بالتوازي مع كل التحليلات السياسية، لا يمكن اعتبار ان ارتفاع
اسهم حصول الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها عائد
الى الضغوط والرغبة الدولية والاقليمية والى تجاوب القوى
المحلية مع هذه الرغبة، او مثلا بسبب احترام القوى السياسية
للمهل الدستورية وللحياة الديمقراطية في لبنان.
من اهم اسباب حصول الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها
هو ان القوى السياسية تجد ان لديها فرصة جدية لاعادة ترميم
واقعها الشعبي والنيابي واعادة تكريس شرعيتها عن
طريق الانتخابات، وهذه فرصة قد لا تعوض بعد سنوات من
الهجوم السياسي والاعلامي الذي تعرضت له من
قبل قوى المجتمع المدني بعد ثورة ١٧ تشرين.
تحتاج القوى السياسية التقليدية الى شرعية شعبية، لا
لأجل العودة الى الحكم مجددا فقط، بل لان القوى الخارجية ستستعيد ثقتها بها وبقدرتها على التعامل معها بعدما سعت في السنوات الماضية الى استبدالها بالقوى البديلة،
حتى باتت المساعدات الاجتماعية تسلم للجمعيات بدل السلطة السياسية او الاحزاب
حتى اليوم، وبحسب كل الاستطلاعات، لا يبدو المجتمع المدني
قادرا على تحقيق خزوق جدية في الدوائر الانتخابية، واكثر
المتفائلين يتحدث عن نائب اضافي الى جانب النائبة بولا يعقوبيان في دائرة بيروت الاولى ونائب في دائرة الشوف عاليه، اضافة الى نائب في دائرة الشمال الثالثة.
سيضاف هؤلاء النواب الى نواب الكتائب وبعض النواب المستقيلين الذين كانوا في الاصل نوابا في الانتخابات النيابية السابقة. هذه النتيجة لا تزعج الاحزاب السياسية، لا بل على
العكس. فهي ستساهم بشكل او بآخر بدعم حجتها التمثيلية
للشارع اللبنانية وستمكنها من استرجاع حيويتها السياسية المفقودة.
حتى مسألة انخفاض نسب الاقتراع لا تبدو واقعية، او
الاصح لن تكون بالحجم الذي تتمكن فيه قوى الاعتراض من
التشكيك في شرعية الاحزاب ، خصوصا ان اي مقاطعة شعبية للانتخابات في ظل مشاركة قوى الثورة فيها ستعني ان الرأي العام يحتج على قوى السلطة وعلى قوى التغيير معا.
في الشارع الشيعي يعمل حزب الله على رفع نسبة الاقتراع لتقترب من نسبة الانتخابات السابقة، في حين ان المنافسة الحامية في مختلف الدوائر المسيحية ستحافظ على نسبة اقتراع مقبولة، اما انخفاض نسبة الاقتراع في الشارع السني فستشير الى قوة تيار المستقبل لا الى ضعفه لانه يقاطع الانتخابات…
كل ذلك يعني ان القوى السياسية ليست متضررة من الانتخابات
بل قد تكون مستفيدة منها وهذا سيكون احد العوامل التي
ستساهم في حصول الاستحقاق النيابي في موعده.