بعد تراجع اسعار المحروقات… مصادر صحفية تكشف تفاصيل عن الملف: فهل من انخفاض جديد أم العكس؟!

“كتب خضر حسّان في المدن:

يحكم القلق سوق المحروقات في لبنان، إذ لا ينسجم كلياً تحرّك أسعارها مع أسعار السوق العالمي، فهامش الارتفاع اللبناني يسابق هامش الانخفاض ويهزمه. وبالتوازي، يسير المازوت بخطٍّ منفصل عن خطّ البنزين بسبب خضوعه لحُكم الدولار غير المدعوم.

انخفاض أوّلي

“تراجعت أسعار النفط عالمياً من أعلى معدّل وصلت إليه كنتيجة للحرب في أوكرانيا، أي من نحو 130 دولاراً للبرميل إلى نحو 101 دولار. فتُرجِمَ ذلك انخفاضاً في أسعار المحروقات في لبنان، آخرها سجّله جدول تركيب الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة، ليوم الخميس 17 آذار. فانخفض سعر صفيحتيّ البنزين من عياريّ 95 و98 أوكتان بمعدّل 31 ألف ليرة، فبات سعر الأولى 420 ألف ليرة، والثانية 430 ألف ليرة. أما صفيحة المازوت فانخفضت 56 ألف ليرة، ليصبح سعرها 423 ألف ليرة. فيما قارورة الغاز تراجعت 18 ألف ليرة لتصبح بـ292 ألف ليرة.

ويعيد عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، سبب التراجع إلى “ثبات العمليات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا وعدم تخوّف المجتمع الدولي من انجرارها إلى حرب شاملة. وأدّى ذلك محلياً إلى انخفاض سعر طن البنزين بمعدّل 66.93 دولاراً”. كما تراجع سعر طن المازوت بمعدّل 126 دولاراً، من 1030 إلى 904 دولارات.

المشهد من بداية الشهر
التراجع المطلوب دائماً، يعطي دفعاً معنوياً إيجابياً للمواطنين. لكن ملاحظة سلسلة التغيّرات وواقع الحال على الأرض، يشير إلى القلق المستمر حيال الأسعار وتأمين الكميات المطلوبة سواء للسوق، أو إيصالها من المستوردين للمستهلكين، عبر المحطات.
وملاحظة تغيّر الأسعار من بداية شهر آذار حتى منتصفه، تبيّن انخفاض صفيحتيّ البنزين بمعدّل 43 ألف ليرة، وصفيحة المازوت 66 ألف ليرة، وتراجع سعر قارورة الغاز بمعدّل 22 ألف ليرة.
وفي المقابل، زاد سعر صفيحة البنزين من عيار 95 أوكتان 85 ألف ليرة، والصفيحة من عيار 98 أوكتان ارتفعت بمعدّل 86 ألف ليرة، وارتفع المازوت 125 ألف ليرة، وقارورة الغاز 33 ألف ليرة.

المازوت يغرّد منفرداً
يحجز المازوت لنفسه مكاناً “يحميه” نسبياً عمّا يحدث في لبنان والعالم، وتحديداً تأثير الانخفاض. وفي المقابل، يسارع للتماهي مع الارتفاع. وتمتدّ الشكاوى من المستوردين

نزولاً إلى أصحاب المحطات ثم المستهلكين، وأبرزهم

أصحاب مولّدات الكهرباء الخاصة، بالإضافة إلى أصحاب السوبرماركت والأفران والكثير من المؤسسات،

إذ يربطون أسعار السلع بأسعار المازوت الذي يدخل في صلب عملية الإنتاج.

على أن هؤلاء لا يخفّضون أسعارهم مع تراجع أسعار النفط

والحجة الدائمة هي شراء المازوت بالدولار، علماً أن أسعار السلع

تُقَوَّم وفق تحرّك سعر الدولار مع ترك هامش أعلى. أي أن أصحاب

المصالح يتقاضون أسعارهم بالدولار ويتذرّعون بتأثيراته في الوقت عينه.

ومع أن سعر طن المازوت انخفض منذ بداية شهر آذار أكثر من 180 دولاراً،

إلاّ أن تقنين ساعات التغذية من المولّدات مستمر، وكذلك تلويح

أصحاب الأفران برفع سعر الخبز نتيجة أسعار المحروقات. ولا يلتزم أصحاب

باقي المؤسسات بخفض أسعار السلع، فيما تواصل السوبرماركت

رفع أسعارها وإخفاء عدد من البضائع بحجة المحروقات،

ويضاف إليها ارتفاع تكاليف الاستيراد بفعل الحرب.

ويؤكّد عدد من أصحاب المولّدات الخاصة في حديث لـ”المدن”،

أن التقنين مرتبط “بتوفير المازوت بالليرة مع لحظ كافة التكاليف

والعمولات المدفوعة بالدولار. كما أن الفواتير الصادرة للمشتركين،

لا تتلاءم مع حجم تغيّر الدولار في السوق”. وهذا التبرير يعني

أن المازوت سيستمر في تقرير مصير السوق في ظل غياب

آلية تصحيح مساره، سواء من قِبَل مصرف لبنان أو وزارة الطاقة.

على أن واقع تراجع الدعم، يخلص إلى عدم التصحيح، بل إلى

دولرة مرتقبة للبنزين، فُتِح النقاش حولها في وقت سابق، ثم تراجع من دون أن يختفي نهائياً.

في المحصّلة، سَقَطَت أسعار المحروقات من ارتفاع شاهق. لكن

مفاعيل السقوط جاءت وهمية في لبنان. فمستوى الارتفاع

يتخطّى حجم الانخفاض في أسعار البنزين. أما المازوت، فحكاية أخرى أكثر تعقيداً وانفصالاً عن العالم.

Exit mobile version