جبران باسيل الذي لا ينام.. يخضع للإبتزاز!

“ليبانون ديبايت” – وليد خوري

تغيّرت الأحوال بالنسبة إلى رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل. الرجل الحديدي الذي فاز بإنتخابات 2018، أكلت منه 17 تشرين 2019، حتى حوّلته إلى ضحية في العام 2022!

يجهد باسيل في الحفاظ على وضعيته كرئيس أكبر تكتل مسيحي على الإطلاق. من جهة ثانية، يجهد “حزب الله” بدوره في دعمه للحفاظ على هذه الوضعية، وفي الطريق إلى ذلك، ينمو العشب ويكبر بين الحلفاء، الرافضين تحسين وضعية “جبران” على حسابهم. في المقابل، لم يبخل الحزب على رئيس التيّار، حتى بالأصوات، تماماً كما لم يبخل جبران على نفسه في التضحية، حتى ولو كلّف ذلك إدخال تغييرات وتعديلات جوهرية على خطابه وسلوكه حدّ التناقض.

كان صوت باسيل يهدر كلما تمّ التطرّق إلى الوضعية المسيحية في صلب النظام. من ينسى كيف كان باسيل، وقبله عمه رئيس الجمهورية ميشال عون، يرفعان الصوت عالياً في معرض الدعوة الدائمة إلى تحرير المقاعد المسيحية من هيمنة وتأثير الصوت المسلم؟ الآن، تغيّرت الأحوال، أضحى جبران اليوم يسعى خلف الأصوات المسلمة، وإنما يطلبها في سبيل رفد المقاعد المسيحية بقوة الحواصل.

أبعد من ذلك، جبران باسيل الذي كان خلال إنتخابات 2018، الآمر الناهي في موضوع التحالفات وصَوغها، فيمنح الموافقات على مرشحين، ويحجبها عن آخرين، تحوّل في عام 2022 إلى راضخ لأمر غيره. الذي حصل خلال تكوين لائحة الشوف – عاليه مؤخراً نموذج واضح، على صعيد تفسير الحالة أو التحوّلات التي دخلت على طبيعة رئيس التيار السياسية.

عملياً، يقول البعض أن ما حاول تحقيقه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في الشوف، لناحية سيناريو الفرض و الإملاء على رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، متسلّحاً بالعلاقة مع السعودية، كان لافتاً من حيث القدرة والتوقيت، تماماً كحال مع حصل مع باسيل، أمام اندفاعة كلّ من رئيس تيّار “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهّاب، وشريكه الدرزي الثاني رئيس الحزب “الديمقراطي اللبناني” النائب طلال أرسلان. عملياً، أدّى ذلك إلى خلق توازنٍ “نوعاً ما” على صعيد العلاقة بين المكوّنين، فلم تختلّ لمصلحة طرف دون آخر.

خلال دوران مسار تركيب اللائحة التي جمعت الثلاثي، بدا جبران باسيل ضعيفاً في فرض مرشحيه، على عكس ما كان عليه سابقاً. بداية، حاول وهاب دفعه خارج اللائحة، لعلّة ظاهرية إسمها “الخلاف على البساتنة” تخفي في باطنها رغبةً لدى “أبو هادي” في دخول مجلس النواب كقطب. كانت خشية

باسيل حينها تتمثل في فقدان الحاصل الثاني، مما يؤدي للإطاحة بمرشحه عن المقعد الكاثوليكي في الشوف غسان عطالله،

المستهدف بحملات إنتخابية جنبلاطية. قضى ذلك على جبران أن يقدم تنازلات،

كان إحداها الضغط على فريد البستاني للإنضمام إلى اللائحة إلى جانب ناجي البستاني،

فحصل ذلك بعد جهد. وطوال مسار تأليف اللائحة، كان الإبتزاز سيد الموقف. من إحدى الأمثلة،

أن طرح باسيل أن ينضوي ناجي البستاني في تكتله النيابي في حال فوزه. رُفض الطلب

وإنما رُفض مراراً، ليعود باسيل ويرضخ إلى رغبة الحلفاء، وإنما زادها باتفاق “تنازل” يقضي بدعم التيّار لـ”الثنائي الدرزي”

في الحصول على وزارة الداخلية، وهذا ما لم يحقّقه وليد جنبلاط أقلّها خلال

الفترة من العام 2005 وحتى اليوم. قضية أخرى لها دلالات هامة جداً، ففي

اللائحة التي حملت إسم “لائحة الجبل”، يمكن ببساطة تقدير أن جبران دخل

عليها كشريك غير مضارب، أو شريك ضعيف، مقارنة بوئام وهاب مثلاً، الذي

فُرض على تلك اللائحة، مرشحين إثنين على الأقل، عداك عن فرض ناجي البستاني،

ما ساواه مع باسيل من الناحية العددية.

في دائرة صيدا – جزين، واجه باسيل إبتزازاً داخلياً من نوع آخر،

هذه المرة مصدره “التيار الوطني الحر”، تحديداً النائب زياد اسود،

الذي تمكّن بدايةً من أن يفرض على باسيل الضغط في سبيل الإطاحة

بالمرشح عن المقعد الماروني الثاني أمل ابو زيد، قبل أن يتدخل الرئيس

ميشال عون ويعود لاعادة فرضه مجدداً. وباسيل الفاقد للقدرة على إيجاد

مرشحين أقوياء محسوبين على أطراف سياسية، بدت عليه الخشية من

خسارة ما تبقّى له في جزين، في حالة إغضاب أسود الذي مارس السياسة

إنطلاقاً من قاعدة: “عرف مقامه فتدلّل”، فأعطاه ما أراد. في جبيل كسروان، بعلبك – الهرمل الأمر ذاته.

تمثّلت خشية جبران في عدم القدرة على إيجاد حلفاء لتركيب لوائح، فرضخ لأمر حلفائه أيضاً،

ومضى شريكاً معهم في لوائح. هل هي بداية السقوط، أم بداية التصحيح للصعود من جديد،

أم هي قراءة ضروية للأحداث حكمتها الاحداث والضرورات؟

Exit mobile version