كتب حسن معتوق في “النهار”:
كان الإمام علي كرم الله ثراه محقا بقوله الشهير الذي تتناقله الأجيال من جيل لجيل “إذا أردت أن تقتل إنسانا أطلق عليه إشاعة” فمفاعيل الاشاعة أقوى من مفعول رصاصة خصوصا ان كثر تردادها وعمد مروجوها إلى تنويع مصادرها.
لكل منهم سبب أو اسباب و مصالح مرتبطة ومطالب وأهداف من ورائها. لكي يفهم الناس ماذا تعني شركة فيوري وارتباطها بحاكم مصرف لبنان عليه أن يفهم كينونتها وكيف تأسست ومن ابتدعها؟ الراحل عبدو جفي شغل منصب مساعد ويد يمنى للراحل جو سردار صاحب المصرف الشهير ومن بعده أصبح الرجل الأول في المصرف بانتظار أن يبلغ الوارث ماريو سردار السن اللازم ليتبوأ مكان ابيه. وفي مرحلة ما تم بيع المصرف إلى بنك عودة وأصبحت مجموعة عودة سردار اكبر مجموعة مصرفية في لبنان وعندها ترك عبدو جفي المجموعة بعد أن حقق ثروة لنفسه مع شبكة علاقات قوية تمتد إلى اصقاع العالم
جمع جفي مجموعة من المستثمرين العرب والأجانب بالإضافة اليه وأسس شركة مالية “فوري” اناط إدارتها إلى رجا سلامة المصرفي الذي شغل منصب المدير العام لأحد المصارف المحلية قبل أن يكون شقيقه حاكما لمصرف لبنان. هدف هذه الشركة المالية المسجلة اصولا لدى مصرف لبنان
المتاجرة شراء و بيعا للادوات المالية من سندات خزينة إلى شهادات
إيداع إلى اليوروبوند اصدار الدولة اللبنانية و هذا العمل تمارسه كل
الشركات المالية والمصارف أيضا داخل وخارج لبنان ولم ينحصر نشاط
البيع والشراء بها وحدها. تفتح الشركة حسابا لدى مصرف لبنان ويتحرك
هذا الحساب بالعمليات المنفذة وتجرى المقاصة بين السندات والعمولة من خلال هذا الحساب.
تدعو وزارة المال اللبنانية بشخص وزيرها ومديرها العام الجهات
المالية المختلفة للاكتتاب بإصدار سندات خزينة لبنانية بالعملة الأجنبية أو المحلية ولغاية سقف معين مثلا ٥ مليار
دولار تقدم الشركات المالية والمصارف طلباتها للمشاركة إلى
وزارة المال وجرت العادة أن يتخطى الطلب المبالغ المعروضة
فيوزع الإصدار على المكتتبين كل حسب نسبته و بالتالي تحصل شركة فيوري وغيرها على حصة منه. و لان المصارف
لم تحصل على كامل اكتتاباتها في الاصدار تعمد عندها إلى شراء حصة
الشركات لقاء أرباح أو عمولات على القيمة الأساسية هذا ما تفعله
شركة فيوري كعمل تجاري يحقق لها أرباح بمعدلات لا تتخطى
ربع نقطة على الفوائد و لكنها تصل إلى ٣ الى ٤ مليون دولار
للمليار و لكل سنة من الاستحقاق و هنا نرى مجموع من المبالغ
تصل خلال ١٧ عاما من العمل إلى ٣٠٠ مليون دولار. هذا هو الهدف
الأساسي لتأسيس شركة مالية لا صلاحية لمصرف لبنان وحاكمه على
اي من العمليات لأنها تصدر في وزارة المال . توقفت الشركة عن العمل بعد أن أصبح العمل بالنسبة إليها غير منتج
و حولت المبالغ و الأصول إلى المستثمرين وانتهى الموضوع .
لو أن الشركة لديها مديرا آخر غير رجا سلامة فانها لا تسترعي إنتباه
جهابذة المال والاقتصاد و لم تستعمل للهجوم على رياض سلامة
في كل مناسبة وإتهامه بالإنتفاع من ارباحها المحققة.
قد يكون رياض سلامة قد أخطأ بالسماح لاخيه المصرفي أن يترأس
شركة مالية تستثمر في لبنان ولكن نشاطها لا تأثير لمصرف لبنان عليه . ومع هذا قد لا يستطيع الحاكم منع أخيه من
العمل وهذا منطقي. وبالعودة إلى التاريخ اللبناني وتاريخ المصالح العائلية
نرى مثلا الرئيس الراحل سليمان فرنجية وزر إبنه الراحل طوني فرنجية وزيرا للإتصالات.
ورشح بيار الجميل إبنه المحامي أمين عن المقعد الماروني في
المتن الشمالي وعين فارس بويز وزيرا للخارجية في عهد حماه الرئيس الهراوي
كما عين الياس المر وزيرا للداخلية ونائبا لرئيس الحكومة في عهد حماه الرئيس لحود أيضا وتم تعيين جبران باسيل
وماريو عون وزراء ووصلا للنيابة وشامل روكز والآن عون وسليم عون قبل وخلال
عهد الرئيس عون الذي عين جوزف عون قائدا للجيش كذلك. وعين الرئيس بري إبنته
سفيرة في السلك الديبلوماسي وأشقاءه في بعض المراكز الإدارية وعدد من أقاربه
في بعض المراكز القضائية. وعين الرئيس سعد الحريري إبن عمه نادر مستشارا
خاصا له وفعل ما فعل من صفقات وسمسارات مع وريث العهد القوي وقبله الرئيس الراحل
رفيق الحريري كان أوصل هو أيضا شقيقته بهية إلى المقعد النيابي في صيدا…
وغيرهم عدد كبير من المقربين من الرئيس الحريري الاب والابن وموظفين لديهما
وكذلك التعيينات التي تستخدم من قبل المقربين للاستحواز على مصالح الدولة كوزارات
الطاقة والمال والأشغال والصحة والتربية والإتصالات والتنمية الإدارية و…
عدا مجلس الإنماء والإعمار ومجلس الجنوب وصندوق المهجرين وأوجيرو والكازينو وإنترا.
إذن لم يخطئ سلامة لأن هذا الأسلوب متبع لدى الجميع في إدارات
وسلطات الدولة وفي كل مفاصلها. لذلك انزلوا الحمار من على المأذنة وانتهوا
من استخدام الإعلام المأجور في قضية خاسرة.