لا تزال الصورة السياسية غير واضحة في لبنان. تتداخل فيها الكثير من العناصر المتناقضة. وهي خاضعة إما لمجرد تمنيات وطموحات، وإما لانتظار المزيد من الوقائع السياسية، التي قد تفضي إلى مشهدية جديدة. لا شيء يتقدم على المعارك الانتخابية حالياً. من دون ذلك، الصورة في حالة من الجمود والترقب لما سيلي الاستحقاق الانتخابي، على المستويات السياسية والاقتصادية، وربطاً بأي تطورات إقليمية-دولية.
في الأثناء، الجميع ينتظر ما سينتج عن حركة السفير السعودي وليد البخاري، وإذا كانت ستنطوي على تدخل حقيقي في الانتخابات أم انها ستبقى في سياق الحركة الديبلوماسية وضمن الدعم المعنوي فقط.
ترتيب “الجبهة”
يبدو مشهد الإفطار السعودي وكأنه أبعد من الجانب الانتخابي. فعلى الرغم من مشاركة ممثل رئيس مجلس النواب، وزير الزراعة عباس الحاج حسن، إلا أن الصورة الأعم المأخوذة عن هذا الأفطار، تشير إلى مسعى لتحالف سنّي مسيحي، يشبه إلى حد ما العودة إلى العام 2005. ما يعني بالمقابل، العودة إلى المشكلة السنّية-الشيعية. ومن الجهة الأخرى، يسعى أيضاً حزب الله لدعم التيار الوطني الحر، باندفاعة قوية من أجل “تفاهم” شيعي-مسيحي، نقيض ذاك التفاهم السنّي-المسيحي، مع فارق أنه في العام 2005 كانت سوريا دولة قوية، بخلاف ما هو الواقع اليوم، سوريا منهكة وضعيفة وضائعة في حسابات الدول والأقاليم.
ما يعزز التفاهم السنّي-المسيحي، والذي تريده بعض دول الخليج أيضاً يتجلى في مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي رحب بعودة السفراء من جهة، وتوجه إلى الناخبين بضرورة الاقتراع لتغيير الأكثرية النيابية، ولمن يعمل على إصلاح العلاقات اللبنانية العربية، ويشدد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة. وقال الراعي: “اللبنانيون لا يريدون بديلاً عن الدولة، وهم يتوقون للحظة التي تُرفع الهيمنة عن لبنان ويتوقّف تعطيل القضاء، فلا يبقى سوى سلاح واحد وقرار واحد”. وأضاف:” لا يجوز تحت عنوان إنقاذ لبنان تغيير هوية نظامه الاقتصادي التي لا تخضع لأيّ تسوية دستورية أو مساومة سياسية”، مؤكداً أنّ “الإصلاحات تحتاج للاقتران ببسط سلطة الدولة على كامل أراضيه وتوحيد السلاح عملاً بقرارات مجلس الأمن، ومن الواجب احترام سيادة الدول الشقيقة ووقف الحملات عليها التي لها علاقة بمصالح دول أجنبية”.
بازار موسع ومقايضة كبرى
كل هذه المواقف، قد تقود إلى مواجهة سياسية في المجلس النيابي المقبل.
بدءاً من انتخاب رئيس المجلس النيابي المقبل إلى انتخاب رئيس الجمهورية، ربطاً بالملفات الاقتصادية والمالية والوجهة التي سيسلكها لبنان. وهي ستتجلى بفتح بازار موسع داخل الحلف الواحد، أي بين حزب الله وحليفه التيار الوطني
الحرّ حول انتخاب الرئيس نبيه برّي. إذ أن باسيل قد يطرح مقايضة كبرى لانتخابه
في ظل تمنّع قوى مسيحية أخرى كالقوات
اللبنانية عن انتخاب برّي، فيما لا يبدو واضحاً حتى الآن موقف الشخصيات السنّية
التي ستصل إلى البرلمان. وما سينعكس أيضاً في المرحلة المقبلة على صعيد
استحقاق رئاسة الجمهورية، او
البحث في إمكانية عقد طاولة حوار لبنانية برعاية
إقليمية دولية للبحث في تسوية سياسية جديدة.
يتوقع هؤلاء أيضاً تغييراً في السياسة الأميركية. إذ ستبرز مواقف القوى الديموقراطية
الرافضة للتقارب مع إيران. ويعتبر هؤلاء أن الديموقراطيين غير موافقين على
أي تنازلات سيقدمها بايدن لطهران.
هذا سيكون له آثاره على الواقع اللبناني في ضوء التنسيق السعودي الفرنسي، الذي
يشبه العودة أيضاً إلى حقبة العامين 2004-2005. وحزب الله بدوره يترقب كل
هذه المواقف وسياقاتها وتطوراتها، ويتجهز لها.
للمزيد من الأخبار الرجاء الضغط على الرابط التالي: