية فحسب، بل هي معركة تُحدّد خلالها هوية العاصمة ليبقى قرار بيروت “بيروتياً”.
وتجدر الإشارة إلى أن بدر، يحظى بقاعدة شعبية لا يُستهان بها، حيث بات مكتبه مقصدًا للمرشّحين والمرشّحات الراغبين بخوض التجربة الإنتخابية، كما أنه يحظى برضى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي عيّنه رئيسًا لمجلس أمناء صندوق الزكاة، هذا بالإضافة إلى حنكته السياسية ومواقفه الجريئة وحنكته في تدوير الزوايا دون المساومة على مبادئه وقناعاته.
أمّا لائحة الرئيس فؤاد السنيورة، فتكشف المصادر أن عدة عراقيل تواجه ولادتها، خصوصًا أن السنيورة بات وحيداً بعد تبرّؤ زملائه في نادي رؤساء الحكومة السابقين من مبادرته، وذلك لأن الرؤساء يدركون أن معركة السنيورة خاسرة ولا يريدونها أن تُسجّل على نادي الرؤساء. وتنقل المصادر عن أحد رؤساء الحكومة قوله “دعوا السنيورة يخوض المعركة لوحده، وليتحمّل هو المسؤولية”.
أمّا بالنسبة للحراك المدني المعروف بحراك الثورة، فتُبيّن المعطيات أن القاعدة الشعبية في بيروت الثانية، لا تهوى هذا النوع من النماذج، كما أنه ستكون هناك عدة لوائح للحراك في الدائرة المذكورة نتيجة تشرذم المرشّحين واختلافهم، لكن في جميع الأحوال لن تنجح أحدى هذه اللوائح في تحقيق خرقٍ معيّن يمكّنها من الوصول إلى الحاصل الإنتخابي.
في المحصّلة، أصبحت اللعبة الإنتخابية في بيروت الثانية شبه واضحة، ووحدهم أهالي بيروت يحدّدون الفائز والخاسر، لكن الأكيد أن عدم المشاركة بكثافة في الإنتخابات، لن يكون لصالح العاصمة، وحتماً سيجعل قرارها السياسي بعيداً كل البعد عن تاريخ بيروت ووجها العربي، وفي حال أصبحت نظرية المقاطعة واقعًا، فحينها على بيروت السلام.