كتب نذير رضا في الشرق الأوسط:
دخلت خطة التعافي المالي، ومعها مفاوضات الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي في مأزق، إثر إعلان جمعية المصارف في لبنان عن رفض الخطة «جملة وتفصيلاً». وكانت «الشرق الأوسط» نشرت تفاصيل الخطة نهار الأربعاء الماضي التي تحمل المودعين والمصارف الجزء الأكبر من الخسائر، وهو ما أربك المسارات القائمة لمحاولة وضع لبنان على سكة التعافي، وسط تعويل على اجتماع اللجان البرلمانية المشتركة يوم الثلاثاء المقبل لمحاولة إيجاد مخرج للأزمة الراهنة التي تهدد حصول لبنان على مساعدات دولية واستعادة الثقة بقطاعاته وخروجه من أزماته الاقتصادية.
وأعلنت جمعية «مصارف لبنان» في بيان أمس أنها «بعد اطلاعها على خطة التعافي المعروضة من الحكومة اللبنانية والآيلة إلى تحميل المصارف والمودعين القسم شبه الكامل من الخسارة التي نتجت عن السياسات التي اعتمدتها الدولة بحكوماتها المتعاقبة ومصرف لبنان، ترفض هذه الخطة الكارثية والمخالفة للدستور اللبناني، ولسائر القواعد القانونية المرعية الإجراء، جملة وتفصيلا».
وتقدر الحكومة خسائر القطاع المالي بنحو 72 مليار دولار. وقالت الجمعية إنها «كلفت مستشاريها القانونيين دراسة وعرض مروحة الإجراءات القضائية الكفيلة بحماية وتحصيل حقوق المصارف والمودعين».
وبعدما رفضت جمعية مصارف لبنان مسودة سابقة للخطة في شباط، قائلة إنها ستؤدي إلى فقدان الثقة في القطاع المالي، رفضت أيضاً مسودة الخطة الجديدة. ويعد هذا الموقف التصعيدي، أول إعلان رسمي صادر عن الجمعية تؤكد فيه موقفها من خطة لم تُعلن رسمياً، ولا تزال مسودة وجرى تسريبها. وقالت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الإعلان «هو بمثابة تبليغ لجميع المعنيين بالمفاوضات مع صندوق النقد وخطة التعافي، بأن جمعية المصارف هي خارج أي اتفاق مع صندوق النقد، وأنها غير معنية بتلك الاتفاقات».
وتوصل لبنان في وقت سابق من الشهر إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي للاستفادة من (تسهيل الصندوق الممدد) لمدة 46 شهرا، وطلب لبنان بموجبه الوصول إلى ما يعادل نحو ثلاثة مليارات دولار. لكن الوصول إلى هذه الأموال مرهون بتنفيذ عدد كبير من الإصلاحات الاقتصادية وإعادة هيكلة القطاع المالي.
ويفقد الاتفاق مع صندوق «النقد الدولي» اليوم لطرف أساسي كان معنياً في التفاوض معه للتوصل إلى خطة تضع لبنان على سكة التعافي من أزماته الاقتصادية والمالية والمعيشية، ولم يعد الفريق اللبناني موحداً، خلافاً لشرط صندوق النقد الذي طلب في وقت سابق من السلطات اللبنانية، أن يحظى أي اتفاق معه بـ«توافق عريض» يشمل رسمياً، السلطتين التشريعية ممثلة بالبرلمان، والتنفيذية ممثلة بالحكومة، كما يشمل الفئات الاقتصادية والاجتماعية، وتتمثل تلك بالقطاع الخاص والمجتمع المدني، وأيضا المصارف والهيئات الاقتصادية والفئات الشعبية.
ولا تعد موافقة جمعية المصارف ضرورية لكي تبدأ الحكومة تنفيذ الخطة، لكن الخبراء يقولون إن دعمها من القطاع المصرفي يمكن أن يساهم في حل الأزمة.
ويكشف هذا الانقسام اليوم عن «تخبط سياسي في التعامل مع ملف صندوق النقد»، وحذرت مصادر اقتصادية من أن يفقد لبنان الاتفاق المبدئي الذي وقعه مع صندوق النقد الدولي، مشيرة إلى أن خطة التعافي «فقدت غطاء جمعية المصارف، وستفقد غطاء الهيئات الاقتصادية التي تعتبر نفسها متضررة من تحميل الخسائر للمودعين، بعدما فقدت الخطة التغطية الشعبية والنقابات المهنية التي رفضت الخطة ودعا بعضها إلى تصعيد في مواجهة الخطة».
وتضع المسودة الحالية سلسلة من الإصلاحات المالية، تشمل إصلاح القطاع المصرفي ووضع حدود قصوى للمبالغ التي يمكن للمودعين استعادتها من حساباتهم.
ويُضاف هذا التأزم إلى أزمة سياسية أخرى، تمثلت في انقسام سياسي لبناني حول قانون «الكابيتال كونترول» الذي تجري مناقشته، وقد أحبطت جلسة الأربعاء الماضي في البرلمان على خلفية انسحاب نواب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» الذين أصروا على مناقشة «الكابيتال كونترول» بالتوازي مع خطة التعافي.
وقالت مصادر مواكبة لملف التأزم المتزايد حول خطة التعافي المالي والإجراءات التشريعية المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي لتنفيذ الاتفاق المبدئي، إن الأنظار تتجه إلى جلسة «اللجان المشتركة» في البرلمان يوم الثلاثاء المقبل، لمعرفة المخارج المطروحة في ظل الصدام المتزايد، ودخول لبنان في مآزق على كل الجبهات. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الجلسة التي قد تكون الأخيرة قبل الانتخابات النيابية وانتهاء ولاية مجلس النواب الحالي وهي «تمثل الفرصة الأخيرة لإنقاذ الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي».
في غضون ذلك، أكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان أن «المطلوب إقرار (الكابيتال كونترول) شرط أن يترافق مع رؤية إنقاذية للبلد تتضمن كل الإصلاحات، وهذا ما يجب أن يحصل الأسبوع المقبل»… وقال كنعان في حديث لمحطة mtv: «إذا منحني المتنيون ثقتهم في 15 مايو (أيار) المقبل، سأعطي من وقتي وجهدي لأهل منطقتي للسعي للتخفيف من أوجاعهم الكبيرة وأعبائهم جراء الأزمات واللامركزية الموسعة عنوان أساسي سأعمل له».
جاء في جريدة “الأنباء” الالكترونية:
في ظل التفلّت المستجد في السوق السوداء، تخوفت مصادر مالية مراقبة عبر الأنباء الالكترونية ان “يكون الهدف وراء تطيير الدولار على هذا النحو مرده الى أمرين، الاول تأجيل الانتخابات بعد ان تفقد الاعتمادات المالية المقررة قيمتها مقابل تجاوز الدولار عتبة ال٣٠ الفا ولا تعود تفي بالغرض المطلوب، والثاني اختلاق العديد من الأزمات في البلد ليتم خلق مزيد من أوراق التفاوض بهدف رفع العقوبات عن النائب جبران باسيل”.
في هذا السياق، حدد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة في اتصال مع “الانباء” الالكترونية مجموعة أسباب وراء ارتفاع الدولار، وتحديدا بسبب النقص في الدولار وعملية الاستهلاك المستمرة التي يتعرض لها دون وجود انتاجية تعوض هذا النقص ، خاصة في ظل كمية التصدير القليلة، بالاضافة الى استمرار عملية الفساد والهدر”.
ولفت عجاقة الى “مبلغ ٣٠ ترليون ليرة قيد التداول، ٢٠ ترليون منهم موزعون بين التجار والصرافين الذين استفادوا من التعميم ١٦١ الذي ينص في الاساس على سحب الليرات اللبنانية مقابل الدولار، ما ادى الى وضع حد لارتفاع الدولار واستمر بحدود ال ٢٠ الفا، ثم ومع اندلاع الحرب في اوكرانيا ارتفعت الاسعار عالميا وأصبح التجار بحاجة للدولار وزاد الطلب عليه في السوق السوداء فارتفع الدولار من ٢٠ الفا الى ٢٥ الفا”، وقال إن ما جرى في اليومين الماضيين واعلان مصرف لبنان عدم التدخل أدى الى ارتفاع الدولار “فالبنك المركزي لم يعد يدعم سوى الطحين والدواء وهو ما ادى الى هذه البلبلة، أما السبب الثاني فله علاقة بالكابيتال كونترول وخطة التعافي الاقتصادي التي على ما يبدو لن تقر، ما اثار الخوف من قبل التجار الذين باشروا بنقل اموالهم الى الخارج لأنهم بحسب الخطة ليس بمقدورهم الحصول على الدولارات عن طريق مصرف لبنان”.
وتابع عجاقة: “اما السبب الثالث يتعلق بالمصارف وقد تيقنوا ان خطة التعافي تريد ان تحملهم مسؤولية ما جرى وبمعنى آخر تريد الأخذ من رأسمالهم، ولهذا السبب تمنعوا عن اعطاء الدولار للناس”.
عجاقة تحدث عن مشكلة كبيرة في ضخ العملة الوطنية في السوق، سائلا: “هل رئيس الحكومة يعتمد هذا الاسلوب ليكون هناك ضخ دولارات بسرعة؟ وهل الطريق اصبحت جاهزة لإقرار خطة التعافي وبالأخص بعد الكلام بأنها قد تطال اموال المودعين والمصارف؟”، متوقعا ان يأتي نائب رئيس الحكومة ببعض المساعدات المتعلقة بالكهرباء وباستيراد القمح ليس اكثر شرط ان تكون زيارته الى واشنطن تأتي بتكليف من مجلس الوزراء.