هل يتنازل باسيل عن الرئاسة لفرنجية؟
منذ حوالى ثلاثة اسابيع غادر رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية الى باريس،
حيث تردّد انه سيلتقي هناك الرئيس سعد الحريري، لبحث مسألة تجيّير الصوت السنيّ للائحته
في دائرة الشمال الثالثة، ليتبيّن لاحقاً انه التقى مسؤولين فرنسيين وسعوديين،
والاجتماعات تناولت الملف الرئاسي، وفرنجيه حاول جسّ نبض المسؤولين هناك
عن مدى حظوظه بالوصول الى المركز الاول، على ان يزور موسكو قريباً للهدف عينه
اما في لبنان فيتحضّر زعيم «المردة» بعد الانتخابات النيابية،
على فتح باب الحوار مع مختلف الافرقاء اللبنانيين، لجسّ النبض الداخلي في ملف الرئاسة،
وهو أبلغ قبل ايام ماكينته الانتخابية بأنّ إعادة التواصل
مع رئيس « التيار الوطني الحر» جبران باسيل غير مستبعدة،
الامر الذي يؤكد إفتتاحه للمعركة الرئاسية، خصوصاً بعد غياب حظوظ باسيل بالوصول اليها،
بسبب العقوبات الاميركية المفروضة عليه،
وقد تبع هذا الحراك دعوة من الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله،
يوم الجمعة لفرنجية والنائب جبران باسيل الى مائدة الإفطار
ما سهّل مهمة رئيس «المردة» مع رئيس التيار البرتقالي،
حيث كانت الاجواء ايجابية وفق ما نقل بعض الحاضرين،
خصوصاً انّ فرنجية لم يكن عدائياً في الفترة القليلة الماضية مع باسيل،
بحيث حاول مراراً تجنّب الهجوم السياسي عليه، خصوصاً خلال المقابلة التلفزيونية التي ظهر فيها منذ فترة
، ليشّن هجومه فقط على رئيس حزب القوات اللبنانية،
في محاولة لكسب باسيل سياسياً والتقرّب منه، في توقيت زمني لافت يقترب من إنتهاء العهد.
الى ذلك تشير مصادر سياسية متابعة لما يجري في هذا الاطار،
الى انّ بنشعي تشهد منذ فترة حراكاً ديبلوماسياً ، من خلال الزيارات التي يقوم بها بعض السفراء العرب والغربيين اليها، مما يعني انّ الموسم الرئاسي بدأ يطل برأسه، وسوف يكون طاغياً بعد منتصف شهر ايار، بحيث ستستريح الانتخابات النيابية لتحّل مكانها الانتخابات الرئاسية رفضاً للفراغ الذي يتحدث عنه الجميع، خصوصاً انّ القرار الدولي مُتخذ بضرورة إجراء الاستحقاقات الهامة في مواعيدها، ناقلة بأنّ رئيس «المردة» يحظى بعلاقات جيدة مع الاميركيين والخليجيين، كما انّ علاقته جيدة جداً مع حزب الله، وقد اتت مصالحته مع رئيس «الوطني الحر»، لتؤكد بأنّ حزب الله يقف على مسافة واحدة من الجميع، وبأنّ المصالحة حصلت على ارض الحزب وللحليفين معاً، لانه لا يفضّل حليفاً على آخر، أي اتت لتشكل رسالة في اتجاه الاثنين، وهنالك دعوات مرتقبة لكل حلفاء الصف السياسي الواحد، الذي يجمع محور الممانعة، مؤكدة بأنّ رعاية حزب الله لهذه المصالحة، هي بداية رسم الخطوط العريضة للسياسة المرتقبة التي سيسير عليها المحور المذكور بعد الانتخابات النيابية.
وتلفت المصادر المذكورة الى انّ الانتخابات الرئاسية ستشغل بال كل الافرقاء قريباً جداً،
خصوصاً المسيحيين منهم، اذ بدأت كواليسها وخباياها تظهر، وبصورة لافتة في الخارج قبل الداخل اللبناني، لانّ الرئيس المنتظر يشغل بال العالمين العربي والغربي، فيتم إختياره وفقاً لما هو مطلوب اقليمياً، ووفق ما تبغيه الدول الغربية، أي بإختصار على الرئيس اللبناني ان ينال مباركة الجميع، وإلا لن يصل الى سدّة الرئاسة، وفي حال إنقلبت القاعدة تبدأ محاربته حتى يسقط بالضربة القاضية في المعنى السياسي، أي لا يتركونه يعمل وتبدأ محاربته من قبل فريق الداخل، الذي يستمع اولاً الى طلبات الخارج، وهذا يعني انّ معظم الافرقاء اللبنانيين يحاربون بعضهم كما جرت العادة وبأوامر من خارج الحدود.
ورأت انه في السابق كان المرشح الرئاسي ينام مطمئناً، على انه سيستيقظ رئيساً في صبيحة ذلك الاستحقاق، وهذا ما حدث مع حميد فرنجية الذي نام رئيساً ليصبح كميل شمعون مكانه في العام 1952، لكن هذه اللعبة انتهت منذ زمن، لتستبدل من قبل دول القرار بمرشح توصله الى قصر بعبدا، وعندئذ تصبح الانتخابات معروفة النتائج سلفاً، حتى انّ معظم الرؤساء باتوا يتلقون التهاني قبل فترة من إجراء الانتخابات الرئاسية، خصوصاً منذ فترة انتهاء الحرب في لبنان.
واشارت المصادر الى انّ اسئلة كثيرة تدور اليوم في ظل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها، لذا من المتوقع ان نعيش الفراغ الرئاسي المرتقب بعد اشهر، وكأنه قصاص لنا بعد ان بات لبنان في عزلة. لكنها شدّدت على ضرورة الانتظار لما ستؤول اليه التطورات الإقليمية، وبالتالي معالم التسويات التي نأمل ان تشمل لبنان، وفي انتظار ذلك نأمل ان يتفق المسيحيون ولو لمرة على هوية من سيخوض الاستحقاق الرئاسي، كما يفعل عادة زعماء الطائفة الشيعية، حين يتفقون على إسم موّحد، لأي منصب في الدولة يعود لهم، أملة من الاقطاب الموارنة ان يتناسوا مصالحهم وطموحهم الرئاسي، لمنع وصول الفراغ الى الموقع المسيحي الأول في لبنان، الذي من شأنه إلحاق الضرر الاكبر بالمسيحيين اولاً، وبالتوازن الميثاقي ثانياً، آملة ان يكون الرئيس صناعة لبنانية بإمتياز.
المصدر: الديار