في الموعد المحدّد،
أقفل باب الترشيحات
إلى الانتخابات النيابية،
لترسو بورصة الترشيحات
على رقم “قياسي” وصل
إلى 1043 مرشحًا، 15%
منهم من النساء، بحسب
ما أعلن وزير الداخلية
والبلديات بسام مولوي،
الذي تعهّد بـ”تبييض وجه
لبنان” في انتخابات دعا
المجتمع المحلي والدولي
لمراقبتها، مؤكدًا الجهوزية
لإنجاز الاستحقاق
“بنجاح وديمقراطيّة”.\
لكنّ الرقم الذي سجّله
“عدّاد” المرشّحين، والذي
تخطّى ذلك الذي سُجّل
عام 2018، رغم أنّ
القانون الجديد لم يكن
قد جُرّب يومها، بدا
مفاجئًا بل “صادمًا”
لكثيرين، خصوصًا أنّه
ترافق مع “برودة” سُجّلت
حتى الأيام الأخيرة في
تقديم الترشيحات، لدرجة
لم تتوانَ بعض الأوساط
عن “الخشية” من أن يأتي
عدد المرشحين متواضعًا، أو أن تبقى بعض المقاعد بلا مرشحين عنها.
ولعلّ ما عزّز التساؤلات تمثّل في “الغموض” الذي لا يزال يحيط بالعملية الانتخابية، في ظلّ إصرار العديد من الأطراف على الترويج لمناخ “تشكيكي” بحصول الانتخابات من أساسه، رغم كلّ التعهّدات الحكومية بخلاف ذلك، وهو مناخ كرّس انطباعًا شعبيًا بأنّ كلّ ما يحصل “شكليّ” قبل صدور قرار “تطيير” الانتخابات، لكنّه انطباع “سقط” على ما يبدو، على أرض الواقعad.
اعتبارات بالجملة
يشير العارفون إلى أنّ اعتبارات بالجملة أدّت إلى ارتفاع عدد المرشحين رغم كلّ شيء، ورغم الارتفاع النسبيّ لكلفة رسم الترشح، التي وصلت إلى ثلاثين مليون ليرة، وهو رقم ليس بسيطًا، ورغم إعلان العديد من الشخصيات والقوى السياسية الأساسيّة وذات الوزن “عزوفها” عن خوض المعركة الانتخابات، ما دفع كثيرين إلى التوجّس من حصول “مقاطعة” للانتخابات، ترشيحًا بالدرجة الأولى، واقتراعًا بالدرجة الثانية.
من هذه الاعتبارات، وربما أهمّها، أنّ هذه الانتخابات هي الأولى من نوعها، منذ انفجار الحراك الشعبي في لبنان، من خلال انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول 2019، وما أعقبها من أزمات غير مسبوقة عانى منها الشعب اللبناني ولا يزال، وهي أزمات كبرى يعتقد كثيرون أنّها أحدثت “تغييرًا جذريًا” في المزاج العام، ورفعت مستويات “النفور” من العديد من الأحزاب السياسية التقليدية، حتى في صفوف مؤيديها ومناصريها التاريخيّين.
ومع أنّ هناك حالة “شبه يقين” بأنّ نتائج الانتخابات لن تعكس هذا “النفور”، في ظلّ قانون انتخابي يصفه الكثير من الخبراء والمطّلعين بأنّه “مفصَّل على قياس” الطبقة السياسية، فإنّ طريقة التعاطي التي اتبعتها الأخيرة مع الاستحقاق الانتخابي، والنوايا المبطنة التي قرئت في أدائها لإلغاء الانتخابات، جعلت كثيرين يصرّون على خوض “التحدّي”، رغم كلّ العوائق والمطبّات، وربما المعوّقات اللوجستية والقانونية، وحتى السياسية الذاتية.
العدد سينخفض!
لكن، إذا كان كلّ ما سبق أفضى إلى تسجيل رقم “قياسيّ” على مستوى عدد المرشحين، فإنّ كلّ التقديرات والتوقعات ترجّح ألا يبقى هذا الرقم على حاله من الآن وحتى الرابع من نيسان المقبل، الموعد المفترض لانضواء المرشحين في لوائح، لأنّ القانون الانتخابي لا يلحظ الترشيحات المنفردة أو المستقلّة، ما يؤدي إلى “استبعاد تلقائي” لكلّ المرشحين الذين لا يجدون “مظلّة” لهم في لائحة تجمعهم مع مرشحين آخرين في الدائرة التي يخوضون معركتهاad.
استنادًا إلى ما تقدّم، فإذا كان “التغييريون” هم من رفعوا عدد المرشحين بهذا الشكل، فإنّ المرجّح أن ينسحب الكثيرون منهم عندما تدقّ “ساعة الجد”، إما من تلقاء ذاتهم، في حال تمّ التوافق فيما بينهم على لوائح “موحّدة”، ولو أنّ البعض يصِرّ على تكرار “خطأ” 2018، بتنويع الخيارات وبالتالي تشتيت الأصوات، وإما بمقتضى القانون، إذا فشلوا في الانخراط بلوائح، وفقًا للشروط التي يحدّدها القانون بشكل واضح.
وقد ينطبق الأمر أيضًا على بعض مرشحي الأحزاب الأساسيّة، إذ ليس خافيًا على أحد أنّ بعض القوى السياسية طرحت بعض الأسماء من باب “المناورة”، أو ربما بداعي “الاحتياط”، لاستخدامها في “تكتيكات” التحالفات، التي لم تُنجَز بعد في الكثير من الدوائر، حتى بين القوى التي أعلنت “تحالفها المبدئي”، كـ”حزب الله” و”حركة أمل” و”التيار الوطني الحر” مثلاً، حيث لا يزال النقاش دائرًا حول بعض الدوائر والمقاعد.
لا شكّ أنّ تخطّي عدّاد المرشحين رقمًا “قياسيًا” قد يمثّل في مكان ما مؤشّرًا “إيجابيًا” على أنّ الناس، خلافًا لما يُروَّج، مهتمّة بالانتخابات ومتحمّسة لها، رغم كلّ الظروف المحيطة. لكنّ الأكيد أنّ “التهليل” بهذا الرقم سابق لأوانه، إذ إنّ هذا الرقم قد يكون دليلاً آخر على “تشتّت وارتباك” في مقاربة الاستحقاق في مكانٍ ما، فضلاً عن كون الأيام العشرين المقبلة “حاسمة” في بلورة التحالفات، وبالتالي “البتّ” بعدد المرشحين الفعلي الذي يُعتَدّ به!