تحقيقات انفجار المرفأ: فضيحة العصر!

بقلم بولا اسطيح – Alkalima Online

لم يُبالغ من أطلق على جريمة تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020 المشؤوم، “جريمة العصر”.. فأي شيء يشبه نكبة عاصمة برمتها خلال دقائق معدودة؟ وأي رعب يوازي الرعب الذي عاشه أهل المدينة ولا زالوا يعايشونه يوميا؟ واي حسرة تقارن بحسرة أهالي عشرات الضحايا وملايين اللبنانيين الذين مات في كل منهم شيء ما في داخله، هذا عدا التشوهات غير المرئية التي ستلازمهم الى الممات؟!

ولا نبالغ اليوم وبعد عام ونصف على الفاجعة باعتبار التحقيقات بالجريمة بـ”فضيحة العصر”. والا ماذا نسمي التعطيل السياسي المتعمد والمفضوح للتحقيقات اذا لم يكن “فضيحة”؟ وكيف يمكن التعامل مع استخدام القانون لتعطيل تنفيذ القوانين؟ وصولا لذروة الاستخفاف بمأساة أهالي الضحايا من خلال الاصرار على ترشيح أحد المطلوبين في هذا الملف، وهو النائب علي حسن خليل، مجددا الى الانتخابات النيابية، بنية واضحة من مرجعيته السياسية بتحدي وجع الناس، تحدي القضاء، وتحدي كل منطق الدولة والمؤسسات. حتى ان مصطلح “الفضيحة” قد لا يفي لتوصيف ما يقوم به هؤلاء، باعتباره يبدو اقرب للفجور..والا كيف نقرأ نجاحهم بشق صفوف أهالي الضحايا لاحباط دورهم وتشتيت جهودهم؟ وكيف نتعاطى مع خروجهم لتهديد المحقق العدلي صراحة وصولا لكف يده بشكل متواصل وبقوة القانون لأكثر من 5 اشهر تخللها ايضا تعطيل عمل الحكومة في مرحلة هي الاحرج في التاريخ اللبناني الحديث؟!

وتفيد آخر المعطيات الواردة في هذا الملف بأنه دخل في جمود تام لما بعد الانتخابات النيابية، فرغم الاتفاق الذي تم مؤخرا بين رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود والمدّعي العام التمييزي غسان عويدات على ملء الشغور في رئاسات بعض غرف محاكم التمييز التي يؤلف رؤساؤها الهيئة العامّة لمحكمة التمييز التي يفترض ان تبت بالدعوى التي تقدم بها النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر لمخاصمة الدولة ضد القاضي ناجي عيد. الا ان المرسوم الذي صدر عن مجلس القضاء الاعلى ووقعه وزير الداخلية سيقف حتما وكما هو متوقع في طريقه بين وزارة المال ورئاسة الحكومة وصولا لرئاسة الجمهورية. اذ تقول مصادر مطلعة على الملف

بأن “القرار بتجميد التحقيقات حتى انتهاء الانتخابات وتشكيل حكومة

جديدة اتُخذ، وحتى ولو تم تمرير المرسوم من خلال توقيعه وتم البت

بالدعوى من قبل الهيئة العامة، فهناك كم كبير من دعاوى الرد الجديدة

المقدمة ضد البيطار باطار سياسة معتمدة باتت واضحة لتجميد

التحقيق بانتظار التوصل لصفقة ما بعد الانتخابات”.

ولا تستبعد المصادر ان يكون مصير تحقيقات المرفأ بات مرتبطا

بمصير ملف تحقيقات الطيونة وملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة،

مرجحة ان تحصل صفقة مشتركة حول الملفات الـ3 بعد الانتخابات.

ولعل ما يعزز هذه الفرضية ما تؤكده مصادر مطلعة على موقف

حزب الله لجهة ان مسار البيطار تعطل ولا مجال لاستكماله،

واي استعادة لتحقيقات المرفأ يجب ان تحصل من خلال سلوك مسار جديد لا يكون فيه البيطار موجودا او مقررا.

بالمحصلة، قد يكون كل ما سبق كافيا للقول بأن ما يحصل

في تحقيقات المرفأ يرتقي ليكون “فضيحة العصر”، فحتى ولو كان

اللبنانيون اعتادوا منطق الصفقات الذي بات جزءا من سياسة

ادارة الدولة الفاشلة التي يعيشون في كنفها، من

قال أن عليهم أن يتقبلوا أن يسري هذا المنطق على دماء ضحايا المرفأ

ومن سبقهم من ضحايا جرائم سياسية تتكدس ملفاتها في أدراج قضاء

لم يعد الا ذراعا لمنظومة تتفنن بقتل الناس، تهجيرهم وتيئيسهم!

Exit mobile version