لبنان يستخدم ورقة “جوكر”: مساعدات مالية والا…

بقلم بولا اسطيح – Alkalima Online

ليس مستغربا ان يسود اعتقاد في الداخل والخارج بأن لبنان المتهالك فقد كل الأوراق التي يمكن أن يلعبها لينتشل نفسه من البؤرة التي سقط سقوطا مدويا فيها. كما انه لا يمكن لوم من يتحدث عن تراجع لبنان الى أسفل سلم أولويات المجتمع الدولي المنهمك في ملفات أكثر تعقيدا وأهمية بالنسبة للساحة الدولية وابرزها الحرب على أوكرانيا والكباش الروسي- الاميركي – الاوروبي وتداعياته على العالم. لكن حكومة لبنان التي يفترض أنها منكبة على التحضير لانتخابات نيابية تجري بعد أيام في ظل أصعب أزمة مالية يشهدها البلد في تاريخه الحديث، قررت في توقيت حساس جدا اخراج ورقة “جوكر” من جيبها، لتلعبها بوجه المجتمع الدولي الذي أقل ما يقال عنه انه متخاذل في ملف النزوح السوري.

من دون سابق انذار رفعت الحكومة السقف من خلال اللجنة الوزارية المكلفة بحث موضوع النازحين السوريين التي تضم 7 وزراء، مهددة بفتح الحدود البحرية امام النازحين السوريين الراغبين بالتوجه الى دول اوروبا، في لحظة شديدة الدقة بالنسبة الى هذه الدول التي تستقبل موجة كبيرة من النازحين الأوكران، بحيث لا تجد نفسها متفرغة لموجة هائلة من المهاجرين تصلها عبر البحر من لبنان. اذ تدرك تماما انه وفي حال نفذ لبنان تهديداته، فلا شك ان راكبي “زوارق الهجرة” لن تقتصر على مليون ونصف سوري يتواجدون في البلد انما ستأتي أعداد كبيرة من سوريا اضافة للبنانيين كثيرين وفلسطينيين أكثر لن يترددوا بمشاركة السوريين هذه القوارب.

هذا التهديد ليس بجديد، فقد لجأ اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مرة من المرات خلال استقباله أحد المسؤولين الدوليين كما رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.

فعون يرفع الصوت في ملف النزوح منذ سنوات من دون أن يلقى

آذانا صاغية.أما الجديد اليوم فانضمام كل القوى السياسية لهذه

الحملة عبر الحكومة ما يعطي انطباعا انه بات هناك توافقا داخليا حول هذا الملف بعد

سنوات من الخلاف وشد الحبال لاعتبارات عدة. فمن كان من القوى

السياسية يناصر النازحين “انسانيا” وصل الى قناعة ان وضعهم بات

مماثلا لكثير من اللبنانيين اذا لم نقل أفضل باعتبار انهم يتلقون دفعات شهرية ب”الفريش دولار”.

اما من كان ينفذ اجندات دولية بربط العودة بالحل السياسي

فأيقن هو الآخر ان لا حل يلوح في الافق وان البلد قد يكون تحلل تماما حتى ذلك الوقت.

وبحسب المعلومات، قرر لبنان الرسمي استخدام ورقة الضغط هذه معتمدا

على عاملين اساسيين، حادثة غرق الزورق في طرابلس ما استرعى انتباه

دول العالم اضافة لانعقاد الدورة السادسة لمؤتمر دعم مستقبل

سوريا في بروكسيل في 9 و 10 أيار والذي يشارك فيه لبنان الذي يطمح للحصول على

مساعدات بـ”الفريش دولار” يستخدمها في مرحلة ما بعد الانتخابات

التي بات واضحا انها قد تشهد انفجارا اجتماعيا كبيرا نتيجة شح الاحتياطات في مصرف لبنان.

وسيطالب لبنان بالحصول على 3.2 مليار دولار لدعم النازحين السوريين

كما المجتمع اللبناني المضيف اضافة لآلاف اللاجئين الفلسطينيين الذي

نزحوا من سوريا خلال الحرب. ولا شك ان المعنيين يدركون تماما ان هذا

الرقم طموح جدا ولن يحصلوا الا على الفتات، الا انهم يتعاطون مع الامر وفق معادلة

“علّي سعرك لتحصل على مبلغ مقبول”. وتقول مصادر مطلعة على

الملف ان “الخطة اللبنانية باتت واضحة تماما، نستخدم حادثة طرابلس

لنذكر المجتمع الدولي بأن لبنان يضبط حدوده ويمنع الهجرة غير الشرعية منذ سنوات،

لكنه اليوم وصل الى مرحلة لم يعد يمتلك المقومات لمواصلة هذا الجهد،

اذ اشارت الحكومة بوضوح الى عدم القدرة على تأمين المازوت للقوارب

لمراقبة البحر. ويعتقد المعنيون ان ذلك من شأنه ان يجبر المجتمع الدولي

على التجاوب مع الطلبات المالية للبنان، وان كان بحدودها الدنيا”.

ولا شك انه ليس واضحا ما اذا كانت الحكومة قادرة على تنفيذ تهديداتها

في حال عدم التجاوب معها، نظرا لتعقيدات شتى تحيط بالموضوع، وابرزها

ادراكها ان خطوة مماثلة ستثير غضب المجتمع الدولي الذي سيقطع عنها

آخر أنبوب أوكسيجين، اضافة لعدم استعداد قيادة الجيش على الارجح السير

بخطة مماثلة لان ذلك سيغيظ واشنطن التي تواصل تقديم الدعم للمؤسسة وتدعم قائدها لرئاسة الجمهورية.

على كل الأحوال، يبقى الاقرار بأن التهديد اللبناني الحالي ون

كان تم بلغة دبلوماسية، خطوة ذكية نادرة تقوم بها الحكومة

التي تتحدث مصادرها عن تحريك لملف عودة النازحين الى سوريا المجمد منذ سنوات،

بعد الانتخابات النيابية. ليبقى السؤال، هل ستتمكن حكومة تصريف أعمال

يتوقع أنها ستواجه انفجارا اجتماعيا بعد الاستحقاق النيابي من التفرغ لمعالجة

ملف النزوح؟ وهل لديها اوراق جوكر جديدة تلعبها للضغط على المعنيين بحل هذه الأزمة؟

Exit mobile version