قلم عمر الراسي – أخبار اليوم
وكأن لبنان واللبنانيين اصبحوا بين سندان “الكابيتال كونترول” الذي سيحول اقتصاد البلد الى نظام شيوعي اشتراكي يحول دون جني الاموال وبالتالي تحريك العجلة الاقتصادية،
وبين مطرقة “خطة التعافي” التي ستقضم اموال المودعين.
ومعلوم ان الامرين من المطالب الاصلاحية التي طلبها
صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان، لكن ليس معلوما
بعد ما اذا كان الصندوق قد اطلع على مضمون الصيغتين ووافق عليهما…
خصوصا انهما تؤديان الى “قتل الاقتصاد”.
وفي هذا الاطار، يشرح خبير اقتصادي واسع الاطلاع، عبر وكالة
“أخبار اليوم” ان لا علاقة لـ”الكابيتال كونترول” بخطة التعافي
التي رفضتها المصارف، موضحا ان تلك الخطة بحد ذاتها قاتلة للودائع،
وستلغيها، مشككا بكلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن اعادة الودائع تحت سقف الـ 100 الف دولار، قائلا:
تقنيا امر مستحيل لان هذه الودائع تقدر بين 15 و20 مليار دولار،
وهذا المبلغ اساسا غير موجود لدى الدولة او لدى القطاع المصرفي.
مع العلم انه حين يتم البدء بتنفيذ الخطة، فان المبالغ المتبقية ستنخفض اكثر نظرا لارتفاع نسبة السحب،
لان المودعين سيحاولون السحب قدر المستطاع من حساباتهم حيث سيحاول البعض خفضها الى ما دون 100 الف دولار.
ويوضح الخبير عينه انه من “يطيّر” الودائع ليس خطة الكابيتال كونترول
بل خطة التعافي، وهي في الواقع ليست خطة على اعتبار انها لم تقر
من قبل مجلس الوزراء مجتمعا، بل هي رؤية رئيس الحكومة، التي
لو طرحت لما كانت لتمر، فاحيلت الى مجلس النواب كمذكرة او رسالة تحتوي على “مسودة خطة التعافي”.
وهنا يمكن القول ان ارسالها الى مجلس النواب هو امر مخالف للاصول،
ويمكن للنواب ان ينكروا وجودها. بالتالي من حيث الشكل هي ساقطة امام اللجان النيابية.
ويتابع: الورقة نفسها تتحدث عن ان الخسائر تصل الى 72 مليار دولار،
اي هناك مبلغ مقدر بنحو 12 مليار دولار نتيجة للخسائر التي قد تنتج عن توحيد سعر الصرف.
واذ يلفت الى انه في المطلق، مسودة خطة التعافي هي التي “تقضي”
على اموال المودعين، يؤكد الخبير الاقتصادي ان “الكابيتال كونترول” هو جزء
من خطة التعافي، لان صندوق النقد الدولي قبل “ضخ” الاموال
في الاقتصاد اللبناني عليه ان يضمن انها لن تُحول الى الخارج من جديد.
وفي هذا السياق، يرى الاخبير الاقتصادي ان معظم اللبنانيين لا يميزون بين
“خطة التعافي” و”الكابيتال كونترول”، معتبرا ان مشكلة الكابيتال كونترول
انه سيحول البلد الى نظام اشتراكي او شيوعي، لانه سيجمد كل شيء
على المستوى الاقتصادي، وسيحول دون تصرف الناس باموالها، بمعنى
آخر انه تجميد مطلق مع هامش حرية معطى للجنة خاصة مؤلفة
من وزير المال وحاكم المركزي وخبيرين اقتصاديين وقاض، بغض النظر عن الاعتراض على بعض اعضائها.
وينتقد الخبير طرح “الكابيتال كونترول” لمدة اربع سنوات، في حين
انه يكون عادة لسنتين قابلة للتجديد، لافتا الى ان المعلومات تؤكد ان صندوق النقد الدولي يريد “الكابيتال كونترول” باي ثمن،
لكن لا احد يعلم ما اذا كان الصندوق اعطى رأيه بنص المشروع المطروح
اليوم امام مجلس النواب. وهذا ايضا ما ينطبق على خطة التعافي التي
تسرق اموال المودعين واموال المصارف، بما يشبه عملية تأميم الاموال
الخاصة، وهذا الامر مخالف لمقدمة الدستور التي تنص على “النظام
الاقتصادي الحرّ الذي يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة” وهذا ما يؤكد قدسية الملكية الخاصة.
ويخلص الخبير الاقتصادي الى القول خطة الرئيس ميقاتي قاربت
الازمة بشكل سيء، كونها تغطي الخسائر من ودائع الناس بينما
يجب معالجة الخسائر بما يؤدي الى حماية الودائع، وهنا الفرق كبير على صعيد الاجراءات.