تبدو الاحداث متسارعة ومتعددة في الايام القليلة
المتبقية التي تفصل المواطن اللبناني عن موعد
الانتخابات النيابية في الخامس عشر من أيار،الذي بات الوصول
اليه بسلام وأمان يتطلب رفع الصلوات واضاءة الشموع واحراق البخور.
فرصاص الكلام المتنقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي
ومعها محطات التلفزة التي بات الدولار يقودها منفردا
دون اي ضوابط أخرى، قد يزيد من منسوب الهرج
والمرج في الساحة الانتخابية اللبنانية التي وعلى
الرغم من الأزمة الحادة تصر على ارتداء أبهى حللها.
ومن المتوقع ان يؤجج هذا الرصاص من حدة الصراع بين
مناصري الاحزاب دون ان تتمكن شظاياه من الوصول
الى المترددين والناقمين واللامبالين، وذلك ليس
لعدم الذكاء الظاهر صراحة في مختلف الحملات
الدعائية الانتخابية، انما ايضا لصعوبة
الواقع اللبناني، الذي ان لم يترجم
في صناديق أيار فانه سيظهر الى العلن
في اي مكان وزمان آخرين دون ادنى شك.
ووفقا لبعض المؤشرات، تبدو نسب النقمة واللامبلاة
في ارتفاع وتزايد على الرغم من اقتراب موعد الانتخابات،
وذلك على عكس ما توقعت غالبية الأحزاب والتيارات
ومعها قوى التغيير، الذين صرحوا في أكثر من مناسبة
ان الحماوة الانتخابية ستكون في الشهر الأخير،
اذ الناس ستعود خلاله الى صفوفها وترفع شعاراتها من جديد.
لكن وعلى ما يبدو، تسير رياح الواقع بما لا تشتهي سفن
التوقعات وشركات الاحصاءات المتنقلة بين المدن
والقرى محاولة جمع الحواصل من بيوت فارغة
من أدنى حواصل العيش اللائق والكريم.
لذلك، وفي مشهدية غريبة وغير تقليدية، تجد ان ادوات
الصلاة من البخور والشموع بالاضافة الى الطقوس
المتعددة، انتقلت هذه المرة من ساحات المواطنين الى ساحات
المرشحين الذين يلتمسون الصعوبة وجدية المعركة يوما بعد يوم.
فجميع المرشحين من التقليديين او التغييريين على حد
سواء، يجدون نفسهم امام ضرورة ملحة لتقديم النذورات
علها تشفع فيهم في زمن بات المواطن فيه غريبا عنهم وعن شعاراتهم.
والصلوات سترفع بشكل أساسي على نية عقدة العقد
التي تواجهها الأحزاب، والمتمثلة في اتساع المسافة
بينهم وبين جيل الشباب من الناخبين الممتدة اعمارهم بين الـ 21
والـ35 سنة، فهذه الفئة تحديدا تشكل هاجسا عند
مختلف رؤساء الأحزاب والتيارات من السياديين
وغير السياديين ومن مختلف الطوائف والاحزاب.
وهذا ما عبر عنه صراحة أكثر من رئيس حزب، اذ
ان جميعهم اتفقوا على اعتبار ان ما يحصل هو موجة
من الخجل يسيطر على عملية التواصل بين الأحزاب ونسبة كبيرة
من الشباب، نظرا لأن “الموضة” تفرض التغيير
والتوجه الى المجتمع المدني وشعاراته الرنانة والملونة.
وهنا يبدو هذا الكلام صائبا بنسب معينة، اذ ان عملية
غسل الأدمغة بصورة علنية او غير علنية مستمرة منذ
أكثر من سنتين ومتنقلة بين الساحات والاعلام
بشقيه التقليدي والحديث.
لكن، من جهة اخرى يبدو هذا الكلام منفصلا عن الواقع
وعن المشكلة العضوية التي وجد نفسه الشباب يدور في دوامتها.
فدوامة اليأس والبطالة والبلد المنهار على كافة الصعد
دفعت الشباب الى الابتعاد جسديا عبر الهجرة وفكريا
عبر البحث عن منصات جديدة تعيد الامل الى نفوسهم وشرايين حياتهم.
أما في ما يخض “التغييريين” ومشكلتهم مع هذه الفئة،
فمن الواضح ان الجيل الشاب يشعر بالخذلان التام من
مختلف مجموعات الثورة التي وبشكل سريع جدا تسربت
الى مكوناتها تقاليد وعادات تشبه أحزب السلطة الى حد بعيد جدا.