خلال الانتخابات النيابية السابقة استطاع رئيس المجلس
النيابي نبيه بري أن يمون على “حزب الله” لعدم خوض
معركة كسر وليد جنبلاط، وكان الحديث يومها
بأن جنبلاط لن يكون رأس حربة في مواجهة
الحزب بعد اليوم، وعليه لا مبرر لفتح جبهة
سياسية كبيرة معه، وها هو، خالف كل التوقعات
وصوت للرئيس ميشال عون مرشح
الحزب، في انتخابات الرئاسة، لا يبدو انه يتجه الا الى
التهدئة مع الحزب وسوريا وايران، ولو اعلاميا
خسر حلفاء الحزب الدروز يومها ثلاثة نواب على
اقل تقدير، نائب في بيروت الثانية، حيث فضل
الحزب دعم المرشح العوني ادغار طرابلسي، ومرشح في الشوف حيث لم ينجح وئام وهاب في الخرق ما ادى الى ازمة وخلاف مع حزب الله بسبب اعطاء عدد من
الاصوات التفضيلية الشيعية للمرشح الجنبلاطي مروان حمادة، ومرشح في الجنوب الثالثة حيث بقي النائب انور الخليل كمرشح توافقي بين الرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط.
لكن، وبالرغم من التنسيق الدوري، لم تصطلح العلاقة بين الحزب
وجنبلاط اذ بقيت مواقف الاخير قاسية في مواجهة حارة حريك
وايران، اذ كاد يفتح اشتباكا سياسيا استثنائيا
في اكثر من مرة، بعد انفجار المرفأ وفي مناسبات اخرى.
ليس صعبا على من يتابع الحراك الانتخابي الحالي اكتشاف
المواجهة الواضحة بين جنبلاط وحزب الله. لعل جنبلاط هو اول
من اكتشف رغبة الحزب بإضعافه فبدأ هجوما سياسيا واعلاميا
ضده قد لا يكون مسبوقا منذ سنوات طويلة، استحضر فيه
مصطلحات كان قد ابتعد جنبلاط عنها طويلا تجاوبا مع
رغبة الحزب وخصوصا تلك التي تصيب ايران بشكل محدد.
اهم عوامل هذه المرحلة هو موقف حركة امل ورئيسها
نبيه بري، الذي يبدو انه موقف مؤيد لحزب الله، فبحسب المعطيات فان “حركة امل”لن تتمايز عن حزب الله في دائرة الشوف وعاليه لا بل ستكون انتخابيا الى جانب لائحة الثامن من اذار وهذا يعود الى تمني الحزب ذلك، ما يعني ان اللائحة الاشتراكية لن تحصل على اصوات شيعية وتاليا فإن فرص خرق الوزير السابق وئام وهاب ستصبح مرتفعة للغاية.
في الاصل ان مجرد عدم ترشح النائب انور الخليل، نائب التقاطع بين بري وجنبلاط وترشيح مروان خير الدين (تقاطع بري – ارسلان) مكانه يعني ان حركة امل وقفت بالكامل الى جانب حزب الله ولم تختر الوسطية بينه وبين الحزب الاشتراكي.
في بيروت الثانية يعتبر المقعد الدرزي من المقاعد الضعيفة وما اذا قرر حزب الله اعطاء المرشح الدرزي على لائحته بضع اصوات تفضيلية سيستطيع الخرق على حساب مرشح جنبلاط بالرغم من ان شعبية الحزب الاشتراكي اوسع بكثير من خصومه الدروز. في البقاع الغربي تبدو معركة حزب الله ضد الاشتراكي صعبة، لكن النائب وائل ابو فاعور يتعامل بحرص شديد خوفا من ثغرة ما يستطيع الحزب اسقاطه عبرها.
عمليا لم يضع الحزب بين اهدافه الانتخابية ضرب الواقع النيابي لجنبلاط لكن دراسة التحركات الانتخابية توحي بذلك، علما ان بعض المتابعين يؤكدون ان الحزب لن يعمل على خوض معركة اسقاط مرشح جنبلاط في بيروت الثانية ولا في البقاع الغربي ما ينفي، من وجهة نظرهم، وجود استراتيجية لاضعاف الحزب الاشتراكي.