كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”:
تؤشر التطورات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والتحركات
الاحتجاجية المستجدة الى سباق محموم بين الانتخابات
النيابية وبين تأجيلها، فمن سيصل الى 15 أيار أولا..
على الصعيد الحكومي لا شيء يوحي بتأجيل الانتخابات،
حيث تبدو الحكومة ملتزمة بتطبيق بيانها الوزاري الذي تعهدت
فيه بإجراء هذا الاستحقاق بهدف إعادة تكوين السلطة من
جديد، وإستعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان، فيما تشكل
وزارة الداخلية “خلية نحل” لاستكمال كل الاجراءات الادارية
واللوجستية وتأمين كل المستلزمات المطلوبة للعملية
الانتخابية من أوراق وقرطاسية ومحابر.
وتقول المعلومات في هذا الاطار، أن وزارة الداخلية قامت
بفرز 16500 عنصرا أمنيا لمواكبة العملية الانتخابية في كل
المراكز في مختلف الدوائر، فضلا عن وضع اللمسات
الأخيرة على كل التحضيرات، وفتح الباب أمام اللوائح والمرشحين
لتقديم تصاريح المندوبين، ما يؤكد عدم وجود أية عراقيل
إدارية أو لوجستية على المستوى الحكومي أمام إتمام هذا الاستحقاق.
في المقابل، بات هناك ألف سبب وسبب لتأجيل الانتخابات،
من الوضع الأمني المتوتر سواء في طرابلس على خلفية الغضب الشعبي العارم بفعل غرق قارب الموت وبقاء عدد كبير من ركابه ضمنه على عمق نحو 400 مترا، حيث أعلن أهالي الضحايا أمس عن تنفيذ يوم غضب، والتهديد بأن “لا إنتخابات في طرابلس والجوار قبل إنتشال أبنائنا من قعر البحر”.
أو في بيروت، من الإشتباكات العنيفة في عائشة بكار والاشكالات المتنقلة، الى التصعيد الذي شهدته العاصمة أمس من قطع طرقات وإشعال دواليب وأعمال شغب وإطلاق نار كثيف في أحياء عدة، وصولا الى التصعيد الخطير الذي شهدته الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، فضلا عن التحركات التي بدأت تنشط في مختلف المدن اللبنانية إحتجاجا على الوضع المعيشي المتردي.
يضاف الى ذلك الأسباب اللوجستية لجهة الاحتجاجات التي تشهدها القطاعات المعنية بالانتخابات النيابية محليا وخارجيا، حيث أبلغ أربعون قاضيا المعنيين إعتذارهم عن ترؤس لجان القيد إعتراضا على البدل المالي الزهيد، فيما بدأ المعلمون اليوم إضرابا عاما، وهم كانوا هددوا قبل فترة بأن إضرابهم سيكون تحت شعار “لا إنتخابات ولا إمتحانات”، إضافة الى تهديد موظفي القطاع العام بالقيام بخطوات مماثلة، فضلا عن الاضراب الذي ينفذه السلك الدبلوماسي إحتجاجا على تأخر إقرار التشكيلات الدبلوماسية، وعدم تحويل روابتهم ومستحقاتهم من قبل مصرف لبنان للشهر الثالث على التوالي، وكذلك محاولة بعض البعثات الدبلوماسية المقربة من التيار الوطني الحر عرقلة هذه الانتخابات بحجة عدم توفر الكادر البشري والامكانات المالية، ما دفع بالقوات اللبنانية الى طرح الثقة بوزير الخارجية عبدالله بوحبيب، وقد بادر الرئيس نبيه بري الى الدعوة لعقد جلسة عامة
عند الثانية من بعد ظهر يوم غد الخميس في قصر الأونيسكو للنظر بهذا الطرح.
وما يزيد الطين بلة، هو المؤشرات حول الخطر الاجتماعي
والوضع المعيشي الضاغط، وأزمة الكهرباء،
والارتفاع المضطرد في سعر صرف الدولار، وسائر الأزمات
الأخرى التي بدأت تترجم تحركات غاضبة في الشارع
وهي ربما تكون مرشحة للتصعيد بتحفيز من بعض
المتضررين من إجراء هذه الانتخابات في 15 أيار.
تقول مصادر مواكبة: إن كل هذه الأجواء المتوترة
أمنيا وإجتماعيا ومعيشيا تتنافى مع ديمقراطية
الانتخابات التي من المفترض أن تجري في ظل إستقرار ولو كان نسبيا،
خصوصا أن ما تشهده البلاد قد ينعكس على مزاج
الناخبين الذين قد يختارون التصويت الانتقامي، أو المقاطعة.
وتسأل هذه المصادر: ماذا لو عُثر على عدد من جثث
مركب الموت يوم الانتخابات؟، وماذا ستكون ردة فعل
الأهالي؟، وكيف سينعكس ذلك على العملية الانتخابية في طرابلس،
خصوصا أن أكثرية أقلام الاقتراع تنتشر في
المناطق الشعبية المفجوعة بهذه الكارثة؟..